باتت المحاكم العسكرية المصرية تنظر قضايا مئات من المعارضين المدنيين، بينهم نساء وفتيات وقصّر، بسبب الانتماءات السياسية لهم، في سابقة تاريخية لم تشهدها مصر مسبقاً، وزادت وتيرة تلك الإجراءات، بعد إقرار قانون "حماية المنشآت"، والذي يتيح محاكمة المدنيين عسكرياً، لإيقاع أحكام قاسية عليهم. وتابعت منظمة هيومن رايتس مونيتور، آخر القضايا التي أحيلت للقضاء العسكري، والتي عرفت إعلامياً باسم "تخريب بني سويف"، سُجلت برقم 96 لسنة 2015 جنايات عسكرية غرب القاهرة، بعد إحالتها بتاريخ 25 مايو من الشهر الجاري إلى المحاكمة العسكرية، حيث كانت القضية، والتي اعتقل على ذمتها 100 شخص، ويتهم فيها كذلك 158 آخرين لم يقبض عليهم، وقيدت في دفاتر الدولة المصرية برقم 4570 لسنة 2013 إداري بندر بني سويف بتاريخ 20 من أغسطس من عام 2013. وبدأت أولى جلسات المحاكمة في تلك القضية في المحكمة العسكرية في الهايكستب، الإثنين الماضي بتاريخ 25 مايو، ليتم تأجيلها إلى بعد غد الإثنين 1 يونيو، ويحاكم في تلك القضية 258 شخصاً بينهم ستة برلمانيين سابقين في مجلسي النواب والشورى، وكذلك ثلاثة طلاب قصّر في المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى أكاديميين وأطباء ومهندسين ومعلمين، وذلك بتهم قتل ضباط وتعطيل الدستور وحرق منشآت عامة وأقسام شرطة، وغيرها من التهم. وتنظر تلك القضية أمام المحكمة ذاتها التي أصدرت حكماً جائراً بالإعدام بحق سبعة مدنيين ثبتت براءتهم في قضية "عرب شركس"، في أغسطس من العام الماضي، رغم أن المتهمين في القضية تم اعتقالهم قبل وقوع أحداث عرب شركس بفترات ما بين 4 أشهر وثلاثة أيام. الإضافة إلى انتهاك إحالة المدنيين في قضية "تخريب بني سويف" للمحاكمة العسكرية، فإن هؤلاء المعتقلين على ذمة القضية الجائرة تعرضوا لانتهاكات عدة خلال فترات اعتقالهم، فقد تعرض أغلبهم للتعذيب البدني بالضرب المبرح والصعق بالكهرباء، وتعرضوا كذلك للتعذيب النفسي، كما حرموا من إدخال الطعام ومستلزماتهم الخاصة، بالإضافة إلى تقصير إدارة السجن مدة الزيارة الأسبوعية لدقائق معدودة. كذلك تعنتت إدارة سجن الفيوم مع المحتجزين حالياً به في إدخال الأدوية، رغم أن عدداً من بين المعتقلين يواجهه إصابات صحية خطرة، من بينهم المعتقل "صلاح المتولي" الذي يعاني من مرضي الكبد الوبائي والسكر، ودخل في غيبوبة مؤخراً من دون محاولة إدارة السجن إسعافه أو نقله إلى مستشفى متخصصة. وكان قد سبق للمعتقلين في تلك القضية الدخول في إضراب عن دخول عنابرهم، بتاريخ 20 مايو الماضي، بسبب تواجد أعداد كبيرة منهم داخل عربة ترحيلات لتسع ساعات متصلة، وكذلك في إضراب مفتوح عن الطعام، استمر أسبوعين بدأ بتاريخ 28 مارس من عام 2014 بسبب المعاملة غير الآدمية لهم داخل مقر احتجازهم. وبدورها، طالبت المنظمة السلطات المصرية بضرورة إيقاف إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية بسبب انتماءاتهم السياسية، كما تنادي بمحاكمة المدنيين أمام دوائر مختصة نزيهة مع ضمان سير إجراءات عادلة ومنصفة للتقاضي. وقالت المنظمة إن الجريمة القضائية، غير المبررة من السلطات المصرية، بمحاكمة المدنيين عسكرياً، مخالفة للقوانين والأعراف الدولية التي وقّعت مصر عليها سابقاً، فبحسب المادة ال 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن الناس جميعاً سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، ومنشأة بحكم القانون. العربي الجديد