لم تفلح تونس وفق رأي المراقبين في تحقيق نمو جيد، رغم نجاح الانتقال السياسي وبروز متغيرات إيجابية لهبوط أسعار البترول عالميا وأسعار بعض المواد الأولية وانتعاش القطاع الفلاحي، فقد كشفت إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء عن تراجع نسبة النمو العام الماضي إلى 2.3% مقابل 2.4% سنة 2013، وهي نسبة اعتبرها اقتصاديون غير كافية لإصلاح الأوضاع. ويقول الاقتصادي عبد الجليل البدوي إن نسبة النمو المسجلة العام الماضي "ضعيفة، وغير قادرة على امتصاص البطالة أو دفع التنمية، خصوصا في المناطق المهمشة التي أشعلت الثورة". ويضيف للجزيرة نت أن الحكومة السابقة لم تكن قادرة على الاستفادة من التغيرات الإيجابية سيما انخفاض أسعار الخام وتراجع أسعار المواد الغذائية مثل الحبوب. ويقول إن الاقتصاد التونسي أظهر عدم قدرته أيضا على الاستفادة من نجاح الانتقال السياسي أو انتعاش الموسم الفلاحي الماضي، مما جعله يحقق نسبة نمو متدنية لا تتيح مواجهة مشاكل البلاد. وأرجع البدوي ضعف النمو إلى هشاشة الأوضاع الأمنية وتصاعد الاحتجاجات الشعبية والعمالية، مؤكدا أن ذلك خلق ضبابية لدى الفاعلين الاقتصاديين وجعلهم يترددون في التفكير بالاستثمار. البدوي: ضعف النمو بتونس راجع لهشاشة الوضع النمو وتصاعد الاحتجاجات (الجزيرة) مكبلات ومع أن الحكومة الجديدة أعلنت عزمها دفع النمو العام الجاري إلى حدود 4%، استبعد البدوي بلوغ تلك النسبة بسبب وجود مكبلات تعيق انتعاش الاقتصاد في ظرف قصير. وأضاف أن البلاد تواجه ظروفا لا تشجع على تحقيق نمو مرتفع بسبب توتر الأوضاع الأمنية والاجتماعية، واختلال التوازنات المالية العامة، وضعف المؤسسات البنكية، وتراجع أداء الشركات الخاصة وغيرها. ويرجع الاقتصادي معز الجودي ضعف نمو الاقتصاد التونسي العام الماضي إلى تراجع التجارة الخارجية -والتي تعد أحد محركات الاقتصاد- بسبب انخفاض حجم التصدير، مذكرا بارتفاع العجز التجاري العام الماضي إلى 13.7 مليار دينار (6.7 مليارات دولار). كما عزا الجودي انخفاض معدل النمو إلى وجود نقص فادح في الاستثمارات الأجنبية والمحلية بسبب غياب رؤية واضحة أمام المستثمرين، في ظل تباطؤ البرلمان في سنّ قانون جديد للاستثمار ووضع مخطط تنموي حديث. واستبعد أن تخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية في وقت قريب، لافتا إلى أن تحقيق نمو في حدود 4% العام الجاري "أمر مستحيل في ظل الصعوبات القائمة التي تواجه البلاد". الموارد وأوضح أن الحكومة تشكو صعوبة في تعبئة موارد كافية لنفقاتها بسبب ارتفاع المصاريف مثل الأجور، والتي ارتفعت بنحو 11.2 مليار دينار (5.6 مليارات دولار) وخدمات الدين بنحو 5.2 مليارات دينار (2.4 مليار دولار). الجودي: الحكومة تواجه صعوبات لتعبئة الموارد الكافية فتستدين بشكل أكبر (الجزيرة) ووفق الجودي فإن الحكومة الحالية تجد نفسها مجبرة على مواصلة سياسة الاستدانة للالتزام بتعهداتها المالية لدفع الأجور وتسديد ديونها وتغطية عمليات التوريد، لافتا إلى أن ذلك لا يخدم الاستثمار ولا التنمية. وأقر وزير المالية سليم شاكر بوجود صعوبة في تعبئة موارد مالية كافية، مؤكدا أن الحكومة الحالية ورثت عن سابقتها وضعا ماليا صعباً بسبب ارتفاع عجز الموازنة إلى 7%. الإصلاحات ويضيف الوزير للجزيرة نت أن الحكومة الحالية التي يقودها الحبيب الصيد واعية بصعوبة الوضع الاقتصادي الراهن، لكنها تأمل بإمكانية تحقيق نسبة نمو أفضل مقارنة بالعام الماضي. وكشف شاكر عن توجه حكومي للقيام بإصلاحات عميقة في شتى المجالات الاقتصادية، إضافة إلى صياغة قانون شامل للاستثمار، ووضع مخطط تنموي جديد، يمكنان من جذب الاستثمارات ودفع المشاريع. لكنه شدد بالمقابل على أن استعادة النشاط الاقتصادي يتطلب انكباب جميع الموظفين والعمال على عملهم، مشيرا إلى أن الاحتجاجات العمالية ستعقد الوضع المالي للدولة.