رفضت الحكومة السودانية مقترحًا مصريًا بعقد مؤتمر دولي تشارك فيه جميع الأطراف الدولية والإقليمية لمناقشة مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ، بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور. وجاء ذلك ردا على المقترح الذي توجه به أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري، في رسائل عاجلة إلى وزراء خارجية الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، وأعضاء مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، تضمنت رؤية مصرية لكيفية تجاوز أزمة السودان مع المحكمة الجنائية الدولية. وصرح السفير حسام زكي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أن رسائل أبو الغيط أكدت ضرورة التعامل الشامل مع التحديات التي تواجه السودان، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تشارك فيه جميع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، بهدف الاتفاق على رؤية مشتركة لكيفية مواجهة التحديات المختلفة التي تواجه السودان. وأضاف أن المؤتمر الدولي الذي دعا إليه أبو الغيط يجب أن يبحث "كيفية المواءمة بين الاعتبارات السياسية والقانونية في ضوء قرار المحكمة الجنائية الدولية" الأربعاء إصدار مذكرة توقيف بحق البشير. وأوضح أن "الموقف المصري أكد على أن أي حوار من هذا القبيل ينبغي أن تشارك فيه الحكومة السودانية بشكل مباشر"، وأن هذا الحوار "يجب أن يضع الحفاظ على استقرار السودان وسلامة شعبه هدفا استراتيجيا، وأن يخرج بخريطة طريق واضحة المعالم تتضمن التزامات تقابلها ضمانات على جميع الأطراف". وأكد المتحدث أن تنفيذ هذه الشروط سيؤدي إلى "فتح المجال لإعادة بناء الثقة وتوفر المناخ الملائم لاتخاذ مجلس الأمن للقرار السليم، الذي يضمن حماية مسيرة السلام في السودان". لكن الحكومة السودانية رفضت المقترح المصري، لأن عقد المؤتمر "يعني تدويل قضية السودان وأزمة دارفور"، وهو ما قالت إنها لن ترضى بها، وأضافت على لسان وزير الدولة الشئون الخارجية، علي كرتي في تصريح لفضائية "الجزيرة"، "إذا كانت هناك جهات محددة تسعى لتدويل هذا الشأن فالسودان لن يقبل بذلك". وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، قد ناقش مع الرئيس السوداني في الخرطوم كيفية التعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال موسى في تصريحات عقب اللقاء: "تحدثنا حول التعامل مع الأزمة القائمة، سواء عبر الوسائل القانونية أو السياسية"، مشيرًا إلى الاتصالات الدولية التي تجري حاليًا، والموقف المشترك للجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وأضاف: "سنستمر في جهودنا لاحتواء الأزمة، ونتعامل مع الإجراءات القانونية لوقف الاتهام، وفي نفس الوقت هناك إجراءات تجرى هنا في السودان"، واصفًا اللقاء بأنه كان صريحًا جدًا، وأن المنظمات الموجودة ستواصل عملها في دارفور في إطار الاتفاقيات التي تحكم عملها، أما المنظمات التي غادرت فتلك مرحلة انتهت. وحول مشاركة الرئيس السوداني في قمة الدوحة المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا الشهر، قال الأمين العام لجماعة الدول العربي "الكل مدعو وننتظر البشير"، مشيرا إلى الموقف العربي الموحد تجاه الأزمة. إلى ذلك، هدد الرئيس السوداني المنظمات غير الحكومية والدبلوماسيين الأجانب وقوات الأممالمتحدة المنتشرة في السودان بالطرد إذا لم يحترموا قوانين بلاده، بعد قراره طرد 13 من أكبر المنظمات غير الحكومية العاملة في دارفور. وقال أمام الآلاف من أنصاره في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور "أوجه رسالة لجميع البعثات الدبلوماسية والدبلوماسيين العاملين في السودان وقوات حفظ السلام الموجودة في السودان، أنهم إذا تجاوزوا حدودهم سنطردهم مباشرة". ومضى البشير في تحديه مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه، مؤكدا إن "المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ومدعيها وكل من يدعمها تحت جزمتي هذه"، وتابع "قالوا لنا إذا تركتم المنظمات (غير الحكومية) تعمل سنجمد المذكرة في مواجهة الرئيس، ولكننا رفضنا ذلك". وقال إنه رفض كذلك إقالة الوزير احمد هارون الذي اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور، ورفضت الخرطوم تسليمه.