عندما نقول إن مايك مولين قائد القوات الأميركية المشتركة لم يلامس اي شيء من الحقيقة, وهو يصف قواته بأنها تبني وتعمر في الدول التي تتواجد بها, فإننا ننقل ما يجري على ارض الواقع, فهذه القوات التي دمرت كل شيء في العراق, وعملت على تفكيك وتفتيت الدولة العراقية, وحاولت بكل الطرق اثارة الفتنة بين مكوناته, لم تقدم اي شيء للعراقيين, ومن نتائج وجودهم واحتلالهم للعراق, هو المجيء بأحزاب طائفية وعرقية ذات مطامح فردية وفئوية, وتعمل لمشاريع اقليمية, ولم تقدم اي شيء للعراق, كما ان هذا البلد الذي كان يعيش بأمان واستقرار تحول إلى جحيم لا يطاق, فعدد المهجرين داخل وخارج العراق تجاوز خمسة ملايين بين شيخ وامرأة وطفل, وبين محتاج ومعاق ويلتحف السماء, ولا يجد ما يقتات به وعائلته, وهناك اربع ملايين ارملة من اللاتي فقدن الازواج, وهناك ملايين اليتامى في عراق العهد الاميركي, كما ان كفاءات وعلماء العراق تعرضوا إلى عملية تصفية مرعبة على طريق برنامج اميركا بتهجير العراق من العلماء والاطباء والضباط والكفاءات والمثقفين, ونتج عن ذلك قتل الالاف منهم وخروج مئات الالاف من الكفاءات إلى خارج العراق. وجوه اخرى يجب ان يعرفها مايك مولين, فقد ارتكبت قواته ووحوشها مئات الالاف من الجرائم, وعندما يحيلون القلة النادرة منهم إلى القضاء لا تحكم عليهم محاكم اميركا الا بالعقوبات الخفيفة, وخير مثال على ذلك الذين ارتكبوا مجزرة حديثة والذين اغتصبوا عبير الجنابي من جنوده, الذين اقدموا على حرق جثتها وجثث عائلتها, ثم خرجوا دون اي عقوبات تتناسب وحجم الجريمة وبشاعتها, ومثل هذه القصص بالالاف. اما فضائح التعذيب فلن تقف عند حدود اقبية ومحاجر ابو غريب وما خرج منها منتصف عام 2004, إلى وسائل الاعلام, بل ان التعذيب الوحشي والبشع الذي تعرض له خيرة شباب العراق الرافض والمقاوم للاحتلال, قد حصل في الشوارع وفي بيوت المعتقلين اثناء عمليات الدهم, وفي الطرقات, يضاف إلى ذلك ما يجري حتى الان في المعتقلات الاميركية واماكن الاحتجاز. لا اعتقد ان ذاكرة العراقيين ستنسى هذا الحشد التراكمي الهائل من جرائم جيوشكم, وان هذه القصص الوحشية سيتناقلها العراقيون عبر الاجيال, كما يتناقلون قصص البطولة التي سطرها المقاومون والحقوا بكم هذه الهزيمة, التي ارغمت قائد الجيوش الاميركية للحديث بلغة تتوزع بين التوسع واستجداء الصفح, تحت يافطة الاعتراف بالخطأ, في حين هذا الخطأ, ينطوي على ابشع جرائم العصور والازمنة.