تنشغل الكثير من الدوائر والمؤسسات العراقية والدولية بموضوع ما يسمى بالاتفاقية الامنية طويلة الامد بين الادارة الاميركية والعراق ، لكن غالبية من يناقش ويتابع هذا الامر ، يتجاهل حقيقة في غاية الاهمية ، تتمثل بان الذين يتباحثون حول الاتفاقية المذكورة يمثلون طرفا واحدا فهم في دائرة واحدة ويتفقون على مشروع واحد هو مشروع الاحتلال الاميركي في العراق ، وليس هناك طرف يمثل العراق بالمعنى القانوني والسياسي والاجتماعي ، ولنبدأ من أهم التصريحات ، التي يطلقها يوميا المتحدثون باسم الحكومة والخارجية الحالية في العراق ، الذين قالوا كلاما طويلا عريضا منذ ان بدات الادارة الاميركية تطلق بالونات الاختبار حول هذه الاتفاقية ، ففي جميع هذه التصريحات تجد الجملة التي تقول (يجب المحافظة على سيادة العراق في هذه الاتفاقية وعدم التفريط بحقوقه) وهنا يتضح بجلاء ان القائمين على امر التفاوض الحالي من العراقيين، لا يمتلكون السيادة ، وهذا ما يعترف به هؤلاء انفسهم قبل غيرهم، وهم في واقع الامر يقرون بما هو موجود فعلا على ارض الواقع ، اي ان لا سيادة في العراق، وان كل ما يجري هو سيطرة وهيمنة امريكية على كل شي ، وما يتم طرحه والتباهي به لا يخرج عن اطار الخطاب الانشائي المفضوح ، لان التحرك العسكري والواقع الامني والسيطرة على الاجواء والقرارات الاقتصادية ، تتم وفق ارادة المسؤولين الاميركيين ، ابتداء من السفير الاميركي كروكر ومرورا بالقائد العسكري بترايوس وانتهاء بالمستشارين الاميركيين في الوزارات العراقية ، وفي واقع الحال هم الوزراء الفعليون الذين يديرون شؤون هذه الوزارات ، وهذا يؤكد الحقيقة التي اجبر المسؤولون الحاليون على الاقرار بها بملء افواههم ، وهم يتحدثون عن اهم اشتراطات الاتفاقية الامنية طويلة الامد مع الادارة الاميركية، و بتصريحاتهم تلك يتأكد الغياب التام لما يسمى بالسيادة، وما يقولوه من كلام هو محاولة لاثبات وطنية زائفة ،كما انهم يقعون بازدواجية الطرح والتناقض، والاعتراف بما كانوا ينكروه ، حيث يردد نفس المسؤولين باستمرار حصولهم على السيادة الكاملة وغير المنقوصة ، ثم يعترفون بان المرحلة المقبلة في ظل الاتفاقية الامنية المقبلة يجب ان تكون هناك سيادة للعراق ، وهنا يتضح التناقض بجلاء وتنكشف الاوراق ،وفي واقع الامر يعرف العراقيون حقيقة ما يجري في بلدهم ويعلمون ان لاسيادة على الاطلاق ، لكن عندما يأتي الاعتراف من الذين يتشدقون باطلاق الشعارات، دون ان يكون لها اي وجود على ارض الواقع ، فان ذلك يكشف الحقائق امام الجميع ، ولن يبقي على شيء في دائرة الابهام والضبابية،ومهما يتحدث الحكوميون عن حقوق العراق وموضوع السيادة في الاتفاقية، فهم يؤكدون ضياع حقوق العراقيين منذ بداية الاحتلال ، وان لا وجود لاي شكل من اشكال السيادة في العراق،وان هذا الكلام ليس باكثر من ذر الغبار في العيون،اما بالاجمال فانه ليس من حق الذين نصبهم المحتل ووضعهم على الكرسي في المنطقة الخضراء، ان يتفاوضوا حول اي شيء يخص مستقبل العراق ، وان العراقيين لن يقبلوا باي اتفاقية تبقي على المحتلين فوق اراضيهم ،هؤلاء الذين ارتكبوا ابشع الجرائم بحق تاريخ وحاضر ومستقبل العراق. كاتب عراقي