في البداية تكتمت السلطات العراقية على قضية وباء (اتش 1 ان1) ، وحاولت التهوين من الامر ، لان اولى علامات الفزع والهلع في المنطقة تململت في العراق ، وسارعت عشرات الالاف من العائلات العراقية الى البحث عن مصدات وأسوار تحميها من احتمالات الاصابة بوباء (اتش 1 ان1) ، واذا كانت بعض الدول العربية والاجنبية، تخشى من انتقال العدوى عن طريق الطلبة الدارسين في الولاياتالمتحدة، او بعض المسافرين، فان اعداد هؤلاء لايمثل الا نسبة ضئيلة جدا، قياسا بأعداد الذاهبين الى الولاياتالمتحدة من العراق والعائدين منها يوميا، وهنا لانتحدث عن عشرات الطلاب او مجموعة سياح في هذا البلد او ذاك ، اننا امام ارقام مهولة، فعدد الاميركيين الذين يتواجدون على الاراضي العراقية، يتجاوز الثلاثمائة وخمسين ألفا من جنود وضباط ورجال امن وعاملين في شركات الحماية والحراسة والاداريين والمقاولين، وهؤلاء في حركة متواصلة بين خطي بغداد والولاياتالمتحدة، ولايخضع هؤلاء الى اي نوع من الرقابة والفحص الطبي من قبل السلطات العراقية، ولايمكن السيطرة على اوضاعهم الصحية بصورة عامة، وتحديدا في مرض مثل (اتش 1 ان1). وجاء اعلان السلطات الصحية العراقية عن اصابة مايقرب من مائتي شخص بوباء (اتش 1 ان1) ، تحت سطوة معرفة الشارع العراقي بالحقيقة، والاقرار بان مصدر هذه الاصابات هو الجيش الاميركي ، وهذا ما اعترفت به صراحة السلطات العراقية في بيانها. ان التكتم على الاصابات بانفلونزا الخنازير، قد ساهم في تأجيل انتشار حالة الهلع بين العائلات العراقية، الا ان الامور الخطيرة، لايمكن ان تبقى سرا، ولهذا اخذت ظاهرة جديدة تبرز الى الواجهة في العراق، فبعد الاعلان عن هذه الاصابات بانفلونزا الخنازير، ظهرت اسرار الكثيرين، واضطرت الكثير من العائلات الى عدم استقبال افرادها من الذين يعملون ويتعاملون مع القوات الاميركية، خوفا من نقل العدوى اليهم، كما ان عائلات اخرى سارعت في وقت مبكر الى اجبار العاملين من افرادها مع قوات الاحتلال لقطع علاقتهم بهذه القوات. ومن كان يخفي علاقته بهذه القوات، اصبح مجبرا على الكشف عن هذه العلاقة بطريقة او باخرى، وهناك من يقبعون على السرير في المستشفيات، بعد ان اصابتهم العدوى من جنود الاحتلال، وهناك من يزداد الخوف والهلع في قلوبهم، وينتشر بسرعة بين افراد عائلاتهم ومعارفهم،وهم الذين كانوا يتكتمون على عمل هؤلاء مع قوات الاحتلال ، لكن الخطر الاميركي الكاسح اخرج الاسرار من تحت الوسادة،وكشف المستور،ولم يعد بالامكان انكار الحقائق. وللهلع والخوف انواع، ويكشف في بعض جوانبه حقيقة ومعدن الناس في الازمنة الصعبة.