خلافاً لما توصلت إليه صحيفة الواشنطن بوست، عندما رأت أن أميركا بحاجة الى رئيس يعمل بكلتا يديه، وجاء في التعليق على خلفية الحديث الواسع، الذي يدور في وسائل الإعلام عن الرئيس الأميركي القادم، وانه سيكون (أعسراً)، أذا فاز أوباما أو ماكين، أما الواقع فإنه يفرض على الرئيس الأميركي القادم أكثر من حمل ثقيل تركته إدارة الرئيس الحالي جورج دبليو بوش ، ويمكن تلمس أهم تلك الأثقال من طبيعة الخطاب الذي يسيطر على المرشحين للرئاسة الأميركية، فبدلاً من التركيز على خفض الضرائب التي تثقل كاهل المواطن الأميركي ، التي غالباً ما تطغى على أهم مفاصل خطب المرشحين أثناء حملات السباق الماراثوني للوصول الى البيت الأبيض، نجد أن خطابات أوباما وماكين مثقلة بالهموم الخارجية والداخلية، وإذا بدأنا من الداخل الأميركي، فنجد أن الارتفاع الهائل في الأسعار، ينعكس بصورة سلبية على جميع مفاصل الحياة في المجتمع الأميركي، وهناك ما يشبه الفوضى الخطيرة في الخدمات الأساسية، وعلى سبيل المثال ، فإن الحافلات التي تنقل التلاميذ إلى المدارس تستهلك يومياً مليار لتر من المحروقات، وبعد الارتفاع الهائل في أسعار النفط في الأسواق العالمية، وجدت الكثير من الأسر الأميركية، أنها غير قادرة على دفع الزيادات في الأسعار ، ورغم أن الصورة قد تبدو مختصرة، إلا أنها في الواقع تمثل معضلة حقيقية أمام العوائل الأميركية، ولهذا فان الرأي العام الأميركي بدأ يتساءل وللمرة الأولى عن جدوى الحرب على العراق، التي تصوروا أنها ستنعكس بصورة ايجابية على الاقتصاد الأميركي وأن السيطرة على النفط العراقي، يعني إغراق الأسواق الأميركية بالطاقة القادمة من العراق، ما ينعكس بإيجابية على مفاصل الاقتصاد، إلا أن الخبراء الاقتصاديين يتحدثون الآن عن كارثة حلت بأميركا والعالم، ويرجعون ذلك إلى غزو العراق من قبل الولاياتالمتحدة، ويقولون إن أسعار النفط قبل غزو العراق كانت تتراوح في حدود الخمسة والعشرين دولاراً للبرميل الواحد، أما اليوم فإن الأسعار قد تضاعفت ست مرات ومرشحة لمزيد من الارتفاع ، ماتسبب بارتباك اقتصادي دولي وارتفاع في الأسعار غير مسبوق في الأسواق العالمية. من الأثقال الخارجية الأخرى، هو ذلك الوجود العسكري في العراق وأفغانستان، والذي يعني ببساطة استمرار مسلسل عودة القتلى والمعاقين والمجانين الأميركيين من ساحة القتال أمام رجال المقاومة الأفغانية والعراقية، وهذا ثقل ليس بالسهل. من الأثقال الخطيرة هذا الانحدار الهائل في هيبة أميركا وسمعتها، بعد أن كشفت ممارساتها في العراق عن وحشية وإجرام لامثيل لها في العالم ، وانهارت هيبتها بسبب الهزائم الكبيرة أمام المقاومة العراقية كذلك في أفغانستان، وهناك الكراهية الواسعة، التي ازدادت في العالمين العربي والإسلامي للسياسة الأميركية، وهذا ثقل آخر. خلاصة القول، إن الرئيس المقبل ،لن يفلح في تخفيف هذه الأثقال ، حتى لو عمل بيديه ورجليه.