"ما زلت أقف على شواطئ لغة الضاد لكن بحب جمالها"، ليست مجرد تغريدة عبر حساب السفير البريطاني لدى مصر جون كاسن على "تويتر"، لكنها أعمق من ذلك بكثير فهي تلخص مدى عشقه للغة العربية، وأثارت تلك التغريدة وغيرها تساؤلات متابعيه: "من الذي يكتب تغريدات السفير البريطاني على تويتر؟". كاسن الذي عُيّن سفيرًا لدى القاهرة، بناءً على طلب قدّمه إلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عقب زيارته مصر في العام 2011، حيث رأى أنّ مصر دولة كبيرة تتغيّر وتتطوّر الأحداث فيها بشكل سريع ومُعقّد.
اللغة العربية بالنسبة للسفير البريطاني ليست هدفًا ولكنها وسيلة للتواصل مع المصريين، لأنه يدرك جيّدًا أنّ دور الدبلوماسي في القرن الحادي والعشرين لا يقتصر على الجلوس في الأماكن المغلقة أو داخل مكتبه في القنصلية أو السفارة فحسب، لذا عَمِل كاسن على تأليف ما يمكن وصفه ب"الخلطة سحرية" من اللغة العربية الفصحى ولغة مواقع التواصل الاجتماعي للتفاعل مع المصريين، وساعده ذلك على التفاعل مع الشارع المصري بشكل أفضل، ليس في الأحداث السياسية فقط، ولكن أيضًا في المناسبات الدينية ومشاركتهم الحديث حول أحوال الطقس وتعداد السكان.
تعلّم كاسن اللغة العربية في الجامعة الأردنية، فضلًا عن دراسته في جامعة الإسكندرية، لكنه لم يتأثر باللغة فحسب، بل أصبح مشجعًا لزعيم الثغر نادي الاتحاد السكندري، وأطلق هاشتاج "العب_يا_أخضر" عقب فوز النادي في إحدى مبارياته بالدوري، بالإضافة إلى تسوّقه في العديد من محال منطقة وسط البلد القريبة مع مقر السفارة البريطانية وظهوره في صور عدة يتفاعل مع المصريين في الشارع.
مستوى إتقان اللغة العربية لدى السفير البريطاني، ظهر بشكل جلي عندما كتب مقالًا بعنوان "عام على تويتر.. ما الذي تعلمته من التواصل مع المصريين؟"، كشف فيه عن أنّ وسائل التواصل الاجتماعي علّمته أن المصريين لديهم مواهب على الطراز العالمي في كل مجال يمكن تخيله، وبرهنوا له على رؤيتهم الجريئة وآرائهم القوية وصمودهم العظيم، وأنه تعرّف على خفة دم المصريين وقدرتهم على التعبير عن أنفسهم وشغفهم بتجديد مصر، وبرهنوا له أن لديهم مشاعر عميقة ورغبة في التواصل مع القلب كما مع العقل.
كاسن يؤمن بدور الشباب المصري في المجتمع وظهر ذلك واضحًا في التغريدة التي نشرها بتاريخ 30 أكتوبر الماضي، للإعلان عن منح "تشيفينينج" للحصول على درجة الماجستير من بريطانيا، وأوضح فيها أن المنحة تغطي تكاليف السفر والإقامة والمصروفات الدراسية، وأن آخر موعد للتقديم هو 3 نوفمبر، حيث غرّد "صحوا النوم يا شباب.. المنح تحب الخفية".
وبعد وصول عدد متابعي كاسن على "تويتر" إلى 39151 مستخدمًا، وكتابة 1025 تغريدة، أضحى الدبلوماسي الأول بين السفراء البريطانيين من حيث عدد المتابعين على "تويتر"، ما يؤكد نجاح "خلطة كاسن السحرية".