كل يوم ..يستيقظ المصريون أو ينامون على خبر اغتيال أحد ضباط أو أفراد الشرطة .. كل يوم شهيد جديد يدفع ثمن التصدى للأفكار الهدامة والمتطرفة .. كل يوم أصبح هناك واجب عزاء لابد ان يقدمه المصريون بعضهم لبعض وأصبحت موسيقى الشرطة الجنائزية لحنا يحفظه الأطفال وتقف له الشوارع والحارات حدادا وحزنا. التاريخ يعيد نفسه هى ادق عبارة ممكن ان تقال هذه الايام .. التاريخ يصر على ان يعيد نفسه ليذكرنا بالاغتيالات والخراب والدمار الذى تسبب فيه الاخوان الارهابيون على مر سنوات تاريخ مصر المعاصر بدء من لجوئهم لقوائم الاغتيال وحتى حريق القاهرة الشهير ايام الملك فاروق الذين أرادوا ان يعيدوا نفس السيناريو المظلم بخطة الارض المحترقة التى اجهضتها الداخلية ابان ثورة 30 يونيو المجيده التى عزلت رئيس الجماعه محمد مرسى من على كرسى حكم مصر واجبرته للمثول امام المحكمة بتهمة التخابر على بلاده فى سابقه الاولى من نوعها فى تاريخ مصر ان لم يكن فى تاريخ العالم. الغاية تبرر الوسيلة... شعار الجماعه منذ انشائها الذى ظهر جليا فى الاحداث الاخيرة عقب ثورة 30يونيو فلم يكن مهما لديهم الوطن بل السلطة ولم يكن مهما لهم الشعب بل الحكم ولم يكن مهما لهم الإصلاح بدليل انهم عاثوا فى مصر خرابا ودمارا وحرقا وقتلا واخيرا احلوا دماء رجال الامن .. يتوالى سقوط الشهداء لتعيش قصصهم وحكاياهم ويخلدون بالفخر والبطولة ويذهب قاتلهم الى مزابل التاريخ مصحوبا باللعنات ودعاء الامهات الثكلى والايتام والارامل الذى سيحاسب به يوم القيامة. اغتيالات الاغتيالات كانت الوسيلة التى اختارتها الجماعة منذ سنوات تكوينها والغريب انها لم تقتل اجنبيا معتديا انما توجهت الى قتل مصريين مسلمين لمجرد انهم اختلفوا معهم فى الرأى او استطاعوا بحكم وظيفتهم ان يجمعوا أدلة تدين الجماعة وقياداتها كالقاضى احمد الخازندار. سجل الجماعة مسطر بالدم وقوائم الاغتيالات مازالت تزداد بها الاسماء وكله باسم الشرع الذى تبرأ منهم بآياته وسننه ... «النهار «تفتح ذاكرة التاريخ فالاغتيالات التى نشهدها اليوم وفى المستقبل شهدناها بالأمس مع اختلاف الاشخاص والتوجهات .. ربما تعيد الكثير من الوقائع التى نشهدها اليوم الى ذاكرتنا عصر العنف الاسلامى الذى تبنته الجماعة الارهابية متخذة من الاغتيالات والارهاب الاسود وسيلة فى صراعهم ضد كل الانظمة السابقة بحجة تطبيق «الشريعة». الإخوان الإرهابيون فى عام 1928 ولدت جماعة الإخوان من رحم افكار ظاهرها الرحمة وباطنها الدمار والخراب .. اسسها حسن البنا المدرس الذى انتقل فى عدد من المحافظات لإنشاء خلايا لجماعتة الجديدة وظلت محمودة الحركة حتى فترة الخمسينات عندما بدأت فى مرحلة الاغتيالات تارة بمباركة القصر وتارة بمباركة الاحتلال الانجليزي. أشهر تلك الاغتيالات كان فى فبراير 1945 عندما كان احمد باشا ماهر رئيس الوزراء متوجها لمجلس النواب لإلقاء بيان واثناء مروره قام محمود العيسوى بإطلاق الرصاص عليه وقتله فى الحال وبعدها القى القبض على البنا والسكرى ومحمد عابدين ولكن افرج عنهم بعد ان ادلى العيسوى باعترافاته بأنه ينتمى للحزب الوطنى غير ان التاريخ يعيد تصحيح المسار عندما اعترف الباقورى فى شهادته فى مذكراته التى سردها فى كتابه الشهير «بقايا ذكريات» التى تثبت انتماء قاتل ماهر باشا الى جماعة الاخوان الذين قرروا الانتقام من احمد ماهر بعد اسقاط انتخابات الدائرة بالإسماعيلية. لا احد نسى عام 1948 الذى بدأ باغتيال القاضى الشهير احمد الخازندار الذى تولى ملف قضية سينما مترو واستطاع ان يجمع ادلة تثبت تورط الجماعة فى تفجيرها وقتل مئات الأبرياء لتغتاله الجماعه امام منزله فى 22 مارس حيث قام شابان هما محمود زينهم وحسن عبد الحافظ سكرتير حسن البنا بقتله وألقى القبض مرة اخرى على البنا على خلفية اغتيال الخازندار الا انه سرعان ما افرج عنه لعدم كفاية الأدلة. فى مذكرات الدكتور عبد العزيز كامل عضو ما كان يطلق عليه النظام الخاص للأخوان وهم كانوا افرادا لا يعرفهم الا القليلون من اعضاء التنظيم العام وكان كامل وزيراً للأوقاف ان فى اليوم التالى لواقعة الخازندار عقد البنا اجتماعا وكان متوترا للغاية وكذلك عبد الرحمن السندى ذراعه اليمنى ونائبه والذى قال «انا قلت لو حد يخلصنا من الخازندار .. لو ربنا يخلصنا منه .. لكن مدتش تعليمات صريحة ففهم عبد الرحمن السندى كلماتى التى لم تتخط حدود الامنية على انها امر وفوجئت بالتنفيذ وصلى البنا العشاء وسقطت منه ركعة سهوا وكانت المرة الاولى التى يرى فيها اعضاء التنظيم الامام متوترا ساهيا فى صلاته وحدثت مشاده بينه وبين السندي. لم تكن الادلة متوافرة للحكومة بأن الجماعة التى بدأت بمبادئ اجتماعيه محموده لها دخل بالقتل والدمار الذى شاع فى الدولة وقتها وفى 15 نوفمبر عام 1948 القى القبض على مججموعة يحاولون نقل اوراق ومتفجرات واسلحه من شقه فى شارع المحمدى بالمعادى الى شقه بالعباسية من خلال تخبئتها فى سيارة تم الاشتباه بها فيما عرف بقضية السيارة الجيب والتى اتخذ بعدها النقراشى قراراه الشهير بحل جماعة الإخوان واعتقال اعضائها وتأميم ممتلكاتهم بعد انكشاف امر التنظيم الخاص وانتهى الامر باغتيال النقراشي. كواليس كانت الساعة التاسعة والنصف عندما تحرك ضابط برتبة ملازم اول فى فى الطابق الاول بمبنى وزارة الداخلية وعندما رأى النقراشى قادما باتجاه الأسانسير اطلق عليه ثلاث رصاصات قاتلة وحول كواليس الجريمة قال رواد المقهى الشهير الذى تواجد بالقرب من مقر الوزارة ان الضابط المزيف عرف باسم حسنى افندى وانه تلقى مكالمة من مجهول قبل الحادث بعشرين دقيقة بان النقراشى باشا اقترب وصوله وبالتحقيقات ظهر ان اسم القاتل الحقيقى هو احمد حسن طالب بكلية الطب البيطرى وينتمى للجماعة وقال القاتل فى التحقيقات»اعترف بقتله لأنه احل الجماعة ومن حلها هدم الدين « وكان فكر «مسح العقول» متوارثاً الى الآن. السيد فايز مهندس ومقاول انضم للإخوان واثبت ولاءه لهم فضمه البنا للتنظيم الخاص وبعد قضية السيارة الجيب الشهيرة وقرارات النقراشى قبض على معظم القيادات فتولى فايز شأن التنظيم الخاص الا انه دخل فى معترك مع السندى الذى كان يميل فكره مع العنف وولاؤه الهضيبى امر التنظيم السرى عندما تولى شأن الجماعه وفى 20 نوفمبر 1953 وصل الى بيت المهندس فايز علبة مملوءة بالمتفجرات على شكل هدية علبة مولد النبوى وعندما فتحها انفجرت لتقتله هو وشقيقه ذى التسع سنوات وطفلة كانت تمر بالصدفة اسفل منزله وبعدها باسبوع تقريب فصلت الجماعه السندى وعضوين اخرين دون ابداء اسباب واضحة! وتوالت الاغتيالات ففى 6 اكتوبر عام 1981 واثناء احتفالات مصر بأعياد النصر اغتالت الجماعه الرئيس الراحل انور السادات فى حادث المنصة الشهير حيث قام الجناح العسكرى بقيادة الملازم اول خالد الاسلامبولى وبصحبته زملاؤه عبد الحميد عبد السلام الضابط السابق بالجيش المصرى والرقيب متطوع والقناص حسين عباس محمد الذى اطلق الرصاصة الاولى والقاتلة والملازم اول عطا الطايل حميدة بقتل الرئيس السادات. أحزان بعد الحادث الأليم وسقوط مصر فى بئر من الاحزان لم تفق منه بعد وبعد يومين تحديدا فى 8 اكتوبر قاما الجناح العسكرى بقيادة عاصم درباله وكرم زهدى وعصام درباله وناجح ابراهيم بقتل 118 جندى امن مركزى وعدد من قيادات مديرية امن اسيوط فيما عرف بقضية التنظيم الجهادى الشهيرة وحكم عليهم فيها بالمؤبد وكانوا يطمحون فى احتلال مديرية امن اسيوط والانفصال بصعيد مصر او هكذا صور لهم خيالهم المريض. ينسب للجماعه قتلها للكاتب والمفكر الاسلامى الكبير فرج فودة الذى حلل مصيرهم وعدد كبير من قيادات الشرطة ومسئولى الحكومة كالوزير رفعت المحجوب. مبارك فى عام 1995 قامت مجموعه تابعة لهم بمحاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى اديس بابا 17وفى نوفمبر 1997 قتلت الجماعة 58 سائحا أغلبهم سويسريون فى حادثة الدير البحرى الشهيرة او فيما عرفت بمذبحة الاقصر حيث هاجم 6 مسلحين متنكرين فى زى رجال امن مجموعة من السياح تواجدوا فى معبد حتشبسوت البحري. وفى ذات العام اعلن قادة الجماعة من داخل محبسهم «مبادرة لوقف العنف» ونتيجة لعملياتهم الارهابية قوبلت المبادرة من قبل الحكومة والشعب بالرفض مما جعلهم ينتقمون بسلسلة كبيرة من الانفجارات حتى استطاع الامن الوطنى ان يحكم قبضته لفترة عليهم. جاءت ثورة يناير واندس الاخوان ليركبوها باسم الشرعيه والدين ونجحوا فى تولى الحكم وبعدها فوجئ المصريون بحادث اغتيال 25 من جنود الجيش على حدود مصر والقضية التى مازالت لغزا رغم اشارات الكثيرين بأنهم استخدموا دم الجنود الابرياء الصائمين فى رمضان وسيلة للإطاحة بطنطاوى وعنان ومن وزارة الدفاع. أبو شقرة توالت الاغتيالات لضباط بارزين كان أشهرهم محمد ابو شقرة ضابط الامن الوطنى الذى تولى مع زملائه ملف الضباط المختطفين فى سيناء واشيع انه توصل الى ادانة الاخوان وحماس باختطافهم فقتلوه. بعد ثورة يونيو المجيدة نفذ الاخوان تهديداتهم بالحرق والقتل غير مبالين بالوطن او المصريين كل ما كان يهمهم الحكم وانطلقوا يشيعون الفساد فقتلوا الكثير من الشهداء ابرزهم شهد الصحافة الحسينى ابو ضيف وزرعوا الكثير من القنابل فى الاراضى المصرية على مستوى المحافظات لولا جهود رجال الداخلية لنجحت خطة «الارض المحترقة» التى وضعوها لارباك المصريين واخافتهم وهو ماجعل بينهم وبين الداخلية ثأرا احل دم رجالها من وجهة نظرهم. المبروك توالت الاغتيالات للبدلة الميرى باستهداف الضباط والامناء والافراد وكان ابرزهم اغتيال المقدم الشهيد محمد المبروك ضابط الامن الوطنى الذى اودت شهادته بمرسى خلف القضبان بعد ان قدم الادلة التى تثبت ادانة مرسى بالتخابر وبعده عدد من الشهداء كان ابرزهم اللواء محمد سعيد مساعد الوزير الذى اغتيل امام منزله بالهرم وشهداء كرداسه واغتيال اللواء نبيل اثناء عملية الفض واخيرا اغتيال المقدم محمد عيد ضابط الامن الوطنى بالشرقية وهى المحافظة الموجودة على خط النار وبها مسقط رأس المعزول وعدد كبير من قيادات التنظيم الإرهابى والتى مازالت تشهد الكثير من حوادث الاغتيالات.