من التصريحات المسجلة صوتيا للمعزول محمد مرسى ، والحوارات التى دارت بينه وبين محاميه د.سليم العوا، ومصطلحاته التى استخدمها كلها تكشف عن اضطراب فى شخصية الرجل، بحسب كل الخبراء والمحللين النفسيين الذين استمعوا إليها، وبرغم أن تصريحاته أثارت سخرية كثيرين منه، فإنها فى الوقت ذاته اتسقت مع ما كان يردده وهو فى الحكم، من حديث يثير الضحك والسخرية أكثر ما يثير الهيبة والاحترام. «حالة تخريف وخلل ذهنى وعقلى واضح، فكلماته تحتاج لترجمة، وأداؤه الانفعالى مهتز».. ملخص تحليل نفسى لشخص غريب يمر بمعاناة، بحسب د.يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، حيث اعتبر «عبدالمحسن» أن التسجيلات حملت كثيرا من طباع المعزول ونقاط ضعفه، بدت واضحة فى عدم ذكره رتبة المشير فى حديثه عن عبدالفتاح السيسى، وهو ما فسره «عبدالمحسن» بأنه «بينكر عليه رتبته العسكرية، وبهذا يشعر مرسى أنه يُقلل من شأن السيسى بعدم الاعتراف به من الأساس، وهذا يوضح أنه ما زال لم يتخيل أنه من الممكن أن يصبح رئيسه أو أعلى من المكانة الرئاسية والاجتماعية التى يشعر مرسى أنه ما زال يتمتع بها»، يدلل «عبدالمحسن» على ذلك قائلا: «لما سليم العوا قال له إن السيسى صوره ملت الشوارع والناس بتحبه، رد عليه مرسى متسائلاً هو أصلاً عايز يبقى رئيس فعلاً ولا إيه؟، الرد كان يستوجب نطق اسم السيسى أو على الأقل رتبته، لكنه تعمد عدم نطقهما للتقليل من قيمته وإنكار مكانته الشعبية وعدم الاعتراف أنه فى قلوب الجماهير، فهذا نوع من أنواع الثأر أو الانتقام لأن طبعاً فيه كراهية بداخله من ناحية السيسى كلما كشف أمام نفسه أنه السبب الرئيسى فى عزله». يؤكد «عبدالمحسن» أن كلمة «أقدر أعيش» التى رددها المعزول فى التسجيلات مع محاميه، حين كان يطلب وضع أموال له فى أمانات السجن، تعكس غرضا آخر غير المفهوم الطبيعى لها، فاحتياجه للنقود داخل السجن ليس الغرض منه كأى سجين شراء طعام أو سجائر، لأن «مرسى» يأكل فى السجن أحسن أكل، فوراء هذه الكلمة أعتقد أنها لاستغلال ضعاف النفس داخل السجن ليقدموا له خدمات غير مشروعة، فمثلاً «يوصلوا جواب لحد من قياداته فى الخارج أو توفير تليفون عشان يعرف يكلم الناس اللى مش عارف يشوفهم خارج السجن». وأضاف «عبدالمحسن»: مرسى يشعر بالعزلة، سواء فى سجنه أو فى محاكمته، والقفص الزجاجى زاد من هذه العزلة، مما أوصله لدرجة فقدان التوازن النفسى والسيطرة على النفس، بدليل هياجه فى المحكمة عندما وجد نفسه داخل الزجاج، لأنه يحجب عليه ويقطع الطريق بظهور صورته أو غضبه بصورة فوضوية واضحة، حتى يثير الرأى العام، وأيضاً ما وراء طلبه فى إزالة القفص الزجاجى لتوصيل رسائل خادعة وكاذبة لوكالات الأنباء العالمية، وفى الوقت نفسه عشان يفسد جو المحاكمة زى ما عمل فى أول جلسه، ولأن القفص يجعله غير قادر على إرسال إشارات معينة إلى الإخوان تعمل على الشوشرة وثورة غضب أمام المحكمة من أنصاره، ولكى يجذب عطف الناس التى تتواطأ معه ويقدر أن يتواصل مع الحاضرين. لا يرى «عبدالمحسن» أى اختلاف بين علماء النفس فى تحليل الشخصية الإخوانية، فهذه الشخصية تمتاز بالتركيز حول الذات وتضخيمها، وتلجأ إلى تصغير الآخرين واحتقارهم لأى شىء، و«مرسى» لا يختلف عن هؤلاء، وسؤاله عن أحوال مصر وجماعته الذى جاء بعد طلباته إزالة القفص الزجاجى ووضع نقود فى حسابه، وهذا يدل على أنه لا يهمه أى حاجة إلا «مرسى» وبس: «فى حديثه جاب سيرة حفيده فى الآخر خالص ومش هو اللى سأل، ده العوا هو اللى قال له إن ابنه جاب ولد وسماه على اسمه بالرغم أن مفيش حد من أهله فى الوقت ده بيزوره». ويؤكد «عبدالمحسن» أن رد المعزول على محاميه حين سأله «هو عايز يبقى رئيس فعلاً؟» فى إشارة إلى «السيسى» يعنى أنه أصيب بفقدان البصيرة، وهذا يسمى فى علم النفس «الانسلاخ من الواقع»، لذلك حاول أن يبتعد عن الواقع ولا يحسم الأمور بعقلية تتناسب مع منطق الأمور، لذلك فهو خارج دائرة ما ترفضه الظروف حالياً، فما زال متعلقا بأوهام لا تمت للحقيقة بصلة، بأنه الرئيس الشرعى ومن المستحيل أن يأتى مكانه رئيس آخر، وبالأخص المشير السيسى طبعاً بعد الكره اللى فى قلبه من ناحيته بعد عزله ووقوفه مع الشعب ضده، لذلك لم يستوعب أن «السيسى» هييجى يوم ويكون مكانه وتبقى البلد كويسة. مضيفا: «اللى بيمر بيه مرسى دلوقتى بنسميه فى علم النفس خطرفة، فقدرته على التركيز قلت بسبب الأحداث المتلاحقة والتوتر الذى يعيش فيه، من غيابه المرئى وكشفه أمام نفسه لحقيقة وضعه جعلته ميحسبش أى تواريخ ولا يفتكر حاجة تخص مواعيد محاكمته، فضلا عن كونه يمر بحالة اكتئاب شديد، وإصراره كل ما حد يسأله عن حاله ورده أنه كويس جداً بيعكس حقيقة حالته من داخله، فيجعله لم يحسب الأمور، وحين قال لمحاميه «إذا الانقلاب استمر.. فلا قيمة لكل هذه المحاكمات، وإذا الانقلاب انقلب.. فلا قيمة لها أيضاًً» مجرد محاولة لتأكيد أن المحاكمات باطلة، لأنه لا يعترف بثورة 30 يونيو مثل الإخوان، ويرى أنه لا يوجد ثورة حقيقية ولا شرعية للحكومة الحالية، وما زال يعيش فى وهم أن الذى يعيشه انقلاب.