أتابع ككل المصريين أو أغلبهم ما يجري بخصوص الانتخابات الرئاسية التي لم يعد يفصلنا عنها سوي عدة أيام وأحاول أثناء هذه المتابعة التركيز علي ما يعرف بالبرنامج الانتخابي لكل مرشح علي فرض أن أيا منهم لو فاز في هذه الانتخابات فلسوف يلتزم بهذا البرنامج الذي أعلنه مع علمي التام أن الرئيس أي رئيس مهما كانت صلاحياته الدستورية أو حتي العرفية لا يعمل في فراغ بحيث يكون حراً تماما في تنفيذ ما يراه حيث هناك فرق كبير بين الأقوال والافعال وبين النظرية والتطبيق وبين الاهداف والامكانيات. كما أن هناك سلطات أخري وقوي سياسية واجتماعية وتأثيرات وتدخلات اقليمية ومحلية تؤثر لا محالة فيما يحدث. ومع كل هذه التحفظات الموضوعية وبعد رحلة طويلة ومضنية في دراسة العلن من البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة وعلي ضوء ما تنشره وسائل الإعلام المختلفة من حوارات ومناظرات وتصريحات وتحليلات واستطلاعات للرأي يمكنني القول باطمئنان شديد أن جل إن لم يكن كل البرامج مجرد "مقولات عامة" و"صياغات انشائية" تفتقد جزئيا أو كليا لأهم مقومات ما يعرف بالبرنامج المفترض فيه ان يحدد فلسفة عامة واهدافا محددة وآليات لتنفيذ هذه الاهداف علي أساس جدول زمني محدد كأي خطة علمية وعملية في أي مجال آخر. لذلك أتمني أن يحاول السادة المرشحون لهذا المنصب الجليل خلال الفترة المقبلة أن يقتربوا ببرامجهم علي وضعها الحالي من مفهوم البرنامج بالمقاييس العلمية وعدم الاكتفاء بمحاولة استغلال "الاستقطاب" الحاد الذي يعاني منه مجتمعنا المصري بعد الثورة بين الفضائيات المختلفة مثل الاسلامي والعلماني أو الديني والدنيوي ومثل الفلوليين والثوريين والرأسماليين والاشتراكيين والديمقراطيين أو الليبراليين من ناحية والدكتاتوريين والسلطويين من ناحية أخري وهكذا. لأن استخدام هذا الاستقطاب لحشد المؤيدين والاصوات الانتخابية لحساب هذا أو ذاك يؤدي تلقائيا إلي استمرار الانقسام المجتمعي وضياع القيم المشتركة التي تؤسس المجتمعات اصلا علي مثلها. هل يحاول المرشحون ذلك وهل يحاول الناخبون كذلك ان يختاروا علي هذا الاساس ولو علي سبيل التجربة والتدريب؟! مجرد سؤال ستجيب عنه الايام.