لم يكن غريباً.. أن تحتدم الأزمة بين مصر والولاياتالمتحدة عقب قيام السلطات المصرية بمنع سفر بعض الأمريكيين لاتهامهم بالتورط في تمويل غير قانوني لمنظمات مصرية تسعي لنشر الفوضي! ولم يكن مستغرباً من واشنطن أن تستشيط غضباً وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور. إذا لم تفرج مصر عن هؤلاء "الناشطين" الأمريكيين الذين يقال إنهم يروجون للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وهم لا يمتون بأدني صلة لهذه الكليشيهات والمصطلحات البراقة التي صدعتنا بها أمريكا وأبواق دعايتها الكاذبة والمضللة! لقد كشف الكاتب الأمريكي مارك ويزبروت. وهو مدير مساعد مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية في واشنطن دي سي بالولاياتالمتحدة. في مقال نشرته صحيفة الجارديان البريطانية علي موقعها بالإنترنت. عن حقائق مذهلة حول أعضاء منظمتي "المعهد الجمهوري الدولي" التابع للحزب الجمهوري الأمريكي و"المعهد الوطني الديمقراطي" التابع للحزب الديمقراطي الأمريكي والذين منعتهم مصر من مغادرة القاهرة علي ذمة القضية! يؤكد المقال علي موقع الجارديان في 31 يناير الماضي.. أن هذين المعهدين يتلقيان التمويل من منظمة تسمي "الصندوق الوطني لنشر الديمقراطية" وهذه المنظمة تقوم بتنفيذ أنشطة وبرامج. بتمويل سري من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي. آي. إيه"!! ويسرد الكاتب دور "المعهد الجمهوري الدولي" في المؤامرات الأمريكية التي تم تنفيذها في العديد من دول العالم سواء في البرازيل أو فنزويلا أو هندوراس وكيف قام بدعم الانقلابات العسكرية في هذه الدول وإضفاء الشرعية عليها. رغم أن كل ذلك ضد الديمقراطية.. والسبب هو أن الحكومات المنتجة ديمقراطياو التي كانت قائمة في هذه الدول لم تكن تنصاع لرغبات الولاياتالمتحدة وسياساتها! ولاشك أن القاصي والداني يعلمان كيف وقفت الولاياتالمتحدة إلي جانب الحكم الاستبدادي لنظام مبارك حتي آخر لحظة إلي أن ثبت لها أن الاحتجاجات الشعبية أقوي من أن تمنعها أمريكا أو تقف حائلاً دونها! ويقول الكاتب الأمريكي: إن هذه المنظمات. أحياناً ما تدعم الديمقراطية. لكنها غالباً ما لا تفعل ذلك. بل حتي تقف ضدها.. ليس لأنها منظمات شريرة. ولكن لأن حكومة الولاياتالمتحدة خلافاً لأية حكومة أخري في العالم تدير امبراطورية عالمية. وعليها أن تفرض سلطتها وسيطرتها علي شعوب تقيم في أراض مترامية الأطراف ولا شك أن الأهداف الأمريكية تصطدم مع تطلعات هذه الشعوب ورغبتها في استقلالية القرار الوطني. وينتقد الكاتب انعدام الوعي داخل الإدارة الأمريكية بأن المنظمات التي تتلقي تمويلاً أمريكياً تكون منعدمة المصداقية علي مستوي العالم كله وليس علي المستوي المحلي فقط. وهذا الأمر ينطبق حتي علي المنظمات التي لا تظهر عداءً صريحاً للديمقراطية. ما دامت تتلقي تمويلاً أمريكياً! ثم ينتهي الكاتب إلي القول إن ما تنفقه الإدارة الأمريكية علي تمويل هذه المنظمات يمكن استقطاعه من الميزانية الفيدرالية في إطار ضغط الانفاق الحكومي بالولاياتالمتحدة وسد العجز في الموازنه ! وما سبق.. يمكن أن يفسر سر هياج "الثور الأمريكي" والانتفاضة الأمريكية الحالية ضد مصر بدءاً من الرئيس أوباما مروراً بوزارة الخارجية والكونجرس.. وحتي أقل عالم في أصغر مغسلة ملابس في الولاياتالمتحدة بعد احتجاز "عملاء المخابرات المركزية الأمريكية "في مصر..!! ** أفكار مضغوطة: إن لم تفهم صمتي.. فمن المستحيل أن تفهم كلامي..!!