عيار 21 الآن بعد الارتفاع.. سعر الذهب اليوم السبت 6-7-2024 بالصاغة ( تحديث جديد ومباشر)    أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 6-7-2024 في قنا    أسعار اللحوم الضاني اليوم السبت 6-7-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    أسعار الجمبري والكابوريا اليوم السبت 6-7-2024 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: شهيدان وعدد من المصابين جراء قصف منزل بدير البلح وسط غزة    لأول مرة.. نائب ديمقراطي يدعو بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي    «يا وجع قلبي عليك».. عمر كمال عبد الواحد يودع أحمد رفعت بكلمات مؤثرة    بعد مرور 45 دقيقة.. تداول أسئلة مزعومة لامتحان الجغرافيا للثانوية العامة على «تليجرام» و«واتساب»    ارتفاع كبير في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة المقبلة    قبل فيلم "رزق الهبل".. تعرف علي الأدوار الكوميدية التي قدمتها منى زكى    غارات جوية تستهدف المناطق الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    بدء امتحان الكيمياء والجغرافيا لطلاب الثانوية العامة    مصدر بحماس: المحادثات بشأن المحتجزين الإسرائيليين تبدأ خلال 16 يوما بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضى الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية    أولياء الأمور يصطحبون طلاب الثانوية العامة أمام لجان أكتوبر    «تأثير الحزن».. جمال شعبان يوضح سبب وفاة أحمد رفعت    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    ضبط شقيق عصام صاصا لاتهامه في تزوير توكيل قضية بالهرم    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    محافظ سوهاج الجديد لم يدخل مكتبه.. استهل عمله ببحث تطوير المنطقة الأثرية بأخميم    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    15مليون جنيه تحسم مصير «أوباما» مع الزمالك    توفيت في حادث سير.. من هي لونا الشبل مستشارة بشار الأسد؟    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    وزير الثقافة الأسبق: دار الوثائق القومية تعرضت لهجوم من الإخوان    رئيس وزراء بريطانيا الجديد يتخذ أول قراراته: إلغاء قانون رواندا    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في المالديف    أبرز تصريحات بايدن في أول مقابلة بعد مناظرته أمام ترامب    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    وزير التربية والتعليم يوضح أهم التحديات التي تواجه الوزارة    محمد حماقي يحيي حفل كامل العدد في بورسعيد.. صور    6 أعمال احرص على فعلها قبل صلاة الفجر.. تغفر ذنوبك وتوسع رزقك    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 "عاااجل" الدور الأول عبر بوابة التعليم الفني برقم الجلوس    مصرع شخصين وإصابة 7 في حادثي سير بالمنيا    اتهام محامِ شهير بالتعدي على «فتاة» داخل مكتبه في الهرم (تفاصيل)    حظك اليوم برج العذراء السبت 6-7-2024، على الصعيدين المهني والعاطفي    قرار من وزير التربية والتعليم الجديد بشأن الثانوية العامة    بعد دقائق.. ثروت سويلم ينفي نفسه بسبب الأهلي وبيراميدز (فيديو)    الغرفة التجارية: لا يوجد أي مؤشر لانخفاض أسعار السيارات في السوق    قصة تاريخ العام الهجري الجديد.. داعية يوضح    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    عبد الرحيم علي يهنئ ماجد موسى بقرار مد خدمته رئيسًا لجمارك مطار القاهرة    يقلل الاكتئاب ويحسن صحة العقل.. فوائد مذهلة للحليب الذهبي    تحمي القلب وتعزز الإبداع.. 7 فوائد صحية لنوم القيلولة يوميا    مرض أسماء جلال تسبب في خسارة وزنها خلال أيام قليلة.. تحذير من هذه الأعراض    الأنبا إغناطيوس برزي: الأسرار المقدسة منها خمسة عمومية    «خلينا ندي الفرصة للناس تشتغل».. مصطفى بكري بعد تشكيل الحكومة الجديدة    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    أكثر من قرن.. حزب العمال البريطانى من النشأة إلى السلطة    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محددات العلاقة بين اليمين الأوروبى المتطرف ودولة الاحتلال
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 07 - 2024

مع استمرار حرب الإبادة ضد شعبنا فى غزة، وفشل المجتمع الدولى فى وقفها، عمدا أو ضعفا، وتكثيف مخططات الاحتلال فى الضفة الغربية، ومؤخرا زيادة حدة الإجراءات التى يتبناها وزير المالية الإسرائيلى سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، ومن خلفه نتنياهو، بل وكل أركان الحكومة والمعارضة الصهيونية التى تهدد وتتوعد شعبنا، وتهدد بتوسيع حربهم شرقا وشمالا، وذلك فى أزماتها وتنافسها على مدى إلحاق الأذى بشعبنا وشعوب المنطقة، فى محاولة منهم للهروب إلى الأمام، دون أن يفكر أحد منهم بأن احتلالهم هو مصدر أزماتهم، وأن استقرارهم مرتبط بحرية وكرامة شعبنا الفلسطينى.
أمام ذلك، تبرز تساؤلات حول الدوافع الأيديولوجية والسياسية إضافة إلى جوهر الفكر الصهيونى، التى تقف وراء هذه السياسات التى تجد حضنًا دافئًا من جانب قوى اليمين المتطرف حول العالم والتى باتت اليوم ذات تأثيرٍ، وفى تزايدٍ ملحوظٍ، خاصة فى أوروبا بعد تصاعد قوة اليمين المتطرف والشعبوى فى معظم دول القارة العجوز التى أرهقتها تبعيتها للسياسات الأمريكية، وحروب الوكالة التى تنفذها هناك، وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعوب الأوروبية.
• • •
ولذلك فإنه يمكن إحالة تلك الدوافع الإضافية إلى التوافق والتماهى الحاصل اليوم بين الطرفين حول فهمهم ورؤيتهم المشتركة فى ضوء نظريتى صراع الحضارات والاستبدال، التى باتت تميز سياسات سموترتش والكل الصهيونى، الجارى تنفيذها على الأرض بحق شعبنا الفلسطينى، ومستقبل حل الدولتين المفترض، وحق تقرير المصير من جهة، وإلى ذات النظريات التى تؤثر اليوم على حاضر فكر اليمين المتطرف الأوروبى من جهة أخرى، على الرغم من ماضى اليمين المتطرف والشعبوى المعادى للسامية، (إن كان ذلك مجرد ماضٍ وفق الروايات التاريخية، رغم عدم سامية يهود أوروبا، وتوافق اليمين المتطرف المتمثل بالنازيين مع الحركة الصهيونية على جزء من المحارق لتسهيل الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين، مقابل المال اليهودى فى ثلاثينيات القرن الماضى)؛ حيث ينشط اليوم هذا اليمين الأوروبى المتطرف فى مكافحة «معاداة السامية». ففى الوقت الذى كان فيه الاحتلال الإسرائيلى يذبح ويدمر ويحرق ويعذب فى غزة، خرج زعماء جميع أحزاب اليمين السياسى المتطرف والمعتدل على السواء فى فرنسا التى فازت بانتخابات المرحلة الأولى البرلمانية بتقدم كبير، وغيرها أيضا من الدول الأوروبية إلى «ساحة المعركة» وبالشوارع للمطالبة ليس بإنهاء المجازر والاحتلال، بل للمطالبة بنهاية «معاداة السامية»، ولتأكيد حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، دون أى انتقاد لجرائم دولة الاحتلال ضد شعبنا.
لقد ساد جو هستيرى غريب فى تلك الدول الأوروبية ضد أى شخص ينتقد الجرائم الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص بحق جان لوك ميلينشون زعيم اليسار الفرنسى الموحد، وكل أحزاب اليسار الأوروبى التى كانت قد صاعدت مظاهراتها غير المسبوقة بالتضامن مع شعبنا الفلسطينى، وتنديدا بجرائم الاحتلال. لقد تم اتهامهم بمعاداة السامية، كما حصل سابقًا مع زعيم حزب العمال البريطانى.
إن دعم اليمين الأوروبى المتطرف هذا لإسرائيل قد سمح بتبييض جرائمها وسياساتها، فى فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والنمسا، وهنغاريا، وغيرها كما فى بريطانيا أيضًا، وبالمقابل يتم تبييض دور اليمين الأوروبى المتطرف بفعل دعمه «لإسرائيل الضحية».
إن رؤية وإجراءات سموتريتش التى أعلنها قبل أيام تمثل الوجه الحقيقى للصهيونية بكل مكوناتها فى الضفة الغربية، وهو المعروف بتوجهاته اليمينية الدينية المتطرفة التى تحظى بدعم وإشراف أبو اليمين المتطرف نتنياهو.
وهو يتبنى سياسات تهدف إلى تعزيز السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية من خلال فرض السيطرة الكاملة على مناطق (ب)، أسوة بمناطق (ج) التى حددها وفصّلها اتفاق أوسلو، وتقويض الوجود الفلسطينى فيها من خلال إجراءات متعددة تم الإعلان عنها والتى أقرتها حكومة الاحتلال، وبما يخدم فكرة «دولة يهودا»، والتى تعتمد أيضا على الإيمان بنفس المصادر الفكرية لليمين الأوروبى المتطرف والمتمثلة فى:
أولًا، نظرية صراع الحضارات، التى طورها صموئيل هنتنجتون، والتى تفترض أن الصراعات المستقبلية ستدور بين الثقافات والحضارات المختلفة، بدلًا من الدول القومية. وفى السياق الفلسطينى، تتبنى معظم الأوساط الصهيونية وأحزابها الإسرائيلية هذه النظرية لتبرير سياساتهم الاستعمارية، حيث يصورون الصراع مع شعبنا الفلسطينى كجزء من صراع أوسع بين الحضارة الغربية (التى يعتبرون إسرائيل جزءًا منها) والحضارة الإسلامية الذى يُعتبر المسيحيون العرب جزءًا منها بالمشرق العربى، إلى جانب تفسيراتهم الدينية التوراتية التلمودية حول «دولة يهودا والسامرة»، وكذلك الدوافع السياسية والاقتصادية للفكر الصهيونى فى خدمة مشاريع الخطط الأمريكية لمنطقتنا والمنطقة الأوسع والمتضمنة فى مشروعهم حول الشرق الأوسط الجديد، وربط آسيا بأوروبا من خلال الخطوط التجارية والبحرية الجديدة وقضايا الطاقة والغاز، فى محاولات لإعاقة المتغيرات فى النظام الدولى لمواجهة الصين وروسيا، ودول منظمة البريكس بشكل عام. وهى ذاتها تعبر عن توجهات اليمين الأوروبى الذى يرى فى إسرائيل خط الدفاع عن أوروبا من زحف حضارة الشرق إليهم.
ومن الجانب الآخر، فإن تلك النظريات هى ما توجه رؤية اليمين المتطرف الأوروبى فى شأن معاداة الإثنيات الأخرى فى المجتمعات الأوروبية، بما فى ذلك النظرة المعادية للإسلام «الإسلاموفوبيا»، ومعادة قضايا الهجرة إلى أوروبا.
ثانيا، نظرية الاستبدال التى تروج لفكرة أن هناك محاولة منظمة لاستبدال «السكان الأصليين» بمجتمعات أخرى، وغالبًا ما تكون مهاجرة، وهو ما يعتقد به اليمين الأوروبى المتطرف لمواجهة ظاهرة الهجرة إلى أوروبا للبحث عن حياة أفضل من مناطق النزاع بالعالم. فى السياق الإسرائيلى، تُستخدم هذه النظرية لتصوير الفلسطينيين كتهديد ديموغرافى يجب التصدى له من خلال أشكال عنصرية قمعية ومن ضمنها مشاريع التهجير القسرى، وزيادات منسوب الهجرة اليهودية الاستيطانية إلى فلسطين للوصول إلى واقع ديموغرافى ينهى الأغلبية الفلسطينية فى أرض فلسطين الانتدابية، ويحقق لهم التفوق أو حتى الوجود اليهودى الخالص حتى لا يبقوا تحت تهمة الأبرتهايد.
لذلك فإن المخاطر على شعبنا الفلسطينى اليوم تزداد بفعل ذلك التوافق والتماهى الحاصل بين الجهتين، بعد تكرار فوز قوى اليمين المتطرف فى أوروبا ويبدو «الحبل على الجرار»، ما سيؤدى ربما فى وقت قصير إلى معاداة أى توجه يتم خلاله انتقاد سياسات دولة الاحتلال حتى يصلوا بشعوبهم مرة أخرى إلى القناعة بأن يهود إسرائيل هم الضحية وأن شعبنا الفلسطينى هو مُرتكب الجرائم البشع.
• • •
وهذا قد يؤثر فى حال استمرار نجاح اليمين المتطرف فى باقى الدول الأوروبية على مبدأ حل الدولتين رغم أن اليمين المعتدل الأوروبى هو من جعله شعارًا دون اقترانه بآلية تنفيذية، وبالتالى غير قابل للتحقيق بفعل المتغيرات الحاصلة على الأرض دون إجراءات عقابية تقاعس عنها الاتحاد الأوروبى بالتوافق مع الولايات المتحدة لإمكانية إلزام دولة الاحتلال على الأقل بالقانون الدولى والقرارات الأممية وتحديدًا منها فى شأن القدس والاستيطان، وما يجرى الآن من تقاعس إضافى فى شأن وقف عدوان الإبادة فى غزة الذى يستهدف كل شعبنا، بل وفى تورط البعض به، الأمر الذى فى حال استمراره سيؤدى إلى زيادة التوترات السياسية والعسكرية بالمنطقة، وتراجع الثقة بالعمل الدولى والذى لا تحترمه إسرائيل بضربها قرارته بل وقرارات المحكمة الدولية بعرض الحائط. وهذا سيشكل حتى وقت قريب طالما استمر هذا الحال مخاطر على حق تقرير المصير لشعبنا وتآكل الدعم الدولى فى غياب أى فرص لعملية تفاوضية بإصرار الاحتلال على استهداف كل مكونات شعبنا وإضعاف القيادة الفلسطينية من خلال محاصرتها، وحرص الاحتلال على إعاقة الوحدة الوطنية الواسعة فى إطار منظمة التحرير.
وفى حال فوز الأكثر يمينية وشعبوية ترامب فإن سياسات سموتريتش وكل حكومة نتنياهو المعلنة فى الضفة الغربية التى تتقاطع مع نظريتى صراع الحضارات والاستبدال لتشكيل واقع معقد يهدد مستقبل الشعب الفلسطينى، ويؤخر حقوقه التاريخية حيث ستعتمد هذه السياسات على تعزيز السيطرة الإسرائيلية وتقويض الوجود الفلسطينى من خلال إجراءات قمعية تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية والجغرافية للمنطقة، والتى ستحظى بدعم أكبر من اليمين المتطرف العالمى، حتى يصل الإسرائيليون بحكم أزماتهم للفهم أن استمرار احتلالهم هو مصدرها.
وفى النهاية، تحتاج هذه التطورات والسياسات إلى مراجعة فلسطينية شاملة، وتدخل دولى لضمان حقوق الفلسطينيين، وتحقيق سلام عادل ومستدام فى المنطقة. إن تَبنى مقاربات أكثر إنسانية وعدالة من قبل المجتمع الدولى يمكن أن يسهم فى تخفيف حدة الصراع وتعزيز فرص السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط على أساس من الحرية والعدالة.
مروان إميل طوباسى
جريدة القدس الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.