إذا حضرت الثقافة غاب الجمهور!! هذه هي المعضلة التي لم تحل طوال العقود الثلاثة الأخيرة. حتي تحولت مواقع الثقافة ومؤسساتها في مصر إلي "جيتوهات" معزولة ينظر إليها المواطن العادي عن بعد ولا يدفعه حتي الفضول لمعرفة ما يجري داخلها!! واستراح أكثر القائمين علي الثقافة الرسمية لهذه القطيعة بين الشعب وثقافته القومية واكتفوا بتحصيل المنافع الذاتية الصغيرة والكبيرة!!. من حين لآخر يحدث نقض لهذه الحالة المتردية. فيلتحم الجمهور مع الشعراء والنقاد والفنانين والمثقفين بصفة عامة.. وهذا ما حدث مؤخراً في مهرجان. لم تستضفه مدينة بل قرية من قري الفيوم هي قرية "بني صالح" التي احتشد أهلها في ساحة واسعة بالقرية. حتي لم يعد مكان لقدم. مستمعين إلي قصائد الشعراء وخاصة الشاعرين د.جيهان سلام ومصطفي عبدالباقي كذلك للأعمال الموسيقية والغنائية البدوية التي قدمتها فرقة عرب الفيوم للموسيقي البدوية برئاسة عادل ربيع. المهرجان نظمه فرع ثقافة الفيوم برئاسة منتصر ثابت أحد القيادات النشطة والتي لم تنل حقها ومكانتها في هيئة قصور الثقافة.. وقد افتتح المهرجان د.حازم عطية الله محافظ الفيوم متجولاً في الانتاج الفني والحرفي للأطفال وللمرأة في فرع الثقافة كجزء من الإبداع الذي يقدم للمواطن الفيومي بإشراف محمد الشربيني ولبني جلال وسحر الجمال ومحمد طربوش. من وحي البيئة قدمت فرقة عرب الفيوم البدوية عدة أغان من وحي البيئة تصاحبها بعض الرقصات التي جذبت الأطفال ليشاركوا فيها.. وتكونت الفرقة من ربيع إبراهيم ومحمد يونس ومصطفي أبوسريع وعلي محمد علي من العازفين. ومن المغنين طارق جمال ووليد سيد وجمال الرمحي ومحمد شوشان. بالإضافة إلي عادل ربيع مدير الفرقة. احتفي المحافظ د. حازم بأطفال القرية فقدم لهم بعض إصدارات الأطفال من كتب ومجلات تشجيعاً لهم علي القراءة واقتناء الكتاب.. وأكد منتصر ثابت أن هذا المهرجان الذي يأتي ضمن أنشطة القوافل الثقافية لهيئة قصور الثقافة وبهذا الاقبال الجماهيري الضخم وبحضور المحافظ وبعض الرموز الثقافية يعد استكمالاً للفكرة الرائدة للقوافل الثقافية التي انطلقت أولاً من الفيوم قبل أن يتم تعميمها علي فروع ثقافية اخري. وهذه القافلة التي حظيت بدعم مسعود شومان رئيس الهيئة ومحمد عبدالحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة تهتم بالتواصل مع عامة الشعب في القري والنجوع. وكذلك اكتشاف المواهب في هذه البيئة التي قد تكون محرومة من بعض الخدمات والمرافق. فيتم عرض مشكلات الناس علي المسئول المشارك في القافلة كما يحدث الليلة مع محافظ الفيوم. وقف الأنشطة أشار منتصر إلي مشكلة مزمنة يختص بها فرع ثقافة الفيوم بالذات. وهي مشكلة روتينية بالدرجة الأولي فالأنشطة داخل قصر الثقافة الذي تكلف أكثر من 40 مليون جنيه تم وقفها منذ زمن بأوامر من الدفاع المدني بوزارة الداخلية. بحجة عدم توافر بعض عناصر الأمان.. فكنا نقيم الأنشطة علي مسئوليتنا. لأنه لا يمكن أن نترك شباب مصر فريسة لعصابات التطرف والإرهاب في غياب الثقافة والوعي. ومازلنا ننتظر حل هذه المشكلة بتدخل من المحافظ وبأمر من رئيس الهيئة حتي تنجز الإدارة الهندسية بها واجباتها في تلبية مطالب الدفاع المدني. ألقي عبدالكريم عبدالحميد متقطفات من قصائده أثناء تقديم الشعراء. وخاصة د.جيهان سلام ومصطفي عبدالباقي اللذين جذبا الجمهور فصفق لهما كثيراً بعد إلقائهما لقصائد تحمل السمت الوطني وتتماشي بقوة مع طبيعة الريف المصري وتخلد شهداءنا الأبرار وخاصة في ثورة 25 يناير وموجتها الثانية في 30 يونيه.. وخاطبت د.جيهان الجمهور وتحديداً الأطفال بأنهم أكثر حظاً من أطفال دول أخري يموتون كل يوم تحت القصف والجوع والمرض.. وذكرت أن رسالتيها للماجستير والدكتوراه تناولتا الأطفال المهمشين في الشوارع والمقابر ومناطق البدو ومنها بدو الفيوم ونجوعها. وانتهت في رسالتها للدكتوراه إلي أن الطفل المصري رغم معاناته أفضل كثيراً من غيره وإن كان هذا لا يكفي لتواصل الاعتناء به ورعايته وتعليمه وتثقيفه كل ذلك ضمن سياق وطني عام تأخذ به مصر الآن لبناء مستقبلها خاصة مع هذه المشروعات القومية الكبري التي تخطط لها وتنفذها. وقد بدأت بمشروع قناة السويس الجديدة. وليعود الالتحام بين الحاكم والمحكوم لإنجاز مصالح الوطن وبناء مستقبله كما كان يحدث أيام عبدالناصر. المهرجان اختتمه المحافظ بالتأكيد علي الدور المحوري للثقافة في نشر الوعي بين الشعب. ومحاربة التطرف والإرهاب وكل عناصر الفساد التي عانينا منها كثيراً.. وبهذا الوعي والتحام الشعب بحكومته ورئيسه سوف نبني مستقبل مصر الذي يتأثر به مباشرة كل شبابنا ولذا فلابد من الإيجابية من هذا الشباب وعدم الركون إلي أي افكار هدامة واتخاذ العمل والاجتهاد وسيلة وحيدة لتحقيق الطموح الشخصي والوطني. وخاصة أن كل مسئول ابتداء من الرئيس السيسي حتي الوزير والمحافظ يعمل لهذا الوطن ليل نهار. ورغم تجاوب الحاضرين مع كلام المحافظ ومع الشعر والموسيقي والغناء والآراء التي اطلقت فإن الهموم اليومية لم تغب عن أذهانهم فطرحوا بعض المشكلات أمام د.حازم ومنها الصرف الصحي الذي تعاني القرية من غيابه وتراكم القمامة والتزاحم علي رغيف الخبز.. فأكد المحافظ اتخاذ إجراءات عملية لحل هذه المشكلات ثم قام بتكريم عبدالرحمن أحمد عبدالرحمن الحاصل علي المركز الأول في ألعاب القوي علي مستوي المحافظة والمركز الثاني علي مستوي مصر.