في سنة 1960 قرر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر السفر إلي نيويورك ليلقي كلمة مصر امام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة عشرة. وكالعادة اهتمت المنظمات الصهيونية في أمريكا بهذه الزيارة.. وقررت القيام بمظاهرات احتجاج ضد زيارته.. ولكن عبدالناصر لم يعر هذا الكلام أي التفاف.. ومضي في تنفيذ قراره. يوم 5 أكتوبر سنة 1960 وقف عبدالناصر في قاعة الاجتماعات وألقي كلمته وقد انصبت معظمها علي مشكلات العالم.. فتحدث عن استقلال الدول الافريقية مرحبا بانضمام 23 دولة افريقية حصلت علي استقلالها.. ومؤكدا أن في الطريق دولا أخري ستحصل علي استقلالها.. ورحب عبدالناصر بانضمام جمهورية قبرص التي استطاعت ان تحصل علي استقلالها بعد كفاح مرير..فوجئ اعضاء الأممالمتحدة بالرئيس وهو يندد بفرنسا وسياستها تجاه الجزائر واتهمها بعرقلة كل محاولة للأمم المتحدة لوضع حد للمجازر التي تتم في الجزائر.. وروي أنه في مطلع عام 1956 مر بالقاهرة أحد المسئولين الفرنسيين ودار حديث حول حرب الجزائر وكانت هناك وعود ولكن لم تنفذ لمنع اراقة دماء الجزائريين. ومرة أخري أعلن عبدالناصر ان الجمهورية العربية المتحدة تطالب بضرورة فتح باب عضوية الأممالمتحدة أمام الصين الشعبية التي تضم ربع سكان العالم. وتحدث عن كفاح الكونغو ضد الاستعمار البلجيكي وطالب بإنهاء الاستعمار لها وضمها لعضوية الأممالمتحدة وطبعاً تناول الخطاب مشكلة فلسطين والشعب الفلسطيني وطالب المجتمع الدولي بالنظر بعين العدل لحقوق هذا الشعب المسلوبة.. وفي ختام حديثه دعا عبدالناصر.. رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ورئيس الاتحاد السوفيتي إلي الاجتماع العاجل لوضع حد للحرب الباردة.. هكذا كان عبدالناصر.. وجه حديثه إلي العالم من خلال الأممالمتحدة وانصب الحديث علي المشاكل العالمية والهجوم علي الاستعمار والمطالبة باستقلال الدول التي لم تكن قد حصلت علي استقلالها بعد.. وكان حديث عبدالناصر جريئا ومفاجئا.. لم يتحدث عن مصر ومشاكل مصر.. ولكن كان اهتمامه الأكبر بالدول التي تسعي للحصول علي الاستقلال.. ومر 54 عاماً.. وتكاد الاحداث تتشابه.. فقد ذهب عبدالناصر ليتحدث أمام العالم وقامت مظاهرات صهيونية ضد حضوره.. ونفس الحال هذه الايام فقد استعدت جماعة الإخوان وأتباعها من الهاربين إلي الولاياتالمتحدة بتنظيم مظاهرات احتجاج ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي قرر السفر وخلفه تأييد من شعب مصر لإلقاء كلمة مصر أمام الأممالمتحدة.. وكما حدث عند سفر عبدالناصر حيث كانت هناك محاولات إرهابية ضده وطالب البعض وقتها بعدم سفره.. فإن هناك الآن من يطالب بعدم سفر الرئيس السيسي حرصاً علي حياته.. هذه الدورة التي تحمل رقم ..64 يحضرها الرئيس السيسي ويشاركه أيضا في اجتماعات "المناخ" يوم 23 سبتمبر الحالي لبحث الانبعاثات الحرارية وتغيير طبيعة الجو وارتفاع درجة حرارة الأرض.. وطبيعي أن تختلف الموضوعات بين عام 1960 وعام ..2014 فحديث عبدالناصر قد انصب علي دول العالم الثالث أما خطاب السيسي فإنه سينصب علي المشكلة الرئيسية التي يعاني منها العالم وهي الإرهاب وضرورة أن يتخذ العالم خطوات ايجابية للقضاء عليه لأنه لم يعد في مصر وحدها بل سيعاني من ويلاته بلاد أخري في العالم.. وسيدعو الدول للاستثمار في مصر والتي بدأت في خطوات الإصلاح الاقتصادي وتصحيح المسار. هكذا سيستمع العالم يوم 25 سبتمبر الحالي إلي الرؤية الجديدة لمصر 30 يونيو