وعادت الموسيقي العربية تصدح في دار الأوبرا بعد غياب وأقبل عليها الجمهور باشتياق ولكن برغبة شديدة ان تعبر هذه الأغاني عن واقعه الذي يعيشه الآن ولهذا كانت الوطنية منها هي التي لها نصيب الأسد من التفاعل الجماهيري كما سوف يتضح في السطور القادمة ولكن بشكل عام هناك ترحيب بعودة النشاط الفني في الأوبرا والتي نتمني ان يدوم ويستمر كقوة ناعمة تضرب جذور الإرهاب. بداية الموسم كانت من معهد الموسيقي العربية برمسيس حيث كان افتتاح الموسم بحفل من سلسلة حفلات وهابيات التي يقدمها المايسترو سليم سحاب مع مجموعة مصغرة من عازفي الفرقة القومية العربية للموسيقي وتقتصر علي الحان محمد عبدالوهاب وذلك علي نسق سلسلة حفلات كلثوميات التي أبتدعها المايسترو صلاح غباشي منذ عدة سنوات. إقبال جماهيري الحفل يعد الليلة الثانية في الموسم الفني للأوبرا وكانت المفاجأة الاقبال الجماهيري الذي لم يكن متوقعا مع الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد.. تضمن برنامج الحفل حوالي 12 فقرة جاءت جميعها اغاني فردية وعاطفية وتم تقديمها من خلال فاصلين انفرد المطرب احمد سعيد بالفاصل الأول وريم كمال بالفاصل الثاني والاثنان من نجوم الفرقة المميزين. شدا احمد سعيد بست الحان منها ثلاث اغاني لعبدالوهاب واغنيتان لعبدالحليم واغنية لفايزة أحمد ورغم تنوع الالحان تم اداؤها بالأمانة التي اشتهر بها ابناء فرق الأوبرا لكن الأغاني القريبة إلي نسيج صوته كانت اغاني عبدالحليم ظلموه واهواك أما أغاني عبدالوهاب فكان موفقا إلي حد ما في الأغاني الحديثة مثل لأ مش أنا اللي ابكي وفين طريقك فين أما اغنية يا مسافر وحدك والتي تعد من مرحلة الصبا فلم يكن موفقا ولا تناسب صوته ولا أدري لماذا عندما يقام امسية لعبدالوهاب لا يتم تقديم نجوم الفرق الذين تميزوا في غناء الحانه في مراحله المختلفة مثلا هناك من هو بارع في غناء أغاني فترة صباه المبكرة امثال احمد جمال وهناك من يتفوق في فترة نضوجه وهناك عدد كبير يتقن اغانيه الحديثة ولهذا هذه الحفلات يجب ان تكون علي درجة عالية من التخصص وتقدم الأوبرا أحلي ما لديها. بالنسبة للفصل الثاني قدمت فيه ريم كمال عدد من أغاني أم كلثوم العاطفية الحان عبدالوهاب ولا ادري لماذا اقتصرت علي أغاني كوكب الشرق فهناك كما سبق ان ذكرت هناك سلسلة كلثوميات كما ان ريم لها ريبرتوار كبير ومتنوع من الحان موسيقار الأجيال لكن هذا لا يمنع اننا استمتعنا بادائها لكن مع مطربة لها فرقتها الخاصة ولها خبرة كبيرة نتوقع منها ان تقدم لنا اغنية تمثل اكتشافا للتراث وهذا عامة ما افتقدته هذه الحفلة لم يكن فيها جديد كلها اغاني متداولة في جميع الفرق جاءت منعزلة عن واقعنا ايضا مملة تفتقد لتنوع الاصوات ولهذا لم تحظ بالانفعال الجماهيري بعكس الحفلة التي اقيمت مساء الأحد الماضي علي المسرح الكبير وقادها المايسترو صلاح غباشي. أغاني وطنية هذا الحفل كان مقررا يوم الخميس لكنه تأجل بسبب وفاة د.رتيبة الحفني ولهذا كانت لمحة وفاء من المخرجة جيهان مرسي ان دعت الجميع إلي الوقوف دقيقة حداد علي روحها الطاهرة.. أما البرنامج جاء متنوعا تضمن الموسيقي البحتة تمثلت في مقطوعة بسمة من مؤلفات غباشي وعزف علي الكمان محمد نصر وموسيقي الحب جميل وعزف الكمان المنفرد كان لحازم سليم وكان هناك القصيدة والأغنية العاطفية ولكن كان المايسترو موفقا في اختياره اغاني وطنية حيث بدأت بأغنية تعيشي يا بلدي الحان ابراهيم رجب التي ادتها المجموعة التي انشدت ايضا اغنية ادخلوها سالمين لحن بليغ حمدي واختتم الفاصل الأول بأغنية الاقصر بلدنا الحان علي اسماعيل وقد غناها وليد حيدر وتعد من الأغاني الجديدة علي برامج فرق الموسيقي العربية وقد اداها وليد بحضور وانفعل معه الجمهور واستطاع ان يشعل الصالة بالحماس ظلوا يصفقون معه كما ادي وليد ايضا قصيدة بشارة الخوري الصبا والجمال ووليد يمتلك اداء جيد ولديه كل مقومات النجومية. شدت أميرة أحمد بأغنية سلمولي علي مصر وسبقتها بأغنية عاشقة وغلبانة وكانت موفقة في أغاني صباح وجاءت مناسبة لصوتها أما سماح عباس في أغنية ليلة من الليالي لنجاة وعصام محمود في أغنية ضي القناديل الاثنان اصواتهما جميلة ولكن ينقصهما التدريب علي التحكم في الطبقات المنخفضة التي تتطلبها هذه الأغاني أما أجفان في أغنية فريد الاطرش بقي عايز تنساني ادتها بجمال وتدريب جيد وفهم للحن وتفاصيله وهاني عامر رغم احساسه العالي وتفوقه في أغاني العندليب لكن طبيعة صوته تصلح لفترة عبدالحليم الأولي وليس في مرحلة نضجه ولهذا لم يكن مناسبا له اغنية نبتدي منين الحكاية حيث اداها برتم واقع رغم ان هذا اللحن يمثل نقلة كبيرة لعبدالحليم في الأغنية التعبيرية. المفاجأة المفاجأة الحقيقية في هذا الحفل والاضافة التي تحسب للمايسترو غباشي المطرب الشاب ابراهيم راشد وادائه المتمكن لأغنية لطفي بوشناق الشهيرة "أنا مواطن" والتي إذا كان كتبت وتم غناؤها للشعب التونسي فهي تنطبق ايضا علي المواطن في مصر وكأنها تعبر عن حالنا ولكنها تشعرنا اننا صحونا في الوقت المناسب.. الأغنية تمثل تجديد في ريبوتوار الفرقة وتجاوب معها الجمهور وطلبوا اعادتها وسط تصفيق حار لنفاجأ ان هذا المطرب الموهوب والمجتهد اداها بشكل رائع والجميل انه لم يقلد بشناق ولكن لهجته المصرية اضفت جمالا علي اللحن الذي فيه اعتماد علي صوت المطرب وتحدي اجتازه ابراهيم بنجاح واتعجب اين يختفي هذا الموهوب ولماذا لا تسند إليه أغاني فردية تناسب صوته!! "أنا مواطن" كانت درة هذا الحفل الذي اقامته دار الأوبرا في عودة حميدة للنشاط الفني ولكن اكدت هذه الحفلات ان حاليا الاغاني التي تعبر عن المشاعر الوطنية الواقعية هي التي تلقي النجاح.