كانت مصر قبل أن تعرف اسمها الحالي تسمي الأرض الحمراء. والأرض السوداء. أما الأرض الحمراء فهي الصحاري الواقعة إلي الشرق والغرب من وادي النيل. أما الأرض السوداء فهي ضفتا نهر النيل بما تحملانه من خصوبة وحياة.. وبقدر ما كره المصريون الأرض الحمراء. وتمثلوا الإله "ست" رمزا لها. صوته هو الرعد. وهو الذي يهز الأرض هزا. وتصدر عنه أعمال كريهة "حمراء". ويرأس الأرواح الشريرة التي تمتلئ بها الصحراء. فإنهم أحبوا الأرض السوداء. وحرصوا علي البقاء فيها. وتمثلوا الإله أوزوريس رمزا لها. فهو إله الحياة المتجددة والخصوبة والازدهار. ولم تقف نظرة المصريين إلي "ست" عند وصفه بانه منبع الجدب والفناء والعواصف. بل اعتبروه نصيرا للأعداء. ووليا للقبائل الآسيوية. وأخذ الكهنة يصورون بشكل بارز. الدور المنوط به في قصة أوزوريس. وأصبح يعتبر في نظرهم أساس كل شر. فهو الذي ذبح أوزوريس. واشتبك في نضال عنيف مع حورس المنتقم لأبيه. ومن ثم اصبح خصم إله الشمس. وممثل الظلام. ورب القحط والصحراء. وشيطانا بين الآلهة المصرية.. ثم انتهي الأمر بإخراجه من بين المعبودات المصرية. فبطلت عبادته. ومحي اسمه وصورته حيثما وجد. ولما وقف الإغريق القدامي علي قصته. قرنوه بإله الشر عندهم "تيفون" العدو الخرافي لزيوس. وقد جسد المصريون "ست" في صورة تشبه الحمار. وكان اللون الاحمر هو الشائع له في الشرق القديم. واظهروا كراهيتهم للون الأحمر. ولذوي البشرة الحمراء من البشر. وحين ارادوا التعبير عن مدي كراهيتهم لملك الفرس. لقبوه بالحمار!.. وربما لهذا السبب يقذف الطفل في مواجهة قرص الشمس. بالسن التي فقدها: خدي سن الحمار. وهاتي سن العروسة!.. فالحمار هو "ست" إله الشر. وقرص الشمس هو الإله "رع". أو التعبير عن الإله "اوزوريس" إله الخير. لقد تكيف ذهن الإنسان المصري مع الحياة الزراعية. التي تؤمن بأن مياه الفيضان تأتي في موعد. وزراعة بعض المحاصيل في موعد. والري في موعد. والحصاد في موعد.. وأن ذلك الحساب المنتظم. الدقيق. يرتبط بقوي غيبية. قد تحيل الفيضان إلي طوفان. يبتلع كل شيء.. وقد تشح فيه. فيرين الجفاف والجدب علي كل ما زرعه الإنسان.. وقد يزدهر المحصول. وربما التهمته الطبيعة أو الآفات.. ومن ثم. فقد تميزت حياة الإنسان المصري بالتدين والإيمان. والانتظار في شيء من التسليم. حتي من قبل أن تنشأ الأديان.. وحين دخلت الأديان السماوية عالم الإنسان المصري. أو دخل الإنسان المصري عالم الأديان السماوية. فإنه كان مؤمنا في الأصل بالقوي الغيبية. المتحكمة والمسيطرة. والتي يخضع لها كل شيء. حتي أنفاسه.. لذلك خلت حياة المصريين من نعرات الطائفية. لأن الممارسات الدينية تعبير عن الإيمان.. والإيمان في الوجدان المصري. وفي العقل المصري أيضا. حتي من قبل أن يعلن إخناتون ثورة التوحيد. للكلام بقية