إذا كانت كل أوجه الحياة في مصر تغيرت بعد ثورة 25 يناير فإن الإعلام المصري لابد أن ينال هو الآخر نصيبه من هذا التغيير حتي يكون قادراً علي تلبية متطلبات المرحلة الجديدة للشعب المصري بعد نجاح الثورة. وضع إعلاميو ماسبيرو من خلال السطور القادمة خارطة طريق لانقاذ التليفزيون والإذاعة المصرية من كبوتهما الحالية. * يقول الإعلامي محمد مرعي: أتحدث عن الإذاعة أو التليفزيون بشكل منفرد. لأن كليهما جزء من الإعلام المصري الذي لن ينصلح حاله إلا إذا تبنت الدولة سياسة إعلامية مختلفة بعد نجاح الثورة. فمبني ماسبيرو يمتليء عن آخره بالعناصر والكفاءات المميزة القادرة علي أن تحمل علي كاهلها مهمة إطلاق إعلام مصري جديد مختلف تماماً عن الإعلام البائد الذي وصل به الأمر حد تضليل الشعب. كما أن مبني ماسبيرو به البنية الأساسية اللازمة لعمل هذا التغيير لكن المشكلة في السياسة الإعلامية التي ستتبع وليست في أدوات تنفيذها. ولضمان وجود سياسة إعلامية صائبة في الفترة القادمة أقترح مرعي تشكيل لجنة تضم نخبة من خبراء الإعلام والمفكرين لوضع خطة لإعلام مصر الجديدة الذي لابد أن يعبر أولاً وأخيراً عن إرادة الشعب. كما طالب بضرورة أن تكون ملكية الإذاعة والتليفزيون المصري للشعب وليست لأي نظام أو حكومة. قال: إذا كانت كل مطالبنا في الماضي كانت تتركز علي زيادة هامش الحرية فإننا اليوم نطالب بالحرية الكاملة التي لابد أن تحكمها المهنية والمصداقية ولابد أيضاً أن نلغي من قاموس الإعلام المصري فكرة إقصاء أي شريحة موجودة في المجتمع المصري من الظهور علي إعلام وطنهم. * يقول الإعلامي حمدي الكنيسي: حرية الرأي والتعبير التي ينشدها كل إعلامي أصبحت إحدي مكتسبات الثورة لكن المشكلة التي لم يلتفت إليها الكثيرون هي أنه نتيجة لفترة النظام الشمولي الذي دام لسنوات تدخل النظام خلالها كثيراً في الإعلام بتعليمات عما يقال وما لا يقال إعتاد بعض المذيعين علي وجود هذه الرقابة لدرجة أنها أصبحت لصيقة بهم ولدرجة أنهم أصبحوا ملكيين أكثر من الملك لذلك لابد علي هؤلاء الإعلاميين أن يتخلصوا من هذا الإحساس ويعلموا أن وضع الإعلام بعد الثورة سيختلف تماماً عن وضعه فيما قبلها فحرية الرأي والتعبير اليوم أصبحت مكفولة للجميع كما أن الجمهور المصري اليوم علي مختلف مستوياته أصبح لديه وعي تام بكل ما له من حقوق وما عليه من واجبات لذلك هو لن يقبل بأقل من وجود إعلام علي نفس هذا القدر من الوعي والإدراك. شدد الكنيسي علي ضرورة وضع نهاية للطبقية الشديدة التي شابت أجور العاملين بماسبيرو وخلال السنوات الماضية قائلاً: الأرقام الفلكية التي تم الإعلان عنها مؤخراً لبعض الإعلاميين أصابت جموع العاملين بالمبني بإحباط شديد وأنا هنا لا أطالب بتوحيد الأجور فمن الطبيعي أن يحصل المميز في عمله علي زيادة في الأجر لكن من الضروري أيضاً أن تكون هذه الزيادة منطقية. كما شدد علي ضرورة التحرك السريع من أجل إنشاء نقابة للإعلاميين قائلاً: هذه النقابة سيتم من خلالها إطلاق وتفعيل ميثاق الشرق الإعلامي وهذا الأمر أصبح حتمياً لضمان عدم تحول الحرية الموجودة حالياً إلي فوضي ولضمان التمسك بالقيم والمبادئ والتقاليد. كما أن هذه النقابة سيكون منوطاً بها محاسبة كل من يخرج عن النص وعندما تأتي هذه المحاسبة من المجتمع المدني فمثلاً في نقابة الإعلاميين حتماً ستلقي هذه المحاسبة قبولاً من الرأي العام أكثر من أي محاسبة يمليها أي وزير وتثار حولها عدة علامات استفهام. * يقول الإذاعي عبدالرحمن رشاد رئيس شبكة صوت العرب: حتي تتمكن الإذاعة المصرية من القيام بدورها المنشود فيما بعد الثورة لابد أولاً من أن تستقل مادياً عن باقي قطاعات ماسبيرو كما يجب أن يعاد تمييز الشبكات الإذاعية وأن يعاد لكل شبكة دورها المنوط بها. طالب بسرعة البدء علي الفور في تقييم العاملين بالإذاعة من أعلي الهرم لقاعدته حتي تعود المهنية الحقيقية للإذاعة المصرية كما طالب بالبدء فوراً في برنامج تطوير الإذاعة - الذي توقف في عهد أنس الفقي وزير الإعلام السابق - علي أن يشمل هذا التطوير الجانب البشري إلي الجانب التكنولوجي. اعترف رشاد بأن الإذاعة المصرية الآن تقف "محلك سر" ولم يتم اتخاذ أي خطوات فعلية كي تعود إلي سابق عهدها مشيراً إلي أن الإذاعة في حاجة ماسة إلي ثورة حقيقية في الشكل والمضمون والأداء والرسالة لكنه عاد وقال: أنا لا أفقد الأمل أبداً طالما أن للإذاعة المصرية أبناءها المخلصين والموهوبين القادرين علي إحداث كل التغييرات المطلوبة بها. * تقول الفنانة والإعلامية دينا عبدالله: الإعلام المصري لن يتواكب مع مرحلة ما بعد الثورة إلا إذا تم القضاء تماماً علي المحسوبيات والفساد الذي استشري مؤخراً في كل جنبات المبني العريق ولابد من أن تكون هناك عدالة حقيقية في توزيع فرص العمل داخل قطاعات البرامج والإنتاج الفني لذلك لابد من أن تكون هناك خريطة برامجية مهمتها هي توزيع البرامج علي كل أبناء المبني ومن ينجح منهم في مهمته يستمر لدورة برامجية جديدة ومن يفشل تسند إليه مهمة إدارية ويسند برنامجه لوجه جديد وبهذه الطريقة سيكون لدينا دائماً دم جديد باعلام بلدنا وسيتم عمل غربلة حقيقية للعاملين بالتليفزيون المصري. وأبدت دينا تأييدها لفكرة تقديم صحفيين من خارج المبني لبرامج عبر التليفزيون المصري قائلة: أهم شيء هو أن يكون نجاح هذا الصحفي في تقديم البرنامج نجاحاً حقيقياً بعيداً عن الشللية ومجاملات الإدارة. وفيما يتعلق بقطاع الإنتاج أشارت دينا إلي أن توزيع الأدوار في الأعمال الدرامية التي ينتجها التليفزيون المصري غير عادلة علي الإطلاق بدليل أن الجمهور يري في كل رمضان نفس الوجوه الدرامية التي يراها كل عام علي عكس الدراما التركية التي لا يشارك فيها النجم في أكثر من عمل بالرغم من أن مهمة التليفزيون هي تقصي العدالة في توزيع الأدوار فهل من العدل أن يشارك فنان بعمل أو أكثر كل عام في الوقت الذي يظل فيه الآخرون بمنازلهم بلا عمل لسنوات طويلة؟ انتقدت الفنانة الشابة سياسة الأجور المستفزة التي اتبعها التليفزيون طيلة السنوات الماضية قائلة: أعلم جيداً أن أجر الفنان تحدده أمور عديدة أبرزها درجة نجوميته وأقدميته وبالتالي من الطبيعي أن يكون أجره مرتفعاً عن باقي أسرة العمل لكن هذا الارتفاع يجب ألا يصل إلي هذه الأرقام المستفزة غير المبررة فالجمهور لا يشاهد العمل الفني من أجل النجم فقط بل من أجل كل العناصر الفنية. في النهاية وجهت دينا عبدالله رسالة إلي المسئولين عن الإعلام المصري قائلة: اتقوا الله في الملايين التي توزعونها علي قلة من النجوم في الوقت الذي يظل فيه الآلاف في منازلهم بلا عمل لسنوات حتي لو كان لديهم من المال ما يكفي لمواجهة متطلبات الحياة. لنا أن نتخيل نفسيتهم حينما يتم تقديم أكثر من 60 عملاً فنياً في العام الواحد دون أن يظهروا في أحد مشاهد هذه الأعمال.