الشعر غالبا لا يصنع الأزمات. ولا يختلقها إلا نادراً. لكن دائما يعيش عليها ويقتات منها!! فالأزمات أحداث مزلزلة للكيانات البشرية: جماعة وأفرادا. والشعراء هم مؤشرات الاهتزازات والرصد لهذه الكيانات.. وقد تتداخل أزمة المجتمع مع أزمة الفرد فتولد القصيدة أو القصائد أو الابداع الشعري بعامة. حرب طروادة خلفت لنا الالياذة لهوميروس. ومقتل والد امرئي القيس علي يد أعدائه أعاده للشعر وأعاد الشعر اليه. بعد أن ابدع معلقته الشهيرة فطرده أهله. حتي استدعوه لأخذ ثأر ابيه.. وحين علم بمقتل والده الذي لم ينل منه إلا الطرد في البيادي. أغرق نفسه في الخمر. وقال: اليوم خمر وغدا أمر فذهبت مثلا. ثم المت أزمة شخصية كبري بالنابغة الذبياني حين هرب من سيف الملاك النعمان بن المنذر. وقد غضب عليه الملك بعد أن ضبطه في وضع مخل بالآداب!! مع زوجته "الملكة" المتجردة!! ومع هروب النابغة إلي الصحراء سأل معينه شعراً قصائد اعتذارية شهيرة دفعت الملك في النهاية للعفو عنه. ومع أعظم أزمات العرب في العصر الوسيط: خروجهم من بلاد الاندلس انتشرت قصائد رثاء المدن: كغرناطة وطليطلة وظلت الاندلس حاضرة في الشعر العربي جرحا نازفا حتي هذه اللحظة.. كما أن أزمة كبري سابقة علي مأساة الاندلس هي حروب المسلمين أيام علي ومعاوية. انتجت كما هائلا ورائعا من القصائد المتحيزة لهذا أو ذاك: مدحا وقدحا ووصفا ورثاء. وفي عصرنا الحديث عبر أحمد شوقي عن أزمات شخصية وعامة في قصائد خالدة: ففي نفيه الي الاندلس ابدع وفي عودته منها ابدع. وفي حروب الدولة العثمانية مع روسيا ابدع. وابدع فنا وان كان موقفا مخزيا له علي المستوي السياسي والوطني حين هجا أحمد عرابي بعد عودة الزعيم الوطني العظيم من المنفي. ثم خلفت لنا اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام والعلاقة مع الصهاينة التي فسخت علاقات العرب ببعضهم خلقت لنا دنقل واحدة من عيون الشعر العربي الحديث. إنها قصيدة أمل لنقل لا تصالح. تري ما الذي سيفيض به الوجدان الشعري الراهن. عن أزمتنا الحالية بعد ثورة 25يناير وضياع أحلام الثوار؟!!