ليس دفاعا عن الرئيس السابق حسني مبارك.. فما جري له هو بما كسبت يداه.. ولم يكن أحد يتوقع لرجل عسكري منضبط أن ينتهي هذه النهاية المؤلمة.. فقد تخلي عن انضباطه العسكري وانغمس في حب السلطة وسرت في دمه حتي لم يعد يري في الدنيا إلا مصلحته الشخصية ومصلحة أسرته وحاشيته وآل به الحال أن يصبح علي ما هو عليه من ذل وهوان. أعود وأقول وأكرر وأؤكد انه ليس دفاعا عن حسني مبارك ولكن دفاعا عن ثورة 25 يناير.. ثورة الشعب.. ودفاعا عن نظام ديمقراطي منتخب.. ودفاعا عن قيم مصر وحضارتها وتاريخها.. ومنعا لتكرار ما سبق ان شكونا منه من تفصيل قوانين خاصة لتنطبق علي شخص بعينه في وقت نتباهي فيه بأن عهد ترزية القوانين قد انتهي وانه لا يصح علي الاطلاق أن توصم ثورة يناير والنظام الذي وصل من خلالها إلي الحكم بالردة والعودة إلي تفصيل القوانين. لقد نشرت صحيفة "أخبار اليوم" بالأمس انه يتم حاليا إعداد تعديل تشريعي من خلال مجلس الشوري علي مادة بقانون الاجراءات الجنائية التي تسمح حاليا بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا علي ذمة قضايا لم يحكم فيها بالإعدام.. ويقضي التعديل المقترح بإعطاء المحكمة حق تمديد الحبس الاحتياطي لمدد جديدة دون اشتراط وجود حكم الاعدام والاكتفاء بأحكام أقل. والهدف المعلن من هذا التعديل منع الافراج عن الرئيس السابق حسني مبارك في شهر ابريل القادم بمقتضي القانون الحالي لاستكماله مدة الحبس الاحتياطي المقررة قانونا. كيف يمكن أن يتم تعديل قانون لينطبق علي شخص واحد حتي لو كان حسني مبارك؟! أليس ذلك افتئاتا علي نظام قضائي راسخ في مصر.. ودولة مفروض انها تحترم القانون والدستور؟! ليكن حسني مبارك ما يكون.. وليذهب حيث ينتهي به مصيره المحتوم.. لكن لا يجب ولا يصح أبدا أن تتلبسنا روح الانتقام.. هذا ليس ما يأمر به ديننا الحنيف.. فالله سبحانه وتعالي يقول: "ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي". لقد قيل ان التعديل الجديد يتم دراسته جيدا بمعرفة متخصصين قبل التقدم به خلال أيام إلي مجلس الشوري لإقراره حتي يمكن تطبيقه فور اصداره دون أن يشوبه أي عوار دستوري ويأتي متوافقا مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ليس الأمر أمر عوار دستوري وليس الأمر هنا يتعلق بالمواثيق الدولية وحقوق الانسان. فقد يبرع رجال القانون في احكام هذا التعديل من كل النواحي القانونية والدستورية.. ولكن الأمر يتعلق بمصر الدولة التي نتغني الآن بديمقراطيتها.. ومع ذلك ينبري مجلس الشوري لتعديل قانون لينطبق علي شخص واحد!! أليس ذلك مناقضا لكل الأعراف والقيم والمبادئ ولعهد جديد آل علي نفسه ألا يكرر أخطاء عهد سابق ثرنا عليه؟! الدكتور عز الدين الكومي وكيل لجنة الحريات بمجلس الشوري وأحد أصحاب الاقتراح.. أكد كما قالت أخبار اليوم ان الهدف من التعديل تجنب إثارة الشارع وحدوث اضطرابات متوقعة بسبب الإفراج عن مبارك!! ونحن نقول للدكتور عز الدين: كيف تكون وكيلا للجنة الحريات.. وتتقدم بقانون أو باقتراح ضد الحريات.. أليس ذلك منتهي التناقض؟! قد ترد بأن حسني مبارك يستحق أكثر من ذلك.. وقد نوافقك.. ولكن العدل عدل يا دكتور والقانون قانون بصرف النظر عن حسني مبارك أو غيره. ثم ما أدراك ان الشارع لن يثار ولن يحدث فيه اضطرابات إذا أصدر مجلس الشوري التعديل الجديد؟! هل انت ضامن لذلك يا دكتور وقلبك مطمئن إلي ان الناس سوف تستكين وتهدأ وترضي بالواقع؟! الشارع الآن وقبل إصدار هذا التعديل في حالة غليان مستمر.. والله وحده يعلم متي تستقر الأمور وتهدأ الأوضاع.. ونرجو ألا نصب مزيدا من البترول علي النار حتي لا نحترق جميعا بها.