جمال سلطان ارتبكت حكومة عبد الفتاح القصري أمس بعد ما نشر عن فضيحة التراجع المهين عن قرار منع مرور السفينة الفرنسية كليمنصو المحملة بمواد شديدة الخطورة ، ومحظور عبورها في الممرات الدولية من قناة السويس ، الحكومة المصرية أعلنت أمس بوضوح شديد أنها قررت السماح للسفينة بعبور القناة بعد أن تأكدت أنها آمنة ولا تمثل خطورة ، الأمر الذي أهاج الدنيا عليها ، فصدرت ردود أفعال مرتبكة ، ووضح أمس أن هناك ستين مسؤولا كل منهم أصدر تصريحا مغايرا للآخر ، بعضهم قال أننا ما زلنا لم نتم فحص السفينة ، وآخر قال أن السفينة تم فحصها وأنها آمنة ، بعضهم قال أن خبيرا من وزارة البيئة زار السفينة وعاينها ، وآخرون أكدوا أن خبير وزارة البيئة رفض صعود السفينة ، أحدهم قال أن الحكومة قررت السماح للسفينة بالعبور من قناة السويس عن طريق التفريعة بحيث لا تدخل مدينة بورسعيد ، وهذا كلام فجرة بلغ بهم الفجور في الكذب والاستهبال حدا لا يطاق ، لأن المجرى الملاحي للقناة لا يبعد عن بورسعيد المدينة سوى بضع عشرات من الأمتار ، ولا يبعد عن مدينة مثل الإسماعيلية سوى عشرين مترا ، وهذا يعرفه الصبيان والأطفال ولا يحتاج لأكاذيب تنسبها الحكومة لخبرائها ، مسؤول منهم قال أن السفينة ستتم مراقبتها خطوة بخطوة طوال رحلتها عبر القناة وقياس مدى التلوث في كل مرحلة ، وتسير معها قافلة على البر لمتابعتها ، فيا أيها القتلة إذا كانت السفينة تثير كل هذا القلق الذي يشبه معركة حربية باستعداداتها وتوتراتها ، فما هو ثمن مرورها ومبرره ، ثم إذا حدث ما تتخوفون منه في منتصف طريقها عند الإسماعيلية مثلا ، ماذا عساكم تفعلون سوى أن تكملوا رحلة التلوث والإجرام ذهابا إلى السويس أو عودة إلى بورسعيد ، هذا منتهى الاستهزاء بعقول الناس ومنتهى الاستهتار بأمن وسلامة المواطن ، بيد أن المهم أنك ستجد مسؤولا آخر ، ومنسوبا إلى نفس هيئة قناة السويس يقول بأن السفينة لم يسمح لها بالمرور ، ولن يسمح لها قبل حوالي ثلاثة أيام نتأكد خلالها من سلامتها ، ويحار عقلك وفهمك ، هل هذه دولة ، هل هذه حكومة ، أين الحقيقة ، أين الموقف الرسمي ، أين اختفى الأخ ذو الطلعة البهية المتحدث باسم رئاسة الوزراء أو ذو الطلعة الذكية المتحدث باسم رئاسة الجمهورية ، أين اختفى البهوات ، ولماذا يتسترون خلف مسؤولين مجهولين لا يعرفهم أحد ولا مصداقية لتصريحاتهم ولا قيمة ، تخيلوا أن دولة بحجم مصر تدار بمثل هذه العقليات والضمائر ، أسهل شيئ يساومون عليه هو سلامة الوطن والمواطن ، كما تنعدم فيه أية مصداقية للأجهزة الرقابية ، التي أصدرت أكثر من تقرير حول السفينة بدأته بأنه ثبت لديها أنها تحمل نفايات ومواد خطرة ، ثم بعد يومين ثبت لديها أنها لا تحمل مواد خطرة ، بينما المؤسسات الدولية المتخصصة ، مثل منظمة السلام الأخضر تؤكد بالوثائق خطورة ما تحمله السفينة ، تماما مثلما يفعل الطبيب الشرعي في المعتقل ، عندما تأتيه جثة المعتقل مفلوق الرأس ، فيكتب في تقريره أن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية . [email protected]