كشفت دراسة صادرة عن مؤسسة مؤشر الديمقراطية، أن مصر شهدت 1117 احتجاجًا للمطالبة بحقوق العمل أو الاعتراض على انتهاكات تتعلق بحقوق العمل ومصدر كسب القوت ليمثل رقم الاحتجاجات الذي شهدها عام 2015 رقما محرجا للنظام الحاكم في مصر. واتهمت الدراسة الحقوقية النظام الحاكم في مصر بسوء التعامل مع العمال، وقالت: الإدارة الحالية للدولة يجب أن تدرك أن عمال مصر عندما خرجوا كمحتجين، لم يدفعهم سوى أن الفساد وسوء الإدارة قد وصل لمرحلة قطع الأرزاق بشكل يجعل العامل دائم التعرض للانتهاك، وعليه فإنه مهما كان التقييد والقمع التشريعى والتنفيذي فإن العامل المصري سوف يجد الوسائل الدائمة للإفلات من هذا التقييد"، مشيرة إلى أن "المسار الصحيح هو حماية حقوق العامل بشكل يجعله يعمل في مناخ منتج عوضا عن استنزاف قواه في حماية حقوقه الضائعة" على حد وصف الدراسة. وأوضحت الدراسة بأن الاحتجاجات شملت متوسط 3 احتجاجات يوميًا، و93 احتجاجًا شهريًا. من جانبه، قال صبرى عبد الحفيظ، الباحث الأكاديمي الذي أجرى الدراسة، إن الدارسة توصلت إلى إن العمال المصريين نفذوا 1117 احتجاجا خلال العام الماضي، مشيرة إلى أن الفساد هو السبب الرئيسي وراء تدني أحوال العمال. وأوضحت الدراسة الصادرة عن مؤسسة مؤشر الديمقراطية، أن العام الماضي شهد مقتل عاملين بسبب التظاهر، وفصل وتشريد 82 عاملا لنفس السبب، والحكم بالسجن لمدة عام على 10 عمال بسبب التظاهر، والقبض على 85 آخرين بسبب الاحتجاجات والإضرابات العمالية، والتحقيق الإداري مع 27 عاملا بسبب دعوتهم للاحتجاج. ولفتت إلى أن معدل التظاهر يصل إلى متوسط 3 احتجاجات يومية، و93 احتجاجا شهريا. وذكرت الدراسة التي حصلت "إيلاف" على نسخة منها، أن شهري مارس وأبريل الماضيين، هما الأكثر احتجاجا خلال العام 2015، بمعدل 125، 126 احتجاجا عماليا، في حين بدأ العام 2015 في يناير بتنظيم 109 احتجاجات عمالية وسار بشكل شبه منتظم في أعداد الاحتجاجات حتى وصل عددها في ديسمبر ل 115 احتجاجا عماليا في مشهد يعكس غياب أي تطور في أوضاع حقوق العمل خلال العام وتواجد المحفزات المستمرة الدافعة للعامل المصري للاحتجاج ضد انتهاك حقوقه في العمل. وحسب الدراسة، فإن العاملين بالمصانع والشركات تصدروا قائمة الاحتجاجات العمالية بنسبة 21.4% بعد تنفيذهم ل 239 احتجاجا، وجاء العاملون بالهيئات والوزارات الحكومية كثانى القطاعات العمالية المحتجة بعدما نظموا 187 احتجاجا، بينما تصدر العاملون بقطاع الصحة ثالث أكثر الفئات المحتجة بعدما قاموا ب 163 احتجاجا، تلاهم العاملون بقطاع التعليم ب 148 احتجاجا، وجاء أصحاب الأعمال الحرة في المركز الخامس بعد تنظيمهم ل 105 احتجاجات، تبعهم في المركز السادس العاملون بالقطاع القضائي من محامين وقضاة وموظفى العدل والباحثين القانونيين ب 71 احتجاجا، في حين نفذ العاملون بقطاع النقل 80 احتجاجا، وارتفعت الاحتجاجات التي نفذها العاملون في قطاع الإعلام لتصل ل 44 احتجاجا، ثم المزارعون والعاملون في قطاع الزراعة ب 35 احتجاجا، فيما نظم العاملون في القطاع الأمني 27 احتجاجا منهم 26 احتجاجا من قبل أفراد في وزارة الداخلية واحتجاجا واحدا من قبل الأمن الإداري بالجامعات، في حين عكست أزمة قطاع السياحة نفسها على 18 احتجاجا نظمها العاملون في القطاع السياحى المصري. واتهمت الدراسة الدولة وأجهزتها بممارسة أقصى ملامح التفرقة والتمييز في التعامل مع الفئات المحتجة، مشيرة إلى أن قوات الأمن النظامية فضت التظاهرات العمالية والقت القبض على المشتركين بها، في نفس التوقيت الذي قام به أمناء وأفراد الشرطة ب 26 احتجاجا تنوعوا بين المظاهرات والإضرابات وغلق واقتحام أقسام ومديريات الشرطة، ولم تتخذ معهم الإجراءات نفسها، وبرر تبرير أحد القيادات الأمنية، لذلك بالقول إن الشرطة لم تعتبر ما قام به الأمناء والأفراد اعتصاما وإضرابا وأقرت بأن مطالبهم مشروعة. واعتبرت الدراسة أن هذا التصرف يعكس قمة التناقض والغياب لأدنى مفاهيم العدالة. المطالب السياسية ولفتت إلى أن وصول الفئات المحتجة من أجل حقوق العمل ل 53 فئة يعكس كم الغضب الذي أضحى يسيطر على القطاع العمالي وكم الانتهاكات التي تطال كافة مناحى العمل وكسب الرزق في مصر، مما يهدد بتصاعد وتيرة الاحتقان المجتمعي ضد الإرادة السياسية للدولة وضد مؤسساتها. ووفقًا ل"مؤشر الديمقراطية"، فإن المطالب السياسية غابت عن المشهد الاحتجاجي في العام الماضي، لافتة إلى أن الاحتجاجات صبت كل أسباب ومطالب الحراك الاحتجاجى على مطالب تتعلق بشكل مباشر بمناخ وبيئة وحقوق العمل، جاء على رأسها المطالب بمستحقات مالية للعمال والموظفين والتي تم إعلاؤها في 341 احتجاجا بنسبة 31% تقريبا من حجم الاحتجاجات العمالية، بينما مثل مطلب المطالبة بالتعيين السبب الاحتجاجي الثاني بعدما خرج العمال للمطالبة به في 115 احتجاجا بنسبة 10% من المسببات الاحتجاجية، وجاء الاعتراض على قطع الأرزاق والفصل التعسفي كثالث الأسباب الاحتجاجية بعدما خرج العمال ضده في 63 احتجاجا بينما خرج الباعة وأصحاب الحرف في 28 احتجاج ضد إزالة المحلات والأكشاك وباكيات البيع وغيرها من مصادر الرزق، وخرج العمال بالمصانع والصحف والمطاعم والفنادق ضد قرارات غلقها في 26 احتجاجا، في نفس الوقت الذي خرج العمال والموظفون فيه في 59 احتجاجا ضد النقل التعسفي. وحملت الدراسة الحكومة مسؤولية الاحتجاجات، مشيرة إلى أن قرارات وتشريعات الدولة المتعلقة بالعمل في أزمة بينها وبين العمال والموظفين وتمثل ذلك في خروج أكثر من 14 احتجاجا ضد قانون الخدمة المدنية وعشرات الاحتجاجات بسبب قرار 99 الخاص بعلاوة ال10% لمن لا تنطبق عليهم قانون الخدمة المدنية، كما كان لتجاوز وفساد العديد من إدارات الشركات والمصانع والمصالح الحكومية سببا في خروج العمال والموظفين في 26 احتجاجا للمطالبة بإقالة مسؤولين وفي 28 احتجاجا ضد القرارات الإدارية. وحول أساليب العمال في الاحتجاج، قالت الدراسة إن العمال استخدموا 28 أسلوبا احتجاجيا متنوعا تصدرتهم الوقفات الاحتجاجية حيث شهد العام 392 وقفة احتجاجية، وجاء الإضراب عن العمل كثانى الأساليب الاحتجاجية بعدما نفذ 207 إضرابات للمطالبة بحقوق العمل، في حين نفذت القوى العاملة 129 تظاهرة و 87 اعتصاما و 65 تجمهرا، 65 إضرابا عن الطعام. تنويع وتجديد لم يعتمد المطالبون بحقوق العمل على التظاهر والإضرابات والتجمعات فقط، ولكنهم حاولوا التنوع والتجديد وعدم اللجوء لفكرة التجمعات الاحتجاجية فقد نظم الإعلاميون على سبيل المثال 4 مقاطعات لتغطية أخبار مسؤول، وانسحاب من مؤتمرين كما تم تنظيم 8 حملات جمع توقيعات، لكن الأساليب الأكثر كلفة اقتصادية وتفاديا من براثن البطش الأمني والقضائى جاءت بتخفيض ساعات العمل أو تخفيض الإنتاجية، حيث قام سائقو القطارات بتخفيض سرعة القطارات للنصف بحيث يتضاعف توقيت الرحلات ويكبد الهيئة خسائر فادحة، وهو ما ظهر أيضًا في عمال الغزل الذين تعمدوا الحضور بالمصنع والامتناع عن العمل بشكل خسر الشركة في إضراب واحد أكثر من 50 مليون جنيه، مما يطرح تساؤلا هاما مفاداه لماذا تفشل دائما المفاوضات مع العمال بشكل يطرح الخسارة كبديل واحد لكافة الأطراف ؟ انتهج المطالبون بحقوق العمل مجموعة من أساليب العنف سواء ضد النفس أو ضد المؤسسات التي يعملون بها، حيث نفذوا 9 حالات إغلاق هيئات، و9 حالات منع مسؤول من دخول عمله أو اعتراض موكبه، و18 حالة قطع طريق، بينما شهدت فترة التقرير حالتي لتوثيق العمال أنفسهم بجنازير، وحالة إشعال النيران بمصدر الرزق، وحالة انتحار من عامل و 11 محاولة للانتحار.