روى الصحفي الأفغاني قيس رحماني اللحظات المرعبة التي مر بها بعد غرق قارب التهريب الذي كان يستقله للذهاب من منطقة إيجه التركية إلى أوروبا وفقدانه طفله الذي يبلغ من العمر أربعة أشهر قائلا:"كانت المياه تتدفق إلى داخل القارب وكان يوجد على ظهره 19 شخصا; خمسة أطفال و14 رجلا وامرأة. وبعد ثلاث ساعات والنصف لفظ إبني أنفاسه الأخيرة بين يدي". ويعمل محمد قيس رحماني مراسلا دبلوماسيا دوليا في إحدى المحطات التلفزيونية الخاصة في أفغانستان، وبعد مرور عام على زواجه من سيارا سمادي وصل إلى العالم إبنهما محمد سومر. وقرر رحماني الذي يعمل في قناة Aviama New في كابول وزوجته التي تعمل في قناة بى بى سي الهجرة بعد تلقيهما تهديدات بالموت من قبل عناصر إرهابية. وعندما لم تسعف الظروف الاقتصادية الثنائي الذي وفد إلى تركيا لإتمام دراسة الدكتوراه وتواصلا مع المهربين وطلبا الهجرة إلى أوروبا على متن أحد القوارب. ويروي رحماني كيف تواصل مع هؤلاء المهربين وانطلقا في رحلتهما على النحو التي رواها رحماني قائلا: قمنا ببيع ذهب زوجتي ثم اتجهنا إلى إسطنبول وتواصلنا مع المهربين. وأخبرونا أنهم سيرسلوننا إلى أوروبا على متن قارب صغير لكنني اعترضت موضحا أن لدي طفل صغير، فخفضوا لنا التكلفة وقالوا لنا إنهم سيرسلوننا نظير ألفي دولار. مكثنا في إسطنبول خمسة أيام ترددنا خلالها في اتخاذ القرار في الذهاب أوعدمه. صلينا صلاة استخارة وقرأنا القرآن الكريم داعين الله. وانطلقنا في رحلتنا مستقلين ثلاثة حافلات وكان من بين المهربين سوريون وأفغان وإيرانيون وأتراك. واستغرقت رحلتنا إلى جناق قلعة تسع ساعات، ثم اتجهنا في منتصف الليل إلى الغابة. وكان ابني لا يكف عن البكاء وكان الجو مطيرا. ظللنا في الغابة من الساعة الثالثة وحتى الثامنة ثم وفد المهربون وقادونا إلى الوجهة المقصودة.
ظللنا في الغابة جياعا بلا طعام أو شراب أوضح رحماني أن المهربين في اليوم التالي أحضروا قاربين بلاستيكين صغيرين فأخبرهم أنه لن يذهب على متن هذه القوارب قائلا:" كان القارب يترنح في البحر مع كل شخص يصعد على متنه وعملوا على إقناعنا قائلين إن القارب سيسعنا جميعا. ربطنا حقائبنا بالقارب فنحن في الغابة بلا طعام ولا شراب. وأخبرتني زوجتي أنها تريد الماء. فبحثت لها عن الماء وعثرت على القليل منه ومنحتها إياه وظللت أنا أشعر بالجوع والعطش. وانقضت 15 دقيقة على وجودنا في عرض البحر تقدمنا خلالها صوب اليونان. كانت المياه تتدفق إلى داخل القارب وكان يوجد على متن القارب 19 شخصا; خمسة أطفال و14 راشدا.فقام أحد الأشخاص بإخراج المياه من القارب مستخدما حذاءه. ثم توقف محرك القارب. فسحب أحد اللاجئين خيط المحرك قائلا إنه سيعمل على تشغيله. وعندما انقلب القارب سقطنا جميعا في المياه. فمددت يدي أسفل المياه وأمسكت بابني. كان حينها لا يزال على قيد الحياة. كنا في المياه وكان ابني نائما داخل غطائه الذي تبلل بعدما سقطنا في المياه. ظل ابني يبكي لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة. وواصل رحماني حديثه باكيا وقال:"عندما انقلب القارب كانت زوجتي بعيدة عنا وعندما بدأ ابني البكاء شرعت في السباحة صوبنا. ورفعته عاليا بيدي. وكان البحر يسحبنا. بقينا في عرض البحر لأربع ساعات دعوت الله أن يأخذ روح ابني من شده بكائه. لم أستطع النظر فقد كان يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي. كنت أفكر في قتل نفسي لكنني لم أستطع. ونظرت أسفل أذني ولدي، كان يلمع كالنجوم. ثم نظرت إلى الغيوم فوجدت لفظ الجلالة مكتوبا عليها فقالت زوجتي"أنظر لقد أتت نصرة الله وسننجو من هذا المأزق". وبعد مرور ثلاث ساعات ونصف الساعة مات ولدي. وربطت زوجتي بجسدي مستخدما حزامي. ثم رأيت قاربا من بعيد فصرخت طالبا النجدة بالإنجليزية والكردية. لم يعد صوتي مسموعا. فدعوت الله قائلا: يارب لا تقتلنا من البرد واقتلنا في مكان آخر".وفيما بعد اتجهنا من منتصف البحر إلى الساحل. ووصل أحد القوارب فمنحتهم ابني. خلعنا ملابسنا المبتلة ثم ذهبنا إلى الشرطة العسكرية. وجهت نداء إلى العائلات الأفغانية عبر الفيس بوك ألا يأتوا إلى هنا اليوم هو اليوم الثالث عشر. توجهنا إلى أنقرة ونشرت ما حدث على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وطلبت من العائلات الأفغانية الأخرى ألا تأتي عبر طريق التهريب. وتداولت وسائل الإعلام الأفغانية القصة.فالجميع في أفغانستان بات يعرف وضعي. إتصل الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زاي ووزير الخارجية الأفغاني صلاح الدين رباني بالقنوات من الولاياتالمتحدة وأوروبا وقاموا بتعزيتي. سنمكث في هذا الفندق لخمسة أو ستة أيام أخرى. وهدفنا هو إتمام دراسة الدكتوراه في تركيا. حالة زوجتي النفسية حاليا مدمرة ولا أعرف كيف ستصبح فيما بعد.