يبدو أن سيطرة حركة "طالبان" على مدينة "قندوز" في شمال أفغانستان، شكل صدمة قوية للولايات المتحدة, وأربك حساباتها بهذه الدولة الآسيوية, خاصة أنه جاء وسط تقارير غربية عن تراجع قوة الحركة, في أعقاب وفاة زعيمها الملا محمد عمر. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها في مطلع أكتوبر أن محللين وصفوا هذا التطور بأنه "ضربة موجعة" لواشنطن, لأنه سيمنح مقاتلي "طالبان" قاعدة هامة للعمليات تتعدى المعاقل التقليدية في جنوبأفغانستان, حيث يتوقع أن تنطلق الحركة من قندوز لشن هجوم أوسع في شمال أفغانستان. وتابعت أن الدلالة الأخطر أيضا أنه إذا نجحت طالبان في الحفاظ على قندوز تحت سيطرتها, فإنها ستكون المرة الأولى منذ 14 عاما, التي تستولي فيها على مدينة, حيث أن سقوط مدينة كبرى مثل قندوز، هو أمر استعصى على طالبان منذ عام 2001 , عندما تمت الإطاحة بها من قبل تحالف دولي تقوده امريكا. واستطردت " الهجوم الذي شنته طالبان من أربعة محاور في 28 سبتمبر, وانتهى بسيطرتها على قندوز, أظهر أيضا قوة طالبان على أرض المعركة, رغم الأنباء عن وجود انقسامات بداخلها, في أعقاب وفاة زعيمها الملا محمد عمر". وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن قندوز كانت أيضا آخر معاقل طالبان في شمال أفغانستان في نوفمبر 2001 , عندما انهارت قبضتها على البلاد أمام الضربات الجوية الأمريكية. وأضافت أن هناك أيضا بعدا اقتصاديا لسقوط قندوز, حيث أنها مشهورة بزراعة الحبوب, وهو ما سيمنح طالبان السيطرة على أحد أهم محاور الاقتصاد الأفغاني. وبدورها, نسبت صحيفة " نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى بيتر كوك السكرتير الصحفي ب"البنتاجون"، قوله إن سيطرة طالبان على قندوز يعتبر "نكسة", مشيرا إلى أن الجيش الأفغاني حشد قوة كبيرة تعدادها بالآلاف لاستعادة المدينة. وأضاف كوك أنه بالإضافة إلى الغارات الجوية, فإن هناك عددا من قوات التحالف الدولي يساندون القوات الأفغانية كمستشارين. وقالت "نيويورك تايمز" في تقرير لها في 30 سبتمبر إن الهجوم المضاد, الذي شنه الجيش الأفغاني، فشل في استعادة قندوز من طالبان, على الرغم من القتال العنيف الذي اندلع بين الجانبين، بل, وانتهى الهجوم المضاد بتمكن "طالبان" من محاصرة مطار لجأ إليه مئات من الجنود الأفغان, ظنا منهم إنه سيكون بمثابة الملاذ الآمن لهم. وأشارت الصحيفة إلى وقوع مقاطعة "تخار" الواقعة شرق "قندوز" أيضا في يد "طالبان". وكانت طالبان تقدمت في 28 سبتمبر إلى داخل قندوز من أربعة اتجاهات ، ورغم أن القوات الحكومية الأفغانية بالمدينة كانت مدعومة بواسطة المقاتلات الأمريكية, إلا أن الحركة سيطرت على غالبية المباني الحكومية, واجتاحت السجن المركزي بالمدينة، وأطلقت سراح مئات السجناء, إضافة إلى سيطرتها على مكتب الحاكم, الذي لم يكن متواجدا بالمدينة في ذلك الوقت. ويرى مراقبون أن سقوط قندوز يشكك في فعالية القوات الحكومية الأفغانية, التي تتلقى دعما غربيا في قتالها المتواصل ضد طالبان. يذكر أن حلف شمال الأطلسي " الناتو" أنهى رسميا دوره القتالي في أفغانستان أواخر 2014 , وقلص وجوده هناك، حيث يتولى حاليا تدريب القوات الأفغانية, وتقديم المشورة لها, لكن الطائرات الأمريكية بلا طيار, ما تزال تستهدف طالبان، كما أن هناك قوة أمريكية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان.