37 شهيدا و151 جريحا حصيلة غارات إسرائيلية على لبنان خلال 24 ساعة    ضرب المواقع النووية الإيرانية .. هل يدعم ترامب الرد الإسرائيلي؟    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة والأوقات المستحبة للدعاء المستجاب    سعر صرف العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه اليوم    الدولار يتجه لتسجيل أكبر مكسب أسبوعي منذ أبريل بسبب التوتر في الشرق الأوسط    أفيخاي أدرعي ينذر سكان الضاحية الجنوبية    حزب الله: مقتل وإصابة أكثر من 20 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً    محمد رمضان يحسم جدل رفض كولر قرار تعيينه مديرا رياضيا    الفيفا يفتح تحقيقين في إمكانية إيقاف إسرائيل    أول صورة للممرض الذي عثر الأمن على أشلاء جثته بالقاهرة    طقس اليوم: حار نهارا ومعتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 30 درجة    ضبط سائقين لسرقتهم شركة بالمعادي    ايه سماحة تكشف مفاجأة بخصوص نهاية مسلسل «عمر أفندي»    آيه سماحة تكشف قصة تعارفها على زوجها محمد السباعي    مهرجان الموسيقة العربية.. تفاصيل وموعد وأسعار تذاكر حفل تامر عاشور    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 4 أكتوبر بسوق العبور    «رفضت فلوس الزمالك».. القندوسي يكشف كواليس انتقاله إلى الأهلي    رقص «حسين لبيب وشيكابالا».. احتفالات خاصة ل لاعبي الزمالك بعد الفوز على الأهلي (فيديو وصور)    رئيس دار الأوبرا: 114 فعالية فنية بمهرجان الموسيقى العربية و54 حفلا غنائيا    كوستا: جوميز مُعجب بأدائي..ولا أحد يستطيع رفض الانضمام للزمالك    "وما النصر إِلا من عِندِ الله".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    هالة صدقي تصور مسلسل إش إش مع مي عمر في رمضان 2025    مدير الأكاديمية العسكرية: بناء القوة والحفاظ على الهيبة يحتم بيئة تعليمية حديثة    ليتوانيا تصدق على اتفاق لنشر 5 آلاف جندي ألماني    «أنا قدامك خد اللي إنت عايزه».. حكاية صعيدي أراد التبرع ب«كليته» ل أحمد زكي (فيديو)    قيادي بحركة فتح: نتنياهو يُحضر لحرب دينية كبرى في المنطقة    برج الأسد حظك اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024: تلتقى بشخص مٌميز ومكالمة مٌهمة    مايكروسوفت تضيف مزايا ذكية ل Windows 11    مصررع طفلة رضيعة في الدقهلية.. اعرف السبب    ملف يلا كورة.. برونزية مونديالية للأهلي.. وانتهاء أزمة ملعب قمة السيدات    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    مدير الكلية العسكرية التكنولوجية: الخريجون على دراية كاملة بأحدث الوسائل التكنولوجية    محافظ الدقهلية يستقبل وفد اتحاد القبائل لتنفيذ مبادرة تشجير    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    صندوق النقد الدولي يكشف موعد المراجعة الرابعة لقرض مصر    قرار عاجل من "التنمية المحلية" بشأن عمال التراحيل    خبير اقتصادي يكشف تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على البورصة    رئيس هيئة المعارض يفتتح «كايرو فاشون آند تكس» بمشاركة 550 شركة مصرية وأجنبية    قبل طلب الخدمة.. رابط وخطوات تحديث بطاقات التموين أون لاين    وليد فواز عن حبسه في مسلسل «برغم القانون»: إن شاء الله أخرج الحلقة الجاية    "قمة سيدات الأهلي والزمالك".. مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: الخريجون ذو فكر متطور وقادرون على الدفاع عن الأمن القومي    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    صحة دمياط: إجراء 284 عملية جراحية متنوعة منذ انطلاق المبادرة الرئاسية بداية    صحة دمياط: الكشف على 943 مواطنًا ضمن مبادرة «حياة كريمة»    تعزز الصحة الجنسية .. لن تتوقعها فوائد مذهلة للرجال بعد تناول البرتقال    أبرزها «الملعقة» و«الزيت».. حيل ذكية لتقطيع البصل بدون دموع    طريقة عمل الكريب، أكلة المطاعم اصنعيها بنفسك في البيت    حرب غزة في يومها ال363 | الاحتلال يزعم اغتيال 3 قادة في حماس للمرة الرابعة !!    متحدثة "يونيسيف": 300 ألف طفل لبناني دون مأوى بسبب الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلوك الطاغية علاء سعد حسن
نشر في المصريون يوم 27 - 10 - 2011

بمجرد انتشار خبر وصور مقتل معمر القذافي.. تداعت إلى ذاكرتي مباشرة المقولة الشعبية الراسخة في نفوس شعوبنا العربية المسلمة في مجموعها الأعظم وهي مقولة: اللهم لا شماتة..
حاولت قبل أن أسطر هذه السطور أن أقف على أصل هذه المقولة التي تتردد على ألسنة كل الناس باعتبارها حكم ديني إسلامي.. فلم أستطع أن أجد لها أصلا..
ولكن هذا لا يمنع أن نجزم واثقين أن الإسلام نَهَى عن المُثلة.. وأن كرامة الإنسان ورهبة الموت تمنع يقينا من التنكيل بالميت.. بل إنه أمام جثة أي إنسان أيا كان موقعه في الدنيا لا نملك إلا أن نقف خاشعين متأسين بحديث نبينا صلى الله عليه وسلم عندما وقف لجنازة يهودي وأجاب أصحابه رضوان الله عليهم: أليست نفس؟
وقبل أن نتجاوز هذا المشهد المصاحب لقُفول صفحة القذافي وحكمه لننتقل إلى قضايا أكثر أهمية وجدوى من البحث عن التجاوزات التي يمكن أن تكون صاحبت مقتله أو التي قد تكون حدثت – أو لم تحدث – في إظهار الفرحة حول جثته التي كانت يجب أن توارى بالدفن العاجل احتراما لكرامة الإنسان – أيا كان – التي كفلها له المولى عز وجل..
قبل أن نتجاوز هذا المشهد أجدني معترفا أن من حق ضحايا الطاغية أن يشعروا بشفاء الصدر بهذه النهاية المأساوية لطاغية جسم على صدور أجيال متعاقبة أكثر من أربعة عقود كاملة.. وأن القرآن الكريم لم ينكر المشاعر الإنسانية الطبيعية التي تعتري النفوس البشرية .. فقال تعالى : " قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ{14} وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{15}التوبة
وبدهيا أن استشهادنا بالآيتين الكريمتين ليس له علاقة بتكفير الطاغية من عدمه، فلست مؤهلا في الأساس لتناول القضية من هذه الزاوية فضلا عن أن عقيدة أهل السنة والجماعة لا تكفّر مسلما بكبائر الذنوب والمعاصي، وإنما الشاهد من الاستشهاد هو جواز وجود غيظ القلب وشفاءه بالانتقام الذي يحدث من الظالمين..
إنما ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ملاحظة سلوك الطاغية.. هذا السلوك الذي يكاد يمثل شكلا نمطيا لشخصية كل الطغاة عبر التاريخ قديمه وحديثه..
أتوقف تحديدا أمام مشهد النهاية مذهولا وأنا أرى الصورة التي حاول الطاغية رسمها لشعبه في بداية الثورة ومنتصفها قبل أن تسقط طرابلس في أيدي الثوار.. لقد وصف شعبه بالجرذان الذين ينتشرون في السراديب وتحت الأرض، ثم توعدهم بالمطاردة من بيت لبيت وزنقة زنقة ودار دار – تلك المقولة الخالدة التي أصبحت فواصل الفضائيات الكوميدية ورنات الموبايل أيضا – ثم تشاء إرادة الله تعالى أن يُعلن عن أسر القذافي أو قنصه رغم اختبائه في ماسورة صرف صحي – وسواء صدقت هذه الرواية أم لم تصدق فإنها تجسد صورة اختباء الجرذ التي حاول مرارا أن يلصقها بشعبه الصابر المناضل..
وأكدت مصادر حرسه التي ظلت تحميه حتى اللحظة الأخيرة وآمر الحرس الذي أصيب بجواره في لحظات الختام.. أن القذافي وأبناءه ومعاونيه كانوا يعيشون في سِرْت أيامهم الأخيرة – منذ سقطت طرابلس – متنقلين من بيت لبيت ومن دار لدار ومن زنقة لزنقة ومن تجمع سكني لآخر!!
نفس الصورة التي رسمها الرجل لشعبه هي نفس الصورة التي انتهت بها حياته.. فهل كان الرجل يكذب وهو يصور شعبه على هذا الشكل؟ أم أنه كان يرى بعين خياله التصرف الطبيعي الوحيد الذي سيتصرفه هو لو كان في مكان شعبه مطاردا بكتائب المرتزقة والقتلة التي أنفق عليهم ثروات بلاده من أجل قتل الشعب الأعزل الصامد؟..
لقد كان الطاغية يرسم لنا صورته هو، وكان يصف شعبه من خلال رؤيته هو وفي حدود ثقافته هو ومن خلال ردود أفعاله الطبيعية المتوقعّة منه هو شخصيا..
حتى عندما كان الطاغية يظن أنه يَسُب شعبه أو يصفه بما لا يليق فلم يكن يمارس معهم سوى ما يسمى في علم النفس بالإسقاط..
هذا هو سلوك الطاغية فهو لا يرى إلا ذاته، لا يرى أبعد من أنفه.. يرى نفسه المنتفشة فقط.. يعلن أنه البطل الأعظم في حين أنه يؤمن في قرارة نفسه بأنه الجرذ المطارد من زنقة لزنقة ومن بيت لبيت ومن دار لدار .. رغم كونه كان مازال في وسط حراسته وكتائبه ومازالت المرتزقة تتدفق عليه بفاعلية الدولار.. والبترول الذي يفجر هذه الفاعلية المالية مازالت ينابيعه تحت يديه وأيدي كتائبه!!
أفضى الرجل إلى ما قدّم وهو الآن بين يدي ربه سبحانه وتعالى الشهيد الحكم العدل الحق.. لم تعد لنا قضية مع الرجل..
لم يعد الكتابة عنه أو التحدث في شأنه شيء ذو بال، أو يجب أن يكون الأمر كذلك.. لم يبقَ منه سوى العبرة والعظة بلا شماتة ولا تشفّي ولا غيرها من أحقاد النفس أو مشاعرها..
ذهب الطاغية ونحن مطالبون بأن نلتمس العبرة من حياته ونهايته كما عقّب الله تعالى على قصة فرعون {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى }النازعات26
ذهب الرجل.. وترك لنا العبرة لمن أراد أن يعيد تجربة الطغاة من جديد.. وترك لشعوبنا الأبية المناضلة الصابرة المحتسبة شعارا خالدا يردد مع الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
فإن إرادة الشعوب التي تتحول إلى عمل دءوب ودعاء مخبت لله تعالى لابد أن يستجاب لها فلا يرد القدر إلا الدعاء..
وصدق الفاروق عمر إذ قال: إنما نَفرُّ من قدر الله إلى قدر الله.. فقدر الحرية والكرامة والعدالة والمساواة هو القدر الحق الذي هو أحب إلينا من قدر موهوم بالاستكانة والظلم والخضوع والذلة..
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.