تعد محافظة أسيوط من المحافظات الغنية بالآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية، وبمرور المحافظة بأحداث العنف التى شهدتها فى الثمانينيات تم رفعها من خريطة الآثار السياحية، وظلت الأماكن الموجودة بها ليس لها قيمة سوى الحراسة التى عليها، وأن هذه الأماكن الأثرية لو تحولت إلى بازارات لحوّلت المحافظة إلى صرح أثرى وجلبت الكثير من الأموال ورفعت مستوى المعيشة ووفرت آلاف فرص العمل لأبنائها، ومع مرور السنوات وبعد الثورة مباشرة تم النظر إليها ووضعها على الخريطة السياحية، ولكن هذا القرار لم يفعل على أرض الواقع، ما جعلها حتى الآن أفقر محافظات الجمهورية. وانتشرت ظاهرة الهدم والتى كانت بدايتها مع قصر حبيب باشا شنودة أول منطقة السادات فى التسعينيات، وأخيرًا مقر الوطنى المنحل الذى تم هدم جزء منه بالجانب الشمالى لتغيير معالمه الأثرية وإجبار اللجنة المختصة لإحالته إلى اللجنة الخاصة بالمنشآت الآيلة للسقوط، وهذا هو المخرج القانونى الذى تستخدمه مافيا الأبراج للتخلص من تلك القصور وتحويلها إلى أبراج خرسانية صادمة للعين. وكان المحافظ الأسبق أصدر قرارًا بترميم المبنى، إلا أن القرار لم ير النور حتى الآن، وانتقلت الأحداث للأسف إلى قصر آخر وهو قصر زكريا مهران بالقوصية، والذى كان يعد تحفة معمارية وشاهدا على حقبة تاريخية عظيمة شهدتها أسيوط فى العصر الحديث يظهر مدى تقدم العمارة والفنون بالمحافظة، وشهد معركة شرسة لمنع هدمه أطاحت بأحد أعضاء اللجنة الخاصة بالأبنية التاريخية بالمحافظة من منصبة ليتقلد منصبًا آخر بعيدًا كل البعد عن مجال عملة السابق بعد أن رفض التوقيع على قرار الهدم. وامتد العبث بالأبنية التاريخية حتى كاد أن يطول سينما رينسانس، وقام إثر ذلك عدد من كبار الفنانين بتنظيم وقفة احتجاجًا على بيع السينما، ولولا تدخل اللواء إبراهيم حماد المحافظ الحالى لكاد مقر السينما أن يتحول إلى أبراج سكنية. وأكد محمد أبو عين من أهالى مركز البدارى، أن الآثار تعانى من عدم الاهتمام رغم وجود أقدم محكمة بالتاريخ لكنها مهمشة، وقد قدمت من قبل أن تكون هذه الآثار بها مرسى لأنها قريبة من نهر النيل، ولكن لا يوجد أى رد من المسؤولين وتم إثارة الموضوع كثيرا ودون أى جدوى ولا يوجد مصريون يذهبون إلى هناك، ولا حتى رحلات مدرسية. وأضاف أبو عين أن الطريق المؤدية إلى المنطقة الأثرية لا تليق بمنطقة عشوائية، وحتى أهالى البدارى لا يذهبون إلى آثار الهمامية ولا يوحد تأمين لهذه الآثار. وطالب أبو عين بترميم المنطقة لأنها متهالكة ولا يوجد أى اهتمام بها، على الرغم من وجود أقدم محكمة بها وتقديمها بشكل يليق بالحضارة الفرعونية، وتكون على الخريطة السياحية بالمحافظة وتجلب عائدًا للدولة ولا يستغلها آخرون للنهب والسرقة. وأشار عبد الرحمن الشحات، محام، إلى أن مدينة أسيوط كانت تسمى فى القرنين ال19 وال20 بمدينة القصور، وهو دليل واضح على ثراء أسيوط فى تلك الفترة التاريخية، موضحًا أن هذه المبانى مسجلة تحت مسمى المبانى التاريخية، وهذا المسمى لا يحول دون هدم المبنى كما لو كان مسجلاً فى تعداد الآثار، وطالب بسرعة تسجيل تلك القصور فى تعداد الآثار، ووقف نزيف هدمها، حيث إنها جزء من التراث. فيما انتقد شريف محمد شرقاوى فنى بجامعة أسيوط، سياسة المحافظة التى تبنت ترميم بعض الأماكن الأثرية وصرف أموال طائلة، ولكن دون جدوى فوقفت المشاريع وأهدرت الأموال وعادت تلك المناطق مهجورة كما كانت. وطالب شرقاوى بضرورة النظر إلى محافظة أسيوط وتفعيل قرار عودتها على الخريطة السياحية، لكى ترفع مستوى المحافظة ويعم الخير على الجميع.