عام التصقت فيه أسماؤهم بجماعة "الإخوان المسلمين" ضمن "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، فهل ستكفى بيانات من عدة كلمات يعلنون فيها تمردهم عن الجماعة وسعيهم إلى فضاء أكثر رحبًا بعيدًا عن ذلك التحالف الذى يتمسك بعودة الرئيس محمد مرسى، إلى ثورة 25 يناير وأهدافها من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، ليخرجهم من تلك البوتقة، ويهديهم إلى طريق آخر غير النفق الذى صاروا فيه معًا، واكتشفوا مؤخرًا أنه يؤدى إلى اللاشىء، فقرروا التراجع عدة خطوات إلى الوراء، إلا أنه طبقًا للقاعدة المعروفة "لا ثمة طريق مفروش بالورود والعودة دائمًا ما تواجه بعقبات"؟ لم يكن خبر إعلان حزب "الوطن" انسحابه من التحالف بالمفاجئ، بل المتأخر بعض الوقت، فمنذ انسحب حزب "الوسط"، تسربت أنباء أنه وإن كان الأول لن يكن الأخير، وأنه سيلحق به كل من حزب "الوطن" و"الجماعة الإسلامية". وعن سبب التأخر فى تلك الخطوة، قال مصدر بالتحالف ل"المصريون"، إن ذلك جاء بناء على اتفاق تم مع الأحزاب التى تود الانسحاب، حيث يفصل عدة أسابيع بين كل إعلان انسحاب والآخر، حتى يقلل ذلك من أثره على التحالف، ولا يعكي انطباعًا بأن التحالف انهار، لاسيما أن جماعة الإخوان ومن تبقى من أحزاب معها فى التحالف يقومون بحركة إعادة هيكلة، بالاستعانة ببعض الحركات الشبابية ك"شباب ضد الانقلاب" و"عمال ضد الانقلاب"، لتأكيد أن التحالف مستمر ولن ينهار، لما يمثل استمراره ولو صوريًا من أهمية للجماعة فى الخارج، حتى لا تظهر خسارتها فى جولة جديدة. غير إن ثمة عقبات تواجه منسحبي التحالف فى الصورة النمطية، من ربطهم بجماعة الإخوان المسلمين ورفض باقى أحزاب المعارضة التنسيق معهم حتى لا توصم بنفس الصفة، وعدم توصلهم إلى صيغة اتفاق مع الدولة حتى الآن، والتى يعيقها بعض أجنحة الحكم التى ترفض أى مصالحة وترغب فى استئصال التيار الإسلامي، والثالث عدم جاهزية تلك الأحزاب على المستوى الداخلى لخوض الانتخابات البرلمانية، خاصة بعدما أصابها من تفكك وانشقاقات على مدار العام الماضي. وقال الدكتور محمد عبد اللطيف، القائم بأعمال رئيس حزب "الوسط"، إن حزب "الوطن" نسق معهم قبل الانسحاب من التحالف، وإن مبدأهم الرئيسى الذى يتحركون طبقًا له فى المرحلة القادمة، هو التنسيق مع كل الأحزاب التى تحمل نفس أهدافهم والمتمثلة فى أهداف ثورة 25 يناير. وأضاف أن التنسيق لن يقتصر فقط على تشكيل جبهة معارضة تضم تلك القوة، بل هناك أشكال أخرى سيتم الكشف عنها فى حينها، مشيرًا إلى أنهم يتواصلون من حين لآخر مع حزب مصر القوية، وأنهم لن يخوضوا الانتخابات فى ظل الظروف والوضع العام الحالي. وفى السياق ذاته، توقع الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شؤون الإسلام السياسي، أن تنضم الجماعة الإسلامية إلى حزبي الوسط والوطن، وتعلن هى الأخرى انسحابها من التحالف، مشيرًا إلى أنهم أخذوا رأى قواعدهم وجمعياتهم العمومية فى البقاء أو الانسحاب، وكانت الأغلبية مع الانسحاب. وأوضح حبيب التحديات التى ستواجه تلك القوى، لاسيما فى قضية خوضهم الانتخابات، قائلًا إن ذلك ليس بالأمر الهين، حيث إن تلك الأحزاب غير جاهزة داخليًا لخوض الانتخابات بعد التفكك الذى أصابها نتيجة تحالفها مع الإخوان وانشقاق العديد منها. وأشار إلى أن تلك القوى ستركز فى المرحلة القادمة على إعادة ترتيب بيتها من الداخل وإعادة ترتيب صفوفها، وتغير الصورة النمطية عن سيطرة الإخوان عليهم، والتأكيد أن كل حزب يعمل منفردًا بعيدًا عن الجماعة. وعن طريقة مواجهة ذلك، قال حبيب، إن الجماعة الإسلامية أكثر من يرغب فى خوض الانتخابات، ونظرًا لعدم جاهزيتها فقط تنسق مع حزب "النور" وتدفع ببعض قياداتها بين قوائمه، حتى تضمن تمثيلها وإعادة دمجها فى العملية السياسية ولو بالقليل، أما حزبا الوطن والوسط، فمن الصعب تحالفهم مع النور، ومن ثم قد يتجهون إلى تشكيل جبهة وسطية يضمون إليهم فيها حزب مصر القوية، وهو غير معلوم موقفه حتى الآن من خوض الانتخابات البرلمانية، وقد يرفض خوضها هو الآخر، ولكن تلك الجبهة ستحاول أن تمارس المعارضة والتنسيق مع الحركات الشبابية وحزب الدستور والتيار الشعبي. وأضاف الخبير فى شؤون الإسلام السياسى، أن تلك الأحزاب قد تلعب دورًا آخر فى محاولة إقناع جماعة الإخوان المسلمين والقيادات فى الخارج، بالتراجع عن الخط الذى تسير فيه، وتمهيد الطريق لها للعودة تدريجيًا. من جهة أخرى، أكد عمرو عمارة، منسق تحالف الإخوان المنشقين، أنهم بدأوا بالتنسيق مع بعض القوى الإسلامية فى التجهيز لقائمة إسلامية لخوض الانتخابات البرلمانية، للدفع بها حال فشلت جهود المصالحة، مؤكدًا أنه مستمر فى التنسيق مع كل من حزب الوسط والنائب محمد العمدة، رافضًا فى الوقت ذاته التأكيد أو النفى لما إذا كان حزبا الوسط والوطن والجماعة الإسلامية ضمن تلك القائمة أم لا.