(الدول المجتمعة تتشارك الالتزام بالوقوف متحدة ضد الخطر الذي يمثله الإرهاب على المنطقة والعالم بما في ذلك ما يعرف بتنظيم الدولة في العراق والشام) ، كان هذا جزءا من نص البيان الختامي لاجتماع التحالف الإقليمي لمواجهة الإرهاب ، وخاصة إرهاب داعش في العراقوسوريا والذي تلاه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ، وقد طالب البيان بوضع خطط وسياسات، وتقاسم الأدوار بين "الحلفاء" للقضاء على التنظيمات الإرهابية ، بقي أن نعرف أن هؤلاء الحلفاء يتوسطهم : مصر وقطروتركيا ، وتم الاجتماع برعاية أمريكية خلال الاجتماع الذي تم عقده في جده أمس ، وسوف يقوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بزيارة للقاهرة غدا السبت من أجل التباحث في تفاصيل التحالف وما تقدمه مصر وتلتزم به مع "شركائها" الجدد . المشهد ، عندما يوضع في إطار ما يتم تصويره وشيطنته في الداخل المصري لكل من الولاياتالمتحدةوقطروتركيا ، يصبح مشهدا كاريكاتيريا بامتياز ، فما يتم ترويجه في الداخل المصري عبر "الخبراء الاستراتيجيين" إياهم ، من السادة اللواءات السابقين في أجهزة المخابرات الحربية والعامة والعسكريين والقنوات الفضائية التي تم تسكين رجالهم فيها ، يوزع خطابا سياسيا وأمنيا واستراتيجيا يقول بأن مصر تتعرض لمؤامرة أمريكية لإسقاط نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وأن الولاياتالمتحدة لا تريد للسيسي أن ينجح وأنها تتحالف مع الإخوان "الإرهابيين" وتدعمهم ضد الأمن القومي المصري وأن مصر تواجه حرب "الجيل الرابع" التي تفرضها عليها واشنطن وتريد عن طريقها تفتيت مصر وتقسيم مصر من خلال "الخونة" في الداخل والذين هم تقريبا نشطاء ثورة يناير ، وكلام طويل عريض على نفس هذا المنوال ، هذا الخطاب الذي يتماهى تقريبا مع الخطاب الإيراني القديم والتقليدي عن أمريكا "الشيطان الأكبر" ، ثم تفاجأ بأن هذه الدولة التي تتآمر على مصر وتحرض ضد السيسي وتخوض هجوما من "الجيل الرابع" على مصر لتدميرها وجعلها مثل سورياوالعراق ، تفاجأ بأنها حليفة قوية لمصر ، ومصر من أخلص داعمي خططها في المنطقة والعالم ، وقيادات أجهزتنا ودولتنا بالكامل تخلص في التعاون معها أو حسب نص البيان الأخير لتحالف جدة (تتحد معها) في مشروعاتها الأمنية والعسكرية والسياسية والاستراتيجية في العالم ، بل تفاجأ بأن مصر تبذل جهدا ضخما من أجل أن تقنع الولاياتالمتحدة بأنها شريك لها في الحرب على الإرهاب ، وأنها تستطيع أن تقدم الكثير لأمريكا وحلفائها وتعرض خدماتها بكل اخلاص لخدمة الأهداف الأمريكية ، وتبعث وزير خارجيتها في جولة مضنية لدول حلف "الناتو" من أجل إقناعهم بقبول مصر في التحالف ضد الإرهاب ، ورغم أن الحلف الجديد قرر استبعاد روسيا والتي بادلته الاتهام بأنه ليس تحالفا من أجل الإرهاب وإنما التآمر على المنطقة ، بما يعني أن مصر "تبيع" روسيا وبوتين من أجل أمريكا ، وأن الخطاب الفخم الضخم عن التوجه نحو روسيا لضرب أمريكا وإذلالها كان كلام مساطيل . الأمر نفسه في ما يتعلق بتحالف مصر مع قطروتركيا في هذا المشروع ، والتنسيق بينهم وتبادل الأدوار والمهمات و"الاتحاد" فيما بينهم لمواجهة الإرهاب في العالم ، حسب البيان الختامي لمؤتمر جده الذي شاركت فيه مصر وقطروتركيا ، فالذي فهمه عقلي القاصر خلال السنة الماضية من الإعلام الرسمي والخطاب الرسمي المصري وتصريحات الوزراء والكبراء والجهابذة المحللين والاستراتيجيين ، أن قطر عدو داعم للإرهاب وأنها تتآمر على مصر وأنها متورطة مع الرئيس الأسبق محمد مرسي في الإضرار بالأمن القومي المصري وسرقة أسرار الجيش المصري وخططه حيث اشترته بحاجة "ببلاش كده" !! ، ثم بعد أسبوع واحد من هذه "الهوجة" والصراخ والشتائم والضجيج تفاجأ بأن وزير الخارجية المصري يضع يده في يد وزير الخارجية القطري ويتعاهدون سويا على العمل معا بكل إخلاص لخدمة الإنسانية ومكافحة الإرهاب ، والأنكى من ذلك ، أن يضاف إلى ذلك كله "تركيا" والمتآمر العظيم على مصر "أردوغان" أكبر راعي للإرهاب في المنطقة حسب منطوق الإعلام الرسمي المصري ، فإذا بالقدرة الإلهية تجعله حليفا لمصر اليوم وغدا ينسق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الخطط ويتبادلون الأدوار في مواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة ..... يا مثبت العقل والدين يا رب !!!