قال مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد إن قوانين مكافحة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية, التي تُقرها الدول لا تحول بشكل مطلق عن اللجوء إلى القضاء الدولي. وأضاف عيد في تصريحات لقناة "الجزيرة" أنه في حالة إثبات المجني عليه تعسف القضاء المحلي, وعجزه عن تحقيق العدالة داخل بلده, يمكنه اللجوء إلى جهتين هما: المحكمة الجنائية الدولية، والمحكمة الإفريقية، اللتان تقومان بدورهما في نظر القضايا والبت فيها. وتابع أن إثبات الضحية تعسف القضاء المحلي يمكن أن يتم عبر الاحتكام إلى المعايير القانونية الداخلية أو الخارجية مما يمكّن من تدويل جرائم فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وفق تقديره. وأقر عيد بأن مسار التدويل سيكون أكثر صعوبة في حال إقرار الحكومة المصرية مشروع قانون جديد خاص بمكافحة جرائم الإبادة الجماعية، والحرب والجرائم ضد الإنسانية، ويقضي بمعاقبة الضالعين بها حتى, وإن كانوا عسكريين. وربط مراقبون بين توجه الحكومة المصرية لإقرار مشروع قانون خاص بمكافحة جرائم الإبادة الجماعية، والحرب والجرائم ضد الإنسانية، وبين سعي نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لمنع تدويل مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة العام الماضي، وأحداث العنف التي سبقتهما وتلتهما. ويبرز القلق الحقوقي والسياسي تجاه هذا المشروع بالنظر إلى امتناع محكمة الجنايات الدولية عن نظر القضايا الخاصة بالدول التي ينظم تشريعها الداخلي معاقبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، مما يعني أن المشروع قد يغلق الباب أمام إمكانية تدويل الجرائم, التي ارتكبت في مصر بعد الثالث من يوليو 2013. ويبدو المشروع صارما من حيث العقوبات الموقعة على مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والحرب، إذ تتراوح بين الإعدام والسجن المؤبد لكل من ارتكب أثناء السلم أو النزاع المسلح فعلاً يقصد به إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو دينية كلياً أو جزئياً. وتشمل هذه العقوبات جرائم القتل العمد، والإضرار الجسدي والعقلي، والإخضاع لأحوال معيشية مهلكة والسجن والتعذيب البدني والنفسي، وكذلك الاحتجاز القسري والاغتصاب. وينص مشروع القانون على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للإفلات من المساءلة الجنائية، بما في ذلك القادة العسكريون. وحسب توضيحات حكومية، تسعى مصر من خلال المشروع للانضمام لقائمة الدول التي يتكامل تشريعها الداخلي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، سواء وقعت داخل أو خارج البلاد. واستبعد مقربون من الحكومة في تصريحات صحفية عدم ارتباط دراسة مشروع القانون في الوقت الحالي بالتقرير الذي أصدرته منظمة "هيومان رايتس ووتش" قبل أيام عن أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة, والذي أدانت فيه مسؤولين رسميين. ووافقت الحكومة المصرية قبل أسبوع على صيغة للمادة 32 من مشروع القانون والخاصة بتحديد الدوائر القضائية, التي ستنظر جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. وكانت وزارة العدل أعدت المشروع في النصف الثاني من العام الماضي، وتنص المادة 32 منه على اختصاص دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة بنظر هذا النوع من الجرائم. وفي حال اختصاص القضاء العسكري، تخصص دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات العسكرية للنظر في الجرائم التي يحددها المشروع.