يبدو أن قيثارة "الفيسبوك" لم تعد تعزف لحناً جديداً، والملل حل في "سكان" أكبر امبراطورية على الإنترنت، فراحوا يميلون إلى إسقاطها في حركة "انفصالية" خطيرة لم يشهدها الموقع منذ تأسيسه، إلى درجة أن أكثر من 7 ملايين أمريكي وكندي أقفلوا الشهر الماضي وحده صفحات افتتحوها لهم فيه سابقاً، بعد أن أدمنوا على ارتيادها لسنوات، والانسحابات الشبيهة بالانتحارات الجماعية هي إلى مزيد، لكن أحداً لا يعرف السبب. وبدأت المعلومات عن حركة "الانشقاق" التي يشهدها العدو الأكبر للدكتاتويات في الإنترنت من "إنسايد فيسبوك" المتخصص بمراقبة الموقع التواصلي الشهير، فذكر أنها المرة الأولى التي تشهد فيها الولاياتالمتحدة تراجعاً بهذا الحجم في عدد المستخدمين خلال عام امتد من مايو/ أيار 2010 إلى الماضي هذه السنة. ويعترف موقع "إنسايد فيسبوك" أن عدد المستخدمين زاد في بعض الدول، و منها المكسيك، بمليون عضو جديد السنة الماضية، لكنه يقول ان بريطانيا أيضا شهدت "تمردا" حمل أكثر من 100 ألف فيسبوكي على اقفال صفحاتهم فيه الشهر الماضي وحده، فما الذي يجري في "دولة" بدأ معدل تزايد "المواليد" ينخفض فيها فجأة بعد أن كان يتكاثر كما غيوم الجراد منذ تأسيسها حتى أصبح هذا الشهر 687 مليون نسمة، ليس بينهم أي طفل ولا أمي؟ المتحدث باسم فيسبوك نفسه لا يملك الجواب الشافي الملبي للفضول، وما قاله الأسبوع الماضي هو التقليل فقط من صدقية أرقام الانسحابات، معتبرا أنها تستند الى بيانات مأخوذة أصلا من المادة الاعلانية للموقع، لذلك استبعدها كمصدر" لمعرفة النمو الفعلي والحقيقي لعدد المستخدمين" كما قال. كما صدر عن "فيسبوك" الذي لا يعلق اجمالا على أي معلومات بشأنه وردت من أي مصدر، ما يفيد بأن أخبارا تصل أحيانا الى القيّمين عليه عن هجرة أعداد من زبائنه في بعض المناطق "لكننا راضون عن نمو أعداد مستخدمي شبكتنا، وعن الطريقة التي يتفاعلون بها معها " وفق بيان أصدره. الفيسبوكيون العرب الى مزيد وثلثهم من النساء أما "إنسايد فيسبوك" فيقدم دليلا بالأرقام يثبت أن صحة الامبراطورية التي لا تنام ولا يغيب عنها القمر والشمس ليست على ما يرام، فيقول ان معدلات نمو المستخدمين الجدد هي الى تباطؤ والهجرة من الموقع الى مزيد، وبشكل خاص وفجائي الشهر الماضي، فقارن بين من انضموا فيه للموقع، وعددهم 11 مليون و800 الف مستخدم جديد، وبين المنضمين اليه قبلها بشهر، وهم 13 مليونا و900 ألف، بينما كان الاقبال 20 مليون عضو جديد بكل شهر من أول 3 أشهر العام الجاري. لكن تناقضا ظهر بين احصاءات "إنسايد فيسبوك" وأخرى نشرتها شركة "كوم سكور" التي تؤكد تسجيل زيادة 21% في أعداد مستخدمي الموقع بالولاياتالمتحدة الشهر الماضي، كما تؤكد أن نسبة الوقت الذي يتصفح فيه المستخدمون للموقع ارتفعت 4 دقائق في 2010 عما كانت عليه قبلها بعام، وأصبحت الآن 25 دقيقة. أما عربيا فزاد الأعضاء، البالغين أكثر من 27 مليون مستخدم، طبقا لتقرير من كلية دبي للادارة الحكومية، وهو الثاني لها حول "دور الاعلام الاجتماعي بالوطن العربي" ويتضمن استطلاعا ومعلومات بأن الفيسبوكيين العرب زادوا 30 % بالعالم العربي في أول 3 أشهر هذا العام. في التقرير أيضا أن شعوب الامارات وقطر والكويت والبحرين ولبنان هي الأكثر استخداما، والنمو الأكبر في الجدد حدث في الدول التي تشهد اضطربات وتحركات مدنية، وأن تركيا تتصدر قائمة المستخدمين في الشرق الأوسط، لكن معظم الجدد هم من مصر، حيث ينشط أكثر من مليوني فيسبوكي، وأن الشباب من 15 الى 29 سنة يمثلون 70% من عرب الموقع، منهم 30% نساء. والفيسبوك هو سلاح 85% ممن شملهم استطلاع أكدوا فيه أنهم استخدموه بشكل أساسي في دولهم أثناء الاضطرابات والاحتجاجات لتنظيم الأشخاص ونشر المعلومات وزيادة الوعي بالحركات الشعبية وتحديد مواعيد التظاهرات وما سيرفع فيها من شعارات والتعبير عن الفعل والرد عليه بالضغط على الأزرار. وهناك دراسات سريعة تم نشرها في اليومين الماضيين في بريطانيا بشكل خاص، عن أسباب انخفاض عدد المستخدمين الجدد للموقع في أوروبا والولاياتالمتحدة، أو أسباب تزايد الانسحابات، وملخصها أن الملل من "الفيسبوك" هو السبب الأول، فالمستخدم لم يعد يجد فيه جديدا والروتين كما هو كل يوم. كما أن الأشياء لا يمكن أن تستمر بالتصاعد الى ما لا نهاية، فوراء كل طلعة نزلة وللاتساع حدود، وتصفح الموقع لم يعد الهروب النفسي الوحيد لمستخدميه، ويبدو أن الانسحابات بدأت تظهر كأنها انتحارات جماعية من موقع سيطرح اسهمه للتداول في البورصات العام المقبل كشركة قيمتها 100 مليار دولار، وحتى ذلك الموعد سيعرف الموقع حجمه الحقيفي.