روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ » . والناظر إلى هؤلاء الثَّلَاثَة الذين اشتركوا في هذا الوعيد الشديد نرى أنهم يفعلون الذنب مع ضعف الدواعي له كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ فإن داعية الزِّنا فِي الشَّيخ ضعيفة ، وكذلك داعِيَةُ الكذب في الْمَلِك ضعيفة ؛ لاسْتِغنائه عَنه ، وكذلك دَاعِيَةُ الكِبر في الفقيرِ . فَإِذَا أَتَوا بِهَذه الذُّنُوب مَع ضَعْف الدَّاعي دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي نُفُوسِهِم مِن الشَّر الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ به من الوعيد مَا لَا يَسْتحقُّه غيرهم . فمثلا من أقبح الكذب أن يكذب الرئيس على شعبه مع أنه يملك من السُّلُطات ما يجعله ينأى بنفسه عن هذا الخلق الذميم . - فعندما تولى الفرعون مبارك الحكم برز للشعب في ثياب الواعظين والناسكين يقول : (( الكفن ليس له جيوب )) ! ثم اكشفنا مؤخرًا أن له مليارات الجيوب . - قال الفرعون : (( الرئيس لا ينبغي أن يحكم إلا مدتين فقط )) ! وهذا مسطر وقتها بالبنط العريض في الصفحة الأولى لجريدة الأخبار . ثم كذب وحكم ست فترات وكان يستعد لتوريث ابنه لمثلها . - قال الفرعون : (( إنه ينحاز لمحدودي الدَّخْل من الفقراء )) ! ثم رأيناه ينحاز للأغنياء والمليارديرات ويُصاهرهم وما انحاز يوما للفقراء الذين يضج بهم المشهد الآن بعد رحيله . لقد خرجوا له بالفلنات الداخلية وصرخوا أمام مجلس الشعب فلم يرق لهم . - وَعَدَ الفرعون شعبه في كل فترة رئاسة بالرخاء وهناء العيش فلم يَصْدُق مرة واحدة وازدادت تعاسة الشعب ! - قال الفرعون أنه لن يسمح بتجويع غزة ثم رأينا مشاركته في حصارها وبيع الغاز لإسرائيل بأبخس الأثمان في الوقت الذي يقف الشعب المصري في الطوابير لأخذ أنبوبة غاز . - قال الفرعون في خطاب المَسْكَنَة قبل خلعه : (( إن الأشخاص زائلون والأوطان باقية )) مُرَدِّدًا كلام رئيس الوزراء أرد وجان الذي قال له مثل هذا الكلام قبلها بيوم ، ثم وجدناه يتشبث بالكرسي إلى أن أُجْبِر على الخلع والتنحي . - في آخر خطاب للفرعون توعد بمحاكمة من أجرموا في حق شباب الثورة وسفكوا دمه !! وهو الذي قتلهم وتلوثت يده بدمائهم ! وقديما قالوا (( إذا كنت كذوبا فكن ذكورًا )) ، وصدق النبي صلى الله عليه و سلم إذ يقول : (( إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا )) . والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل . أشرف عبد المقصود [email protected]