اتهمت جماعة "الإخوان المسلمين" النظام بأنه يناقض نفسه من خلال تعهده بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة بينما يشن اعتقالات واسعة خلال الفترة الماضية طالت 164 من أعضاء الجماعة وامتدت إلى أرزاقهم فيما وصفها بحملة "إرهاب"، وتساءلت مستنكرة عما إذا كان هذا الأمر يتطابق مع مفهوم "المواطنة" الذي تؤكد عليه الحكومة. وأشارت كذلك إلى تدخل في الانتخابات الطلابية بالجامعات، خشية نجاح طلاب قالت إنهم "يدعون إلى الإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة"- في إشارة إلى طلاب الجماعة- بأصوات زملائهم الطلاب والطالبات، وذكرت أنه "لا يدرك خطورة استمرار خنق الحريات وانتهاك الحقوق والحرمات". وجاء في بيان أصدرته الجماعة الأحد، "إننا لا نخشى على أنفسنا من مثل هذه الحملات الظالمة، ولكننا نشفق على الوطن الذي وصل الاحتقان فيه مداه، وبلغت القلوب الحناجر نتيجة للفساد الرهيب غير المسبوق الذي نجم عن زواج الثروة بالسلطة، والغنى الفاحش الذي ترفل فيه طبقة قليلة من بطانة الحكم، بينما سقطت الغالبية العظمى من الشعب فريسة الفقر والغلاء والبطالة والمرض، ناهيك عن مصادرة الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها النظام البوليسى في كل زمان ومكان، ونخشى من انفجار شعبي لا يبقى ولا يذر"، على حد قول البيان. وأضافت: "اعتدنا قبل كل انتخابات في مصر أن نسمع تصريحات متكررة من أركان النظام بأنها ستكون حرة شفافة نزيهة، واعتدنا أيضا في كل مرة أن تسبقها وتواكبها حملة اعتقالات كبيرة في صفوف "الإخوان المسلمين" وصلت في بعض الحالات إلى اعتقال أكثر من ستة آلاف شخص، واعتدنا أن تكون هذه الاعتقالات بداية تزوير كبير لإرادة الأمة". وتابع: "الآن بدأ التزوير والإرهاب الحكومي مبكرا فتم القبض على 164 شخصا من الإخوان المسلمين ومهاجمة المؤسسات الاقتصادية ومصادرة البضائع والأموال مهما كانت ضئيلة من أجل قطع أرزاق الناس وإشغالهم بأنفسهم وصرفهم عن المشاركة في أداء واجبهم الوطني الذي نص عليه الدستور في المادة (62) من أن ( للمواطن حق الانتخاب وإبداء الرأي وفقا لأحكام القانون وأن مساهمته في الحياة العامة واجب وطني). وتساءل البيان: هل هذا هو التطبيق الحكومي لمبدأ المواطنة الذي صدعوا به رؤوسنا؟، أم أن "الإخوان المسلمين" ليسوا مواطنين وليست لهم حقوق؟، في الوقت الذي تصف فيه الحكومة الجماعة بالمحظورة وتعتبر الشعارات التي ترفعها تتنافى مع الدستور الذي يحظر استخدام الشعارات الدينية. وقال الدكتور حمدي حسن، المتحدث باسم كتلة "الإخوان" إن تلك الحملات المتتالية تؤكد على نية الحكومة عدم إجراء انتخابات برلمانية نزيهة، وما يؤكد ذلك أن عدد المعتقلين قبل إعلان الجماعة عن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية القادمة كان لا يتجاوز الأربع أو الخمس معتقلين، ووصل بعدها إلى أكثر من 150 معتقلاً خلال أسبوع من إعلانها المشاركة، إلى جانب مصادرة الأموال والمنشآت والتعدي على أرزاق الناس. واعتبر في تصريح ل "المصريون"، أن الاعتقالات تدل على صواب قرار الجماعة بالمشاركة في الانتخابات القادمة، لأن "هذا يؤكد على أن الحكومة لم تكن ترغب بمشاركة الجماعة حتى لا يتم الكشف عن كم التجاوزات التي ستقوم بها بالانتخابات القادمة ونيتها المبيتة في تزويرها"، على حد قوله. وأضاف: كل حكومات دول العالم تعتبر أن مشاركة أي تكتل في الانتخابات مهما كان اتجاهه أو انتمائه هو إثراء للحياة السياسية، أما الحكومة المصرية فتعتبرها فترة جيدة لإثراء المعتقلات بالأصوات المنافسة لها، وفترة جيدة للقيام بمصادرة الصحف والقنوات التليفزيونية والبرامج التليفزيونية الهامة ذات الطابع المعارض، إلى جانب إحكام الرقابة علي كل شي حتى عللا الرسائل القصيرة (SMS). ووصف حملات الاعتقال والتضييق على وسائل الإعلام بأنها محاولات "مكشوفة ومفضوحة من قبل الحكومة من أجل تزوير الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي إذا نجحت فيها، فهذا يؤكد حالة التزوير التي تسعي إليها ويؤكد من بعدها عدم شرعية الانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في العام المقبل". من جانبه، رأى الدكتور محمد جمال حشمت القيادي الإخواني البارز، أن تلك الاعتقالات "دليل على إفلاس النظام في مواجهة جماعة الإخوان وعدم القدرة على إجراء انتخابات نزيهة ويظهر هذا جليا في اعتقالها لأعضاء الجماعة والمعارضين وإغلاق الصحف والقنوات الفضائية إلي جانب شخصنة القضايا في بعض الأوقات". وقال إن هذا "المنهج يعتبر مقدمة واضحة لتزوير يجعل الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو ما يمهد بالتالي لتزوير انتخابات الرئاسة القادمة، فانتخابات الشورى زورت بالصوت والصورة والأرقام وهناك أحكام قضائية أكدت ذلك ولم يتم تنفيذها، وإذا تكرر هذا في انتخابات مجلس الشعب القادمة فهذا سيمثل حالة من حالات الانهيار الدستوري في الانتخابات الرئاسية القادمة ويؤكد عدم شرعيتها من الأساس". وأوضح أن مواجهة "العبث" بالعنف من جانب "الإخوان" ليس حلا، وأن الحل "لن يأتي إلا بالمواجهة القانونية والمواجهات السلمية"، وقال متوجها للأصوات التي تستنكر على "الإخوان" الموقف "المتخاذل" تجاه حملات الاعتقالا والاعتداء الأمني على الطالبة الأزهرية سمية أشرف على يد الحرس الجامعي، "لابد أن تطرحوا أفكارا بديلة سلمية في التعامل مع مثل هذه المواقف مراعين الحفاظ على مقدرات الدولة وعدم الدخول في حالة فتنه أو الانزلاق إلى فكر العمل المسلح ضد النظام". وأضاف متوجها لهؤلاء "أنتم تواجهون دولة وعليكم أن تدركوا قيمة المواجهة وآليات تلك المواجهة بخاصة عندما تواجه نظامت في حالة "خبل وفاقد للوعي"- على حد تعبيره- وبالتالي فتلك الأحداث تحتم علينا التعامل معها بمساحة من العقل ولا تحتاج إلى التهور أو النظرة الضيقة، وكأنها عملية ثأر، وهذا الأمر الذي يقع فيه البعض سيؤدي إلى انتهاء وجودهم وانتهاء أفكارهم وإعلان انتصار الدولة على تلك الأفكار والأشخاص التي كانت تحمل في مضمونها كل الخير". وأكدت في الوقت ذاته أن الجماعة تعاملت مع الموقف بحزم ونظمت وقفات احتجاجية سلمية تندد بما حدث وتتضامن مع الطالبة، وتم اتخاذ إجراءات قانونية ودستورية وكانت النتيجة تنديد حقوقي ومجتمعي وإقليمي ودولي تجاه الحادث.