رئيس "الموساد" الأسبق عن مروان: لقد حذرنا بأن الهجوم المصري سيبدأ بقصف مدفعي وجوي ثم عبور قناة السويس "أشرف مروان كان أفضل جاسوس لدينا"، كان تلك العبارات جزءًا من شهادة موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أمام لجنة "أجرانت"، التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية بعد حرب أكتوبر 1973، لمعرفة أسباب هزيمتها أمام مصر في تلك الحرب. الشهادة بحق أشرف مروان، زوج ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والذي لقي مصرعه في ظروف غامضة في يونيو 2007 إثر سقوطه من شرفة منزله بلندن، جاءت في إطار وثائق أفرج عنها الأرشيف الحكومي الإسرائيلي الخميس، ضمن وثائق أخرى لمجموعة أخرى لرؤساء الاستخبارات الحربية و"الموساد" وسلاح الجو. ووفقا للوثائق التي نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية مقتطفات منها - فإن ديان اعتمد على تقدير مخابراته الحربية، لأنها كانت على حق حتى اندلاع الحرب، ملقيًا بالتهمة على رئيس أركانه دود أليعازر الذي أكد له أن مصر وسوريا لن تشنا الحرب، وأن الفرص منخفضة جدًا لحدوث الأمر، ولم يقدم له توصيات بتعبئة الجنود الإسرائيليين. وبعنوان فرعي "التحذيرات التي أرسلها الجاسوس مروان"، ذكرت الصحيفة نقلاً عن الوثائق أن ديان وجه نقدا لاذعا لرئيس مخابراته الحربية ايلي زاعيرا لأن الأخير لم يوقظه من نومه في الأول من أكتوبر 1973، عندما تلقى زاعيرا من أحد المصادر معلومات تتعلق بنية "العدو" شن الحرب ضد إسرائيل. وقال ديان في شهادته أمام قضاة اللجنة "لقد كتبت له رسالة بعد نشوب الحرب وسألته لماذا لم يوقظني فأجاب بأنه قام طوال الليل بفحص كل المعلومات وفي الأيام الأخيرة قبل الحرب توصل إلى تقدير بأن تلك المعلومات عن نية المصريين والسوريين ليس لها أساس من الصحة، ولهذا لم يقم بتحذير رئيس الأركان أو تحذيري". ولفتت الصحيفة إلى أن اللجنة سألت ديان عن التحذير الذي تلقاه من الجاسوس أشرف مروان بلندن، فأجاب "إنني أذكر أنه نما إلى علمي أن رئيس الموساد التقي به، وبعث ببرقية بها كلمة (مواد كيميائية) والتي تعني الحرب، وبعدها قال لي رئيس المخابرات الحربية للمرة الأولى أن رئيس الموساد تسيبي زامير تلقى من مصدره تحذيرًا". ووفقًا للوثائق، سألت اللجنة وزير الدفاع الأسبق عن رأيه في مروان، فأجاب "بشكل عام كان هذا أفضل مصدر لدينا، المعلومات التي كنا نتلقاها منه كان يتم قبولها كمعلومات موثوقة، لقد كان مصدرا جيدا ودقيقا". وألقى ديان بالمسئولية أيضا على رئيس "الموساد" زامير، قائلا أمام اللجنة أن الجهاز الاستخباراتي لم يقدر بشكل صحيح نوايا العدو بشن الحرب، مضيفا " تقديرات زامير أكدت عدم نشوب الحرب، قابلته في ال 26 من شهر سبتمبر عام 73 وصرح لي بذلك، وبعد الحرب التقيت مرة أخرى، وسألته ببساطة :ماذا كانت تقديراته فيما يتعلق بفرص الحرب قبل ال 6 من أكتوبر، وأجابني بأنه لم يعتقد أنها ستندلع". وعن رئيس الأركان، قال ديان: "دود أليعازر كانت مأسورا حتى اللحظة الأخيرة قبل اندلاع الحرب بفكرة أن فرص نشوبها منخفضة جدا، وحتى بعد تلقي تحذيرات من القيادات الشمالية بأن السوريين يعززون قواتهم ويمكنهم توجيه ضربة وعدم وجود عائق يمكنه الوقوف أمامهم". كما أوردت الصحيفة مقتطفات من شهادة ايلي زاعيرا رئيس المخابرات الأسبق أمام اللجنة –والتي تنشر للمرة الأولى-، والتي قال فيها للقضاة "المصريون خدعونا وغرروا بنا، لقد أخطأ سلاحنا الاستخباري فيما يتعلق بتقديراته إزاء الحرب". وبموجب الوثائق المفرج عنها، فإن زاعيرا وصف التحذيرات التي بعث بها جواسيس بالدول العربية لتل أبيب بأنها ليس لها أي قيمة؛ خاصة أن هؤلاء العملاء قدموا معلومات عن نشوب الحرب وحددوا لها أكثر من موعد، ولم تنشب الحرب في تلك المواعيد فيما عدا ال 6 من أكتوبر"، متحدثا عن أحد هؤلاء العملاء الذي حذر من نشوب الحرب في 1 أكتوبر قائلا " قالوا لي أن هذا الجاسوس حذر من نشوب الحرب 15 مرة وفي كل مرة لم يحدث شئ ما، فلماذا اعتمد عليه؟". ولفتت الصحيفة إلى أن زاعيرا تحدث في شهادته أمام اللجنة على ما يبدو عن أشرف مروان وذلك بقوله، إنه" تلقى معلومات من عميل في الساعة الرابعة فجرا من يوم ال6 من أكتوبر، وتتعلق ببدء الجيشين المصري والسوري الحرب قبل المساء على كلا الجبهتين، ومن ثم التقيت بكل من وزير الدفاع ورئيس الأركان ونائبه، وأوصيتهم بتعبئة الاحتياطي هذا بالرغم من أن هذا العميل ومن يوم ما تعرفت عليه وهو يطلق تحذيرات بنشوب الحرب ولم تتحقق". وأضاف: "98 % من الجيش المصري لم يكن يعرف أن الحرب ستنشب حتى ال 6 من أكتوبر وكان يعتقدون أن الأمر ليس إلا تدريبا عسكريا عاديا، لقد تلقى الجنود المصريون تعليمات بعدم الصيام في شهر رمضان يوم ال5 من أكتوبر، ومن يسمع هذا ينشأ لديه انطباع بأن تلك التعليمات تشير إلى حالة الإرهاق بين هؤلاء الجنود وأن الأمر ليس إلا تدريبا". وعن رئيس "الموساد" تسيبي زامير، أوردت الوثائق شهادته أمام القضاة والتي تحدث فيها عن التحذيرات التي بعث بها مروان عن اندلاع الحرب، قائلا: "كانت التحذيرات بأن الهجوم المصري سيبدأ بقصف مدفعي وجوي ضد أهداف الجيش الإسرائيلي، وفي أعقاب ذلك ستقوم القوات المصرية بعبور قناة السويس، الهجوم سيبدأ قبل المساء". ووفقا للوثائق، فإن مسئولية الهزيمة الإسرائيلية تقع أيضا على سلاح تل أبيب الجوي، لافتة إلى أن تقديرات الأخير كانت عن عدم نية القاهرة الهجوم على تل أبيب، ونقلت عن رفائيل هاليف - القيادي باستخبارات سلاح الجو وقت الحرب- قوله للجنة " كنت اعتقد أن مصر لن تشن حربا لأنها تشعر بأنها ليست قوية بشكل كاف على الصعيد الجوي، وبالأخص فيما يتعلق بمهاجمة قواعدنا وتوجيه ضربات للعمق الإسرائيلي ولهذا كانت تقديراتنا أن فرص الحرب منخفضة، كنا على يقين أن المصريين لن يرتكبوا أي أخطاء".