أثارت قضية ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، للانتخابات الرئاسية القادمة جدلاً واسعًا بالشارع المصري، ما بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، وذلك على الرغم من كل تصريحات الفريق السيسى طوال الفترة السابقة أنه لا ينتوي الترشح للرئاسة وأن خدمة الوطن و"شرف البدلة العسكرية" أهم بكثير من حكم مصر وأنه لا يطمع في هذا المنصب. إلا أن الجدل ما زال مستمرًا بين القوى السياسية وداخل الشارع المصري حول إمكانية ترشح السيسى للرئاسة وهل القانون العسكري سيسمح له بالترشح أم لن يسمح له إلا بعد الانتهاء من خدمته العسكرية، بالإضافة إلى عدم اتضاح الرؤية بشأن وضع الرئيس في الدستور القادم وهل سيكون مقيد الصلاحيات أم يتمتع بصلاحياته كاملة فكل هذه العوائق تعد حقولَ ألغام في طريق الفريق السيسي لكرسي الرئاسة في مصر. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء الخبراء حول الألغام التي تقف أمام الفريق السيسي لترشحه للرئاسة وهل ستعوق ترشحه للانتخابات أم لن تؤثر على إمكانية خوضه الماراثون الرئاسي المقبل. يقول اللواء دكتور زكريا حسين، المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا وأستاذ العلوم الإستراتيجية، إنَّ أهم العقبات التي يمكن أن يواجهها الفريق أول عبد الفتاح السيسي، أنَّ أي رئيس قادم من حقه أن يحيل أى وزير دفاع إلى التقاعد وهذا له معنى خطير فأي خلافات بين الرئيس القادم ووزير الدفاع قد تعرض الأخير للإطاحة به من منصبه ولذلك فهناك محاولات الآن لتحصين منصب وزير الدفاع ورغم كل ذلك فالفريق السيسي يرفض الترشح للرئاسة وكلنا مؤيدون لذلك؛ لأن دوره الوطني أهم بكثير من ترشحه للرئاسة، حيث إن الدستور لا يمكن أن يعطى صلاحيات لرئيس الجمهورية مثل ما كان في النظامين السابقين فستكون محددة حتى لا يتم استخدامها بشكل خاطئ من أى شخص يصعد للحكم. وعما إذا كان السيسى ينتظر صلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور الجديد حتى يقبل بالترشح للرئاسة أم يرفض ذلك، قال "حسين" إن هذه نوايا الفريق السيسى وحده ولا يعلمها أحد إلا الله ولا يوجد شخص يستطيع أن يجزم بذلك. وأشار حسين إلى أن قانون الخدمة العسكرية المنظم لإدارة المؤسسة العسكرية يعطى الحق للفريق أول عبد الفتاح السيسى وكل الضباط مطلق الحرية في اختيار سن التقاعد وليس ملزمًا بسن معينة مثل قانون العمل الحكومي؛ لأن المؤسسة العسكرية لها ظروف خاصة فمن حق الفريق أول عبد الفتاح السيسى أن يختار سن تقاعده في الوقت الذي يراه مناسبًا وفى ذلك الوقت سيصبح مواطنًا عاديًا يستطيع ترشيح نفسه للرئاسة.
من جانبه، يشير اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، إلى أن من حق أي عسكري وليس الفريق السيسى فقط أن يطلب إحالته للتقاعد دون التقيد بشرط السن؛ لأن قانون الخدمة العسكرية والمنظم للإدارة العسكرية يعطى الحرية لأي ضابط أن يطلب إحالته للتقاعد إذا أراد ذلك ويخرج معاشًا مبكرًا، وتتم الإجراءات خلال فترة وجيزة، وإذا أراد الفريق أول عبد الفتاح السيسي الاستقالة من منصبه كوزير للدفاع فلابد من موافقة رئيس الجمهورية على هذه الاستقالة. وأشار مسلم إلى أن الفريق السيسى إذا ترشح للرئاسة فهو يريد أن يخدم وطنه بغض النظر عن الصلاحيات التي سيمنحها له الدستور لرئيس الجمهورية، فالسيسى هو الشخص القادر في الفترة القادمة أن يمسك بزمام الأمور ويستطيع الحفاظ على هذا البلد وأي ألغام في طريق الفريق السيسى إذا أراد ترشيح نفسه سيذيبها الجميع في مصر، وأنه من حق أي شخص تنطبق عليه شروط الترشح للانتخابات الرئاسية أن يتقدم، وعلى الشعب أن يختار مَن يراه الأصلح سواء كان ينتمي للقوات المسلحة أم لا طالما لا توجد مادة بالدستور تمنع أي شخص ينتمي للمؤسسة العسكرية أن يرشح نفسه لأى انتخابات سواء برلمانية أو رئاسية. في سياق آخر، يقول الدكتور محمد عبد السلام، الخبير العسكري، إن القانون العسكري لا يسمح لأي شخص أن يتقدم باستقالته ولكن يعطى الحق بالتقدم بطلب للخروج على المعاش المبكر لأنه لا توجد سن معينة للخروج على المعاش في المؤسسة العسكرية فلابد على الفريق أول عبد الفتاح السيسى أن يتقدم بطلب للخروج عن المعاش؛ حتى يستطيع ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية كأي مواطن عادى، وإذا جاء السيسى للحكم سيأتي عن طريق الصندوق مثله مثل أى شخص يرشح نفسه، ولا يمكن أن يدخل السيسى قصر الاتحادية على دبابة، ولكن إذا أراد أن يدخله لا بد عن طريق الصندوق، ومن الأفضل لمصر أن يظل الفريق أول السيسي قائدًا عامًا للقوات المسلحة ويجب أن تظل القوات المسلحة مؤسسة مستقلة، تتدخل لإنقاذ الوطن في الوقت المناسب، كما حدث في 25 يناير، و30 يونيه، وسوف يكون السيسي في قيادة السلطة التنفيذية إلى جوار مجلس الوزراء فالقوى السياسية ستحدد موقفها بشكل مستقل في حالة إعلان السيسي الترشح بشكل مباشر.
وأكد عبد السلام أن هناك خسائر كثيرة يمكن أن يسببها ترشح الفريق السيسى للرئاسة، أولاها أن السيسى سيخسر حالة الاتفاق الشعبي وسينزل من مرتبة الزعيم الوطني لمرتبة المرشح، وأن مصر ستخسر رمانة ميزان خارج المعادلة السياسية، وأن القوات المسلحة ستدخل معترك السياسة وستضع نفسها كجبهة ما يمثل خسارة للمؤسسة العسكرية، وأيضًا سنفقد أهم ما أنجزته الثورة وهو دخول الشعب المعادلة السياسية وستعود الجماهير لمقاعد المتفرجين مرة أخرى ونعود لنقطة الصفر لأنه في بعض الأحيان يمكن أن يكون هناك قرارات لا تنال رضا الجميع وستغضب البعض ويمكن أن نجد مَن يخرج ويقول "يسقط حكم العسكر". من منطلق آخر، يقول اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري وأحد أبطال حرب أكتوبر، إن منصب الفريق عبد الفتاح السيسى الآن هو القائد العام للقوات المسلحة وإذا أراد الدخول في سباق الانتخابات الرئاسية في المرحلة القادمة فعليه أن يتقدم باستقالته إلى الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء. وأشار إلى أنه لم يتم حتى الآن إعلان الفريق عبد الفتاح السيسى ترشحه للانتخابات الرئاسية، وإذا أعلن دخوله فسوف يتجرد من كل المناصب التي يتقلدها لأنه لا يمكن أن يحتل أكثر من منصب في الدولة وهذا بناءً على الدستور. بدوره، يشير اللواء محمد عبد الفتاح عمر، الخبير الأمني، إلى أنه إذا أراد الفريق عبد الفتاح السيسى، الدخول في السباق الرئاسي فعليه أن يقوم بتقديم استقالته لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور أو إلى رئيس الوزراء حازم الببلاوى، وفى تلك الحالتين سوف يترك كل المناصب العسكرية لأنه سوف يصبح رئيسًا للجمهورية، حيث إن الفريق أول عبد الفتاح السيسى أصبح بطلاً حقيقيًا في مصر لأنه أنقذ المصريين من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من خلال وقوفه بجانب ثورة "30 يونيه" التي عزلت الرئيس السابق محمد مرسي. وأشار عمر إلى أن الأمن المصري لم يستقر حتى الآن فى البلاد، نظرًا لما شهدته من ثورات في الفترة السابقة سواء ثورة 25 يناير و30 يونيه, بالإضافة إلى الإصابات التي تحدث كل يوم سواء في القاهرة أو كل محافظات مصر, فكل ذلك يستوجب أن نقدم دستورًا جيدًا إلى كل المصريين لكي يعيشوا في حرية كاملة.