الحرباء إحدى مخلوقات الله العجيبة التي تمتاز بقدرتها الفائقة على التلون والتعايش والتكيف مع شتى الأوضاع والأحوال، حيث تستطيع التلون وتغيير جلدها في اليوم بكثرة ودون معاناة، لذا اتخذ المتحولون والمتلونون منها قدوة ومَثَلًا أعلى لتحقيق مصالحهم وأغراضهم الخاصة المشبوهة، هؤلاء المتحولون المتلونون أصحاب الوجوه المتعددة الذين لا عهد ولا ميثاق لهم، والذين لا يجدون غضاضة في الجلوس على أي طاولة والأكل على كل الموائد دون مبالاة أو اكتراث بتوجهات وأفكار وأيديولوجيات من يجلسون معهم!.. وما أكثرهم وللأسف الشديد في مصر خصوصًا بعد "ثورة الخامس والعشرين من يناير" التي صعدت بالبعض إلى أعلى عليين وهبطت بالبعض الآخر إلى أسفل سافلين!.. الجدير بالذكر أن المتحولين المتلونين يكرهون بشدة ذوي المواقف الثابتة والقيم والمبادئ الراسخة ويعتبرونهم مغفلين وجهلاء ومحدودي الفكر والوعي وبالتالي ينبغي تطهير الساحة منهم!.. كما أنهم لا يعرفون سوى لغة المصالح المطلقة التي يعملون بكامل استطاعتهم على الحفاظ عليها وتحقيق المزيد منها حتى لو كان ذلك على حساب كرامتهم وإنسانيتهم.. فأينما توجد مصلحتهم يتواجدون لحمايتها بشتى الوسائل التي غالبًا ما تكون وسائل محرمة وغير مشروعة!.. حيث يخترقون كل مجالات حياتنا دون استثناء، فنجدهم موجودين بكثافة في السياسة والإعلام والثقافة والاجتماع والفن والرياضة وغيرها من المجالات الأخرى، لكن أكثر المتلونين سوءًا وأشدهم خطرًا وجرمًا هم المتلونون في الدين والعياذ بالله!.. فمنهم من يفتون بما يتناسب وهواهم وهوى من يدفع لهم أكثر.. ومنهم من يبررون الأخطاء والجرائم الواضحة وضوح الشمس ويضعون لمن أحدثوها وتسببوا فيها مشروعية وغطاءً دينيًا ما أنزل الله به من سلطان.. بل ومنهم من يرون ويسمعون بجلاء ما يغضب الله ورسوله ومع ذلك يصمتون ولا يلقون بالًا وكأن في آذانهم وقرًا، ويتقاعسون عن إحقاق الحق وإبطال الباطل ودفع الأذى والضرر ورفع الظلم ولو بكلمة عن إخوانهم المظلومين، حيث يشترون عرض الحياة الدنيا بالآخرة ولا يعرفون سوى سبيل الضلال والخذلان الذي ينعم كل من يسير فيه بالفوز بالأموال الكثيرة والمناصب الرفيعة وغيرها من المكاسب الدنيوية الزائلة لا محالة!.. وهؤلاء بالطبع كالعرائس المتحركة التي يوجهها أعداء الإسلام والمسلمين من الكفار والعلمانيين المحسوبين خطأً على المسلمين كيفما ووقتما شاءوا، ليحققوا عن طريقهم مآربهم المشبوهة والحقيرة التي من شأنها طمس الهوية الإسلامية نهائيًا من العالم كله!..
وتحضرني في هذا الصدد أبيات للشاعر أحمد مطر تصف ببراعة حال المتحولين في الدين يقول فيها: التقوى عِندي تَتلوّى ما بينَ البَلوى والبَلوى حَسَبَ البَخْتِ إن نَزلَتْ تِلَكَ على غَيري خَنَقَتْ صَمْتي. وإذا تِلكَ دَنَتْ مِن ظَهْري زَرعَتْ إعصاراً في صَوْتي! وعلى مَهْوى تِلكَ التّقوى أَبصُقُ يومَ الجُمعةِ فَتوى فإذا مَسَّتْ نَعْلَ الأَقوى أَلحسُها في يومِ السَّبتِ! الوسَطِيَّةُ: فِفْتي .. فِفْتي. أعمالُ الإجرامِ حَرامٌ وَحَلالٌ في نَفْسِ الوَقْتِ! هِيَ كُفرٌ إن نَزَلَتْ فَوقي وَهُدىً إن مَرّتْ مِن تَحتي! *** هُوَ قد أَفتى.. وأنا أُفتي: العلَّةُ في سُوءِ البذْرةِ العِلّةُ لَيسَتْ في النَّبْتِ. وَالقُبْحُ بِأخْيلَةِ الناحِتِ لَيسَ القُبحُ بطينِ النَّحتِ. وَالقاتِلُ مَن يَضَعُ الفَتوى بالقَتْلِ.. وَليسَ المُستفتي. وَعَلَيهِ.. سَنَغدو أنعاماً بَينَ سواطيرِ الأَحكامِ وَبينَ بَساطيرِ الحُكّامْ. وَسَيكفُرُ حتّى الإسلامْ إن لَمْ يُلجَمْ هذا المُفتي!
اللهم ثبت قلوبنا على دينك واكفنا شر التلون والتحول والخذلان واتباع الضالين المضلين، وأرنا يا ربنا عجائب قدرتك وعظيم سلطانك وجبروتك في كل من يعين الظالمين على ظلمهم والخائنين على خيانتهم بالتستر وراء الدين والشرع الذي منهم براء. فليس لنا ربٌ سواك ندعوه ونرجوه ونتوسل إليه أن يخلصنا بقدرته من شر هؤلاء الفجرة حلفاء إبليس وظله في الأرض. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.