في أعقاب الإطاحة بالرئيس المعزول، محمد مرسي، تباينت ردود الأفعال الدولية تجاه طبيعة ما حدث في مصر، وبدا المجتمع الدولي متخبطًا وهو يجاهد لإيجاد وصف للتدخل العسكري بعيدًا عن لفظ "انقلاب"، وما قد يحمله من تداعيات على العلاقات بين مصر وعدد من الدول الغربية. غير أن الموقف التركي بدا أكثر حزمًا في تصريحات رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الذي كان في طليعة من أدانوا الإطاحة بمرسي من قبل الجيش، حيث سارع أردوغان إلى الإشارة لأوجه الشبه بين ما حدث في مصر مؤخرًا والانقلاب العسكري في تركيا عام 1997، والذي أطاح بأول حكومة إسلامية في البلاد. وعندما أدان أردوغان تدخل الجيش في مصر فإنه كان يتحدث من منطلق تجربة مر بها شخصيًا عندما أطيح به من منصب عمدة مدينة إسطنبول في أعقاب حملة القمع القانوني التي تلت إطاحة الجيش بنجم الدين أربكان، أول رئيس وزراء تركي إسلامي. ويرى العديد من المحللين في تركيا أن رد فعل الحركة الإسلامية التركية وقتها على تدخل الجيش يمكن أن يقدم دروسًا قيمة لمصر. ونقل موقع "فويس أوف أمريكا" الإخباري الأمريكي عن مصطفى أكيول، الكاتب التركي ومؤلف كتاب "إسلام بدون تطرف"، قوله إن كيفية تعامل الحركة الإسلامية في تركيا مع الانقلاب العسكري في البلاد يمكن أن يساعد مصر. وقال أكيول إن الجيش التركي دبر الأمر كله في عام 1997 حيث أصدر تعليمات للمحاكم بفتح قضايا ضد السياسيين والمفكرين الإسلاميين، كما سيطر تمامًا على الجامعات فأخذ يطرد الأساتذة أصحاب الرؤية الإسلامية، وكان الجيش يلاحق كل ما هو إسلامي في البلاد. غير أن السياسيين الذين تم استهدافهم من خلال تلك الحملات، ومن بينهم أردوغان، تعلموا الدرس، وأشار أكيول إلى أن الإسلاميين في تركيا أدركوا أن الخطاب الناري الشرس، والتهديد ضد العلمانيين، والخطاب المعادي للغرب لا يساعدهم، فتعلموا الدرس وبدأوا في إصلاح أنفسهم وأنشأوا حزب العدالة والتنمية برسالة مختلفة تمامًا. وفي عام 2002 اكتسح حزب العدالة والتنمية الانتخابات العامة محققًا فوزًا ساحقًا، ومنذ ذلك الحين فاز الحزب مرتين أخريين في الانتخابات العامة بتركيا. ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة مرمرة التركية، يوكسل تاسجين، أن سر نجاح حزب العدالة والتنمية التركي كان يكمن في استعداده للوصول إلى شريحة أوسع من المجتمع، والتزامه باتباع سياسات اقتصادية داعمة للسوق، ودعم مساعي البلاد للانضمام للاتحاد الأوروبي. ويقول تاسجين إن "الدرس الأول الذي يمكن تعلمه في المرحلة الانتقالية هو أنه يجب عليك تقاسم السلطة، حزب العدالة والتنمية تمكن من إقناع المثقفين الليبراليين من خلال حزمة إصلاحاتهم الديمقراطية أنهم على استعداد حقًا للانضمام للاتحاد الأوروبي". كما يرى أكيول أن نجاح حزب العدالة والتنمية اعتمد أيضًا على حقيقة أن الناخبين لم يلجأوا إلى العنف أو المظاهرات الحاشدة في الشوارع ردًا على الانقلاب العسكري، مشيرًا إلى أن ذلك يعود إلى أن التقاليد الديمقراطية قوية في تركيا، حيث تعود جذورها لعام 1950 الذي شهد أول انتخابات حرة ونزيهة في البلاد. وأضاف أن "الإسلاميين من جانبهم أدركوا أن في أعقاب كل انقلاب توجد انتخابات حرة ونزيهة، وأن أولئك الذين لا يحبهم الجيش هم في العادة من يفوزون في تلك الانتخابات، لذلك كانوا ينظرون للمستقبل، وكانوا يفهمون أنهم إذا أصلحوا من أنفسهم فإن لديهم فرصة أفضل في الانتخابات القادمة".