سياسيون: الحكم "صفعة" للنظام الحاكم وفرصة لتصحيح الأخطاء قانونيون: الحكم يعد انتهاكًا من السلطة القضائية للسلطة التشريعية والتنفيذية ممدوح إسماعيل: كنت أنتظر أن يعلن الرئيس بنفسه تأجيل الانتخابات د. حسن نافعة: مازالت هناك فرصة أمام الرئيس لتصحيح الأخطاء علاء أبو النصر: تأخير الانتخابات يزيد الحياة السياسية إرباكًا منذ صدور حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار الرئيس محمد مرسى بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس النواب، تسود حالة حراك وربكة بين كافة الأوساط السياسية والاجتماعية والتشريعية فى مصر, لاسيما فيما تشهده البلاد من اضطرابات اجتماعية وأزمات اقتصادية, حيث اعتبر ممثلو الأحزاب المشاركة أن الانتخابات هى البديل الأمثل للاستقرار والخروج من المرحلة الانتقالية بشكل آمن، علاوة على أن الحكم قوبل باستهجان البعض لاسيما الأحزاب الإسلامية رغم قبولهم للحكم القضائى, وشرع البعض الآخر بمناقشة آلية الطعن عليه. وعلى جانب آخر وصفت القوى السياسية والأحزاب المقاطعة للانتخابات الحكم على أنه يعد انتصارًا لدولة القانون, حيث وصف بعضهم بأن الحكم "صفعة" قوية للنظام الحاكم، بل وتعدى الأمر إلى وصف آخرين أن القانون نفسه يؤصل لاستحواز جماعة الإخوان المسلمين على كل مؤسسات الدولة بتمرير مثل هذا القانون رغم العوار الذي به, مع الإشادة بموقف القضاء الإداري ونزاهته، معتبرين أنه بالمرصاد لمحاولة "تكويش الإخوان" على حد تعبيرهم، فقد تلاقت مواقفهم جميعًا حول أنه ليس الوقت بالمناسب لانتخابات برلمانية في ظل الأجواء التي تحيط بالبلاد من انفلات أمني وتدهور اقتصادي. وكانت آراء القانونيين على الحكم بعد الاطلاع على حيثياته أكثر تضاربًا بما يعكس حالة من الارتباك والتخبط، حيث رأى بعضهم أن الحكم واجب النفاذ رغم ما أكدوه أن دعوة الناخبين للاقتراع هو من اختصاص رئيس الجمهورية بشكل منفرد، وهذا ما يتنافى مع الحيثيات, كما رجح البعض أن هناك سوابق قانونية تتعارض مع قالت به محكمة القضاء الإداري. حيث رأى محمد الدماطي - مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين - أن ما تقوم به السلطة القضائية يعد "ترهات"، ويعد اغتصابًا مباشرًا للسلطة التشريعية والتنفيذية، حيث إن دعوة الناخبين للاقتراع على أعضاء مجلس النواب طبقًا للمرجعية التشريعية والقانونية هو من أعمال السيادة "القح". وأوضح الدماطي أن هذا مبدأ ثابت، ولا يحتمل التأويل رغم أن أعمال السيادة هو عمل إداري أي أنه جائز الطعن عليه من جهة القضاء, ولكن هذا لا يعمل به لاسيما في المسائل المستقرة في القانون والخاصة بأعمال السيادة, منوهًا إلى حكم سابق لمحكمة القضاء الإداري ببنها في الانتخابات السابقة, حيث حكمت المحكمة بوقف قرار دعوة الناخبين, ولكن تم الطعن عليه من قبل المجلس العسكري, حيث إنها هي من دعت الناخبين للاقتراع, مؤكدًا أن هذا عمل من أعمال السيادة أقرته المحكمة الإدارية من قبل, وعليه فهو يعد مخالفًا لحكم سابق ولمبادئ مستقرة، واصفًا ما حدث بأنه انتهاك صارخ لأعمال السيادة, ويجب التفريق من قبل المحكمة الإدارية بين سلطة الحكم والعمل الإداري, فوقف تنفيذ قرار دعوة الناخبين عمل سيادي، أما إذا كان هناك في القانون مخالفة دستورية يتم إحالته إلى المحكمة الدستورية مباشرة دون وقف التنفيذ، فهي ليست من حقها أن تتصدى لقرار دعوة الناخبين للاقتراع حتى إذا كان هناك شبهة عدم دستورية في القرار، وكان يتعين من البداية أن يحال القانون إلى المحكمة الدستورية بعد ما أبدت الملاحظات الأولية علية لتقر هي بنفسها أنه يوجد ملاحظات أخرى تنوه عنها. وقال الدكتور رمضان بطيخ - أستاذ القانون الدستوري - إن حكم المحكمة الإدارية واجب إنفاذه, كما يجوز أيضًا الطعن عليه، موضحًا أن ما ورد في الحكم غير قانوني، حيث إن دعوة الناخبين من أعمال السيادة التي لا ريب فيها، مشيرًا إلى أنها جزء من السلطة التشريعية المخولة لرئيس الجمهورية يقوم بها منفردًا, مستنكرًا ما ورد في حيثيات الحكم من اطلاعه على مجلس الوزراء لإضفاء جانب من الشرعية على القانون، وهو ما يراه أنه ليس هناك صفة لأحد في ذلك غير رئيس الجمهورية, مضيفًا أن من لهم الحق على الطعن على القانون هم هيئة قضايا الدولة أو من رأى أنه صاحب مصلحة. وقد قوبل الحكم من قبل الأحزاب المشاركة في الانتخابات بفتور مع تأكيدهم لاحترام أحكام القضاء, رغم استياء بعضهم من ذلك، حيث رأى "إيهاب شيحة" - رئيس حزب الأصالة - أنهم لا يملكون إلا أن يحترموا حكم القضاء بوقف التنفيذ، موضحًا أنه قوبل الحكم بحالة من الاستغراب على حسب وصفه ، مشيرًا إلى أن المحكمة الدستورية يجب أن تكون رقابتها سابقة وليست لاحقة, مؤكدًا أن هذا لن يؤثر بشكل سلبي عليهم كحزب من الأحزاب المشاركة, وأضاف أن دعوة الرئيس محمد مرسي - رئيس الجمهورية - على تفعيل الملف المجتمعي الخاص بأهل النوبة وأهالي سيناء والآن بورسعيد يجعل من تأخير الانتخابات فيه خير، مشيرًا إلى أنه لعل الأحزاب الأخرى تستعد لخوض الانتخابات لاسيما أن الفرصة أصبحت متاحة أمامهم الآن. على سياق آخر، أكد "جمال صابر" - منسق حملة "حازمون" - أنه يحترم الحكم القضائي وأنه ليس لديه مشكلة في تأخير الانتخابات، لعل الأحزاب الأخرى تستعد لأنهم قالوا إن الإسلاميين هم الأكثر، استعدادًا والآن الظروف أصبحت مواتية لما يريدون, مضيفًا أن خيار الطعن على الحكم قابل للنقاش, وقال رغم أن الانتخابات كانت البديل الأمثل للاستقرار في البلاد إلا أن التأخير قد يكون خيرًا. وأشار "علاء أبو النصر" - الأمين العام لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية - إلى أن تأخير الانتخابات لن يعود بالسلب على الأحزاب الإسلامية أكثر من أنه يزيد الحياة السياسية إرباكًا في البلاد. وقال ممدوح إسماعيل - المحامي والبرلماني السابق -: بلغني حكم القضاء بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية أثناء وجودي مع إخواني الضباط الملتحين، ثم بلغني احترام الرئاسة للحكم وتعجبت فالضباط حصلوا على حكم من محكمة أعلى ولم يتم احترامه وتنفيذه. وأكد إسماعيل أن حكم وقف الانتخابات كما جاء في حيثياته غلب عليه مخالفة الدستور والقانون، مشيرًا إلى أن قرار الرئيس بالدعوة للانتخابات قرار سيادي لا يطعن عليه، كما أن إعادة القانون للمحكمة الدستورية مخالف للدستور، وأن حيثيات المحكمة وضعت للدستورية سلطة ليست في الدستور من ناحية الرقابة اللاحقة على الرقابة السابقة. ووصف إسماعيل الحكم بأنه يلغي تمامًا سلطة الشعب في برلمانه ويعني أن الدستورية تشرع للشعب ما تشاء، ويلغي سلطة التشريع للبرلمان، مؤكدًا على أن الحكم قد غلب عليه الطابع السياسي، وأن الحسنة الوحيدة في الحكم تخفيفه للاحتقان السياسي، لافتًا على أنه طلب من الرئاسة تأجيل الانتخابات من قبل، وقال: كنت أتمنى أن يصدر الرئيس بنفسه القرار ولكن الرئاسة متأخرة والقضاء سبقها. وأضاف البعض يصف الحكم بأنه ثورة مضادة ولكني أرى أن السياسة دخلت كل مكان في مصر مرحبًا بها ولكن ليس في القضاء والجيش. ومن جانبه قال عصام العريان - نائب رئيس حزب الحرية والعدالة - على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": نتشاور مع بقية الأحزاب حول طريقة التعامل مع الحكم وتداعياته، والجميع مدعوون للاستعداد الجاد للانتخابات، لأنها ستتم وبعد انتهاء الجدل لن تكون هناك حجة للمترددين في الذهاب إلى الصناديق من أجل الاحتكام للشعب وحده. فيما جاءت آراء السياسيين والأحزاب المقاطعة للانتخابات تجاه الحكم بالإشادة بموقف القضاء ونزاهته بإيقافه لتنفيذ القرار. فقد أشاد محمد الحنفي أبو العينين - رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشورى - بالحكم واعتبره انتصارًا للشعب المصري, فقد اعتصم قرابة الأربعة عشر يومًا في سبيل إقالة حكومة قنديل، وطالب بإحالة القانون للمحكمة الدستورية للفصل فيه, مصرحًا ل "المصريون" أنه سيعلق اعتصامه اليوم، ولكنة بالمرصاد على حد تعبيره لجماعة الإخوان كمعارض حتى لا يمرروا مثل هذه القوانين والتي تجعلهم يتفردون بكل شيء في البلاد من خلال تلك القوانين, مشيرًا إلى أن موقفه هو موقف حزب الوفد من القانون. وعلى نفس السياق وصف الدكتور حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية الحكم - بأنه صفعه قوية لنظام الحاكم وعقاب مستحق على سلوك سياسي وقانوني أقل ما يقال فيه أنه غير سوي, مشيرًا إلى أن الرئيس لم يستجب لنداءات القوى الوطنية والسياسية بتأجيل الانتخابات, مشيرًا إلى القانون كان غير مستوف لشروط الرقابة الدستورية المسبقة، حيث تعين على مجلس الشورى «إعادة التعديلات التي طلبت المحكمة الدستورية العليا إدخالها على مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، بعد إقرارها، إلى المحكمة الدستورية مرة أخرى لبيان ما إذا كانت مطابقة من عدمه لأحكام الدستور»، وهو ما لم يحدث. وقال نافعة إنه مازالت هناك الفرصة للرئاسة بتصحيح الأخطاء المقترفة من قبل نظام الحكم، والتي من شأنها إحداث احتقان سياسي بالغ ودفعها نحو هاوية سحيقة. وقد تباينت ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي بين السياسيين والنشطاء حول الحكم باعتباره "جهلًا وعبثًا" سياسيًا من قبل نظام الحكم، كما وصفه الدكتور محمد البر ادعي - منسق جبهة الإنقاذ الوطني - عبر صفحته الشخصية على موقع "تويتر"، حيث قال "إن الجهل والعبث بجوهر دولة القانون، بدءًا من الإعلان الدستوري، مرورًا بالدستور، وصولًا إلى قانون الانتخابات، من سمات الدولة الفاشية". فيما أعرب مصطفى النجار - النائب السابق بمجلس الشعب - عن امتنانه للقضاء الإداري، مشيرًا إلى أنه قرار إيجابي من قبل المحكمة، حيث قال: قرار القضاء الإداري بإيقاف الانتخابات إيجابي، ويعيد القانون للدستورية لضمان دستورية القانون وعدم العودة لنقطة الصفر.. شكرًا قضاة مصر.