توصلت الحكومة المصرية إلى اتفاق تسوية مع رجل الأعمال وجيه سياج لإنهاء النزاعات القائمة بينهما منذ عام 1996 بشأن أراض كانت قد تم تخصيصها له عام 1989 في طابا لإقامة مشروع استثماري - رغم اعتراض أجهزة أمنية سيادية على التخصيص -، ثم لأسباب مختلفة استردتها منه وتخصيصها للمنفعة العامة. ويقضى اتفاق التسوية بتنازل سياج نهائيا عن الحكم الصادر لصالحه ضد الحكومة المصرية في الدعوى التحكيمية في مقابل سداد الحكومة له مبلغ 74 مليون دولار بدلا من 134 مليون دولار هي قيمة حكم التعويض الصادر له، والمصاريف الأخرى. وبموجب التسوية تم إخطار المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار "أكسيد" لوقف كافة الطعون والإجراءات المنظورة أمامه بشأن النزاع. واتفق الطرفان على وضع نهاية ودية لكل الالتزامات القائمة بينهما والدعاوى المتداولة أمام المحاكم المصرية والدعوى التحكيمية أمام المركز الدولي لتسوية النزاعات "أكسيد" والتي صدر فيها الحكم لصالح وجيه سياج في يونيو 2009 وهو الحكم الذي طعنت الحكومة عليه. وقال الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أمس إن التسوية جاءت لتغلق ملف منازعات استمرت 13 عاما أمام جهات تقاضى مصرية وأجنبية ومركز التحكيم الدولي. وأضاف إن التسوية خفضت كثيرا المبالغ المحكوم بها ضد الحكومة، وفى نفس الوقت راعت حقوق ومصالح طرفي النزاع، وأنها ستفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الحكومة ووجيه سياج، ليواصل نشاطه الاستثماري السياحي في مصر. من جانبه، أكد رجل الأعمال المصري وجيه سياج ارتياحه لنتائج التسوية، معربا عن تقديره للحكومة المصرية على إنهاء كافة نزاعاته معها بطريقة ودية، وقال إن تضحيته بجزء كبير من المبالغ التي كان محكوما له بها لن تؤثر بأي حال على حرصه على العودة قريبا إلى أرض الوطن لمواصلة جهوده ومشروعاته للتنمية السياحية. وأدار المفاوضات بجانب الدكتور مفيد شهاب، الدكتور كمال أبو المجد المحامي، والمستشار صدقي خلوصي رئيس هيئة قضايا الدولة، والمستشار أحمد حسان المستشار القانوني لهيئة التنمية السياحية. وتعود جذور القضية إلى الفترة من 1990 إلى 1994، عندما شرعت شركة سياج للاستثمارات السياحية والتي يمتلك فيها رجل الأعمال ووالدته الإيطالية وزوجته وأبناؤه الثلاثة 98.65% من الأسهم، بأعمال بناء أساسية في أرض طابا. وفى أغسطس 1994، دخلت الشركة في اتفاقية مع شركة "لومير" الإسرائيلية لتأمين تمويل كاف لإنهاء المرحلة الأولى من المشروع، الأمر الذي رفضته وزارة السياحة المصرية وطالبته بإنهاء شراكته معها اعتراضًا على الجنسية الإسرائيلية للشركة، وتم بالفعل إنهاء الشراكة في يونيو 1995. وفى مايو 1996، أصدرت وزارة السياحة قرارا رقم 83 لعام 96 يلغي التعاقد مع سياج بعد إخطاره من قبل بأن التفتيش أثبت عدم حدوث تقدم كبير في أعمال البناء على الأرض، جاء فيه أن سياج فشل في الوفاء بالتزاماته في الوقت المحدد والمذكور في العقد، وقد تم القبض عليه لمعارضته تنفيذ الشرطة لقرار وزارة السياحة. غير أن سياج لجأ لرفع دعوى قضائية ضد قرار وزارة السياحة أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، التي قضت بعدم قانونية قرار وزارة السياحة، لأنه صدر قبل انتهاء الموعد المحدد لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بحسب ما ورد في العقد الموقع بين الوزارة والشركة الشاكية. وفى سبتمبر 2001، صدر قرار وزاري رقم 279 يلغى التعاقد مع سياج، ورفع الأخير دعوى جديدة ضد الحكومة التي تذرعت من جديد بعلاقة سياج مع الإسرائيليين، ورغم ذلك رفضت المحكمة مطالب الحكومة وأيدت حق سياج في استكمال مشروعه معتبرة قرار الوزارة غير قانوني، وتقدمت الحكومة باستئناف جديد أيد حكم الدرجة الأولى. وفي 15 يوليو 2002، أصدر الرئيس مبارك قرارا جمهوريا رقم 205 لعام 2002 بمصادرة الأرض بهدف تخصيصها "للمنفعة العامة"، ونص القرار على أن الأرض لا يمكن استخدامها إلا وفقاً لتعليمات رئيس الوزراء، وطعن سياج في هذا القرار أمام القضاء، وقبل البت فيه صدر قرار آخر من رئيس الوزراء بمصادرة الأرض ومنحها إلى شركة الشرق للغاز. واستمر الوضع هكذا حتى لجأ وجيه سياج ووالدته السيدة فيشى إلى المركز الدولي لفض منازعات الاستثمار، "أكسيد" في أغسطس 2005، وأرجعت مصر السبب في مصادرة الأراضي إلى أن المدعييْن "وجيه سياج ووالدته" يحملان الجنسية الإيطالية وليسا مصريين، ومن ثم فإن المحكمة غير مختصة بنظر الدعوى، لكن "أكسيد" أصدرت قرارها بأن النزاع يدخل في اختصاصها، وكان جوهر الحكم هو أن المدعيين إيطاليان وليسا مصريين، وتوالت الأحداث. وتقول مصادر مصرية مطلعة، إن قرار تخصيص الأرض لرجل الأعمال جاء متجاهلا لتحذيرات أجهزة أمنية سيادية عليا طلبت عدم التخصيص لوجود علاقات شراكة بين سياج وجهات إسرائيلية تمثل خطرا على الأمن القومي المصري.