يلعب الإعلام المصرى فى هذه المرحلة التاريخية الحرجة دورا إجراميا خطيرا فى حق مصر ودول المشرق الإسلامى كلها، والإعلام هو الصورة العصرية للاستعمار القديم، فقد تطور الإستعمار الصليبى من جيوش وأساطيل كانت تكلف تلك القوى الغازية المحتلة الدم والمال، إلى استعمار اقتصادى، بكثير من الاتفاقيات والمعاهدات التى تحافظ على بقاء الدول الإسلامية خاصة العربية منها تابعة لها، تشترى ما تلبسه وما تستخدمه من تلك الدول التى تعددت مسمياتها، فهى الدول المتقدمة، والمتحضرة، وهى العالم الأول، ونحن العالم الثالث، أو الدول المتخلفة، وفى أحسن الأحوال ننعت بالدول النامية. ثم تطور الاستعمار إلى استعمار فكرى وثقافى، ببث أخلاقيات وعادات وثقافات مدمرة داخل مجتمعنا المحافظ، وتم ذلك فى فترات التحرر ويقظة الشعوب، وبدء المقاومة المسلحة لجيوش هذه القوى التى كانت تحتل بلادنا، فكان أن اخترعت ما عرف باسم "الاستشراق"، وبموجبه تم تجنيد علماءهم لدراسة دين ولغة أمتنا، والبحث عن مواضع معينة يتم إثارتها، لإشعال قضايا جدلية تشكك فى صلب العقيدة الإسلامية، بتفسيرات خاطئة وتأويلات بغيضة، لكنها راقت لرموز كثيرة فى بلادنا، وأخذوا بها، وكان هؤلاء هم الطابور الخامس الذى تركه المستعمر فى بلادنا قبل خروجه منها، وأطلق عليهم "مفكرون"، و "مبدعون"، وهم فى حقيقتهم كناسة الفكر الصحيح، لكنهم بدورهم نجحوا فى اجتذاب أتباع لهم، وتطورت صفاتهم، فهم "علمانيون" .. "ليبراليون" .. "حداثيون"، وتم تمكينهم من المواقع المؤثرة فى الدولة، فاصبح منهم وزراء ورؤساء مؤسسات هامة، وأساتذة جامعيين، وقضاة، وأعضاء فى المؤسسات التشريعية وحازوا الأغلبية فى كل البرلمانات (بالتزوير)، وشكلوا الأحزاب السياسية، واصدروا الصحف، وأطلقوا الفضائيات، وقادوا ما أطلقوا عليه "النهضة" فى مجال السينما والمسرح، ومجالات كثيرة ضمن ذلك المبتدع الذى يعرف باسم "الفن"، ويكفى أن كلمة "فن" أصبحت توفر للمنتسب لها حصانة، وتعتبر بمثابة "رخصة" بموجبها يحلل الحرام ويحرم الحلال!!. ثم لجأت تلك القوى أحيرا إلى السلاح الأقوى والأشد فى هذا الزمان، والذى به تستطيع أن تحقق غاية أهدافها، وحلم أحلامها، وهو الإعلام الذى يحقق النتائج التى عجزت عن تحقيقها مدفعيات الأساطيل والمدمرات فى العهود السابقة، وباتت الفضائيات أقوى من تلك المدمرات الرهيبة التى غارت على ثغور العالم الإسلامى خلال القرن التاسع عشر، ودمرت وقتلت وارتكبت أبشع الجرائم لاحتلال أراضيه واستعباد شعوبها، هكذا فضائيات هذا الزمان تدمر وتخرب وتحرق وتقتل، لكن بدون البارود، ولذا سميت "القوة الناعمة". مايقوم به إعلام مصر هذه الأيام، خطط له منذ أكثر من مائة سنة جهابزة الفكر الماسونى، فى سفرهم المغروف باسم "بروتوكولات حكماء صهيون"، ولم يكن وقتها هناك من وسائل الإعلام سوى الصحافة، لكن ما يقال بشأنها يطبق اليوم على جميع وسائل الإعلام، خاصة وأن الكل متفق على أن 90% من الميديا العالمية فى يد اليهود، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وإعلام مصر سقط فى قبضة الصهيونية العالمية، والدليل على ذلك تلك الإمكانيات الرهيبة التى تتمتع بها أغلب الفضائيات، وهذه المبالغ الضخمة التى يقبضها إعلاميو مصر، فهناك من يتقاضى مليون جنيه كل شهر، مقابل ظهوره ساعتين ثلاث مرات كل أسبوع، لعلم من يدفع هذه المبالغ أنه خلال هاتين الساعتين يقوم ذلك الأجير بما تعجز عنه القنبلة النووية، من تدمير وتخريب، بما لديه من قدرات ومواهب فى مجال نشر الأكاذيب وترويج الشائعات، وتحريض المجرمين والبلطجية على أعمال القتل والحرق والتخريب، وإسباغ صفات البطولة عليهم باعتبارهم "ثوار أحرار"، ونعت من يقتل منهم وهو متلبس بأدوات الجريمة ب "الشهيد"، وتكريم أسرته ورفعها فى إعلام العهر الصهيونى لدرجات الصديقين والشهداء!!، حتى يتشجع الباقى ويحذوا حذوهم، وتعالوا نستعرض معا بعض ما جاء فى بروتوكولات حكماء صهيون عن الإعلام وكيف يهيمنون عليه، كوسيلة لتمكينهم من السيطة على العالم، وإقامة مملكة "المسيح الدجال" المنتظرة. جاء فى البروتوكول الثانى: "إن الصحافة التى فى أيدى الحكومة القائمة هى القوة العظيمة التى بها نحصل على توجيه الناس، فالصحافة تبين المطالب الحيوية للجمهور، وتعلن شكاوى الشاكين، وتولد الضجر أحيانا بين الغوغاء، وإن تحقيق حرية الكلام قد ولد فى الصحافة، غير أن الحكومات لم تعرف كيف تستعمل هذه القوة بالطريقة الصحيحة، فسقطت فى ايدينا، ومن خلال الصحافة أحزنا نفوذا، وبقينا نحن وراء الستار، وبفضل الصحافة كدسنا الذهب، ولو أن ذلك كلفنا أنهارا من الدم، فقد كلفنا التضحية بكثير من جنسنا، ولكن كل تضحية من جانبنا تعادل آلافا من الأمميين (غير اليهود) أمام الله". وجاء فى البروتوكول الثالث:"إننا نقصد أن نظهر كما لو كنا المحررين للعمال، جئنا لنحررهم من هذا الظلم، حينما ننصحهم بأن يلتحقوا بطبقات جيوشنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين، ونحن على الدوام نتبنى الشيوعية ونحتضنها متظاهرين بأننا نساعد العمال طوعا لمبدأ الأخوة والمصلحة العامة للإنسانية، وهذا ما تبشر به الماسونية الاجتماعية". وفى الرابع: "كل جمهورية تمر بمراحل متنوعة: أولاها فترة الأيام الأولى ل "ثورة العميان" التى تكتسح وتخرب ذات اليمين والشمال، والثانية هى حكم الغوغاء الذى يؤدى إلى الفوضى، ويسبب الاستبداد". وفى الثانى عشر: "ستكون لنا جرائد شتى تؤيد الطوائف المختلفة، من أرستقراطية وجمهورية وثورية، بل وفوضوية أيضا، وستكون هذه الجرائد مثل الإله الهندى "فشنو" لها مئات الأيدى، وكل يد ستجس نبض الرأى العام المتقلب، ومتى ازداد النبض سرعة فإن هذه الأيدى ستجذب هذا الرأى نحو مقصدنا، لأن المريض المهتاج الأعصاب سهل الانقياد، وسهل الوقوع تحت أى نوع من أنواع النفوذ، وحين يبقى الثرثارون فى توهم أنهم يرددون رأى جريدتهم الحزبية فإنهم فى الواقع يرددون رأينا الخاص، أو الرأى الذى نريده، ويظنون أنهم يتبعون جريدة حزبهم، على حين أنهم فى الواقع يتبعون اللواء الذى سنحركه فوق الحزب". "وسنكون قادرين على إقناعهم أو بلبلتهم بطبع أخبار صحيحة أو زائفة، حقائق أو ما يناقضها، حسبما يوافق غرضنا، والأخبار التى سننشرها ستعتمد على الأسلوب الذى يتقبل الشعب به ذلك النوع من الأخبار، وسنحتاط دائما احتياطا عظيما لجس الأرض قبل السير عليها". وفى التاسع عشر: "استخدمنا الصحافة والخطابة العامة، وكتب التاريخ المدرسية الممحصة بمهارة، وأوحينا إليهم بفكرة أن القتيل السياسى "شهيد"، لأنه مات من أجل فكرة سعادة الآخرين، ومثل هذا الإعلان يضاعف عدد المتمردين". منظومة الإعلام المصرى الآن، فى يد الصهيونية العالمية، التى تسعى لنشر الفوضى فى كل أنحاء العالم، لأن الفوضى هى المناخ الذى يضمن لهم تحقيق أهدافهم فى إنشاء مملكتهم الكبرى، وهم ينفذون مخططهم عن طريق وكلائهم فى كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، خاصة من خلال الجمعيات التى طفت فجأة على المشهد السياسى وانتشرت فى كل ربوع الوطن، كما ينتشر الذباب فى حول القاذورات، وكلها عاجزة عن إثبات مصادر تمويلها، وتتفق كلها فى بند واحد، هناك هدفا مشتركا بين كل هذه الجمعيات مهما اختلفت أسماءها وتوجهاتها، وهو محاربة المشروع الإسلامى، والجزء الأكبر من البث التليفزيونى مخصص لهذه الجمعيات، ومن ينتمى إليها، ومن خلال هذا الإعلام الصهيونى يبث هؤلاء دعاواهم، فهناك من يطالب بإباحة الإجهاض، وإباحة الشذوذ، وهناك من يطالب بحقوق البهائيين، وهناك من يعمل لحساب الخلايا الشيعية، ومن يعمل على خلفية تقسيمية مثل جمعية منال الطيبى التى تطالب بفصل النوبة عن مصر، وهناك من يطالب بنشر الزواج المدنى، والزواج المثلى، ومن يطالب بتغيير أنصبة المواريث التى نعمل بها طبقا لما أنزله الله تعالى فى القرآن، والكل يعمل فى وقت واحد، وكأنهم جيش فى ميدان معركة، وكل جندى يعرف دوره جيدا، فهذا مهاجم، وذاك مدافع، والآخر فى خطوط الإمداد، حتى لا تتوقف المعركة، تحت مظلة إعلامية رهيبة، حيث يبث الإعلام الصهيونى وقائعها لحظة بلحظة، ومع التكرار تصبح هذه المطالب التى كانت محل استهجان بالأمس، تصبح اليوم مقبولة، وغدا يتم الأخذ ببعضها، وبعد غد يتم الأخذ بها كلها. لو توقف بث فضائيات آل صهيون أسبوعا واحدا فقط سوف تهدأ كل الأمور فى مصر، وتتمكن القيادة السياسية من إدارة أمور الدولة المنهكة، ومواصلة التقدم للأمام، لكن هذا الإعلام الصهيونى يرعى الحرب الخبيثة ضد النظام، ويشجع على فتح جبهات قتال فى كل مكان لإنهاك القيادة السياسية، واستنزاف الجهد والمال، ووظيفته فى هذه المرحلة هى التحريض على العصيان، ووقف عجلة الإنتاج حتى تفلس البلاد، وتكريس شيوع الفوضى، ومن ثم سقوط الدولة، على يد وكلاء بنى صهيون الذين يقودون آلة الإعلام المصرى الجبارة. [email protected]