انسداد أفق حل الأزمة بين السلطة "الإخوان" والمعارضة "الإنقاذ".. ربما يرجع إلى اعتماد الطرفين على رهان الوقت: الأولى تراهن على "الهدوء" بمضي الوقت.. والثانية تراهن على اتساع رقعة الحرائق بتراكم الغضب من "رهان" السلطة. ويبدو لي أن جزءًا من المشكلة يتعلق بوعي كل منهما بالآخر.. وفي مقدمة ذلك أن المعارضة لسابق تجاربها تعرف كيف يفكر الإخوان المسلمون.. ولذا فإن جزءًا من الحل وليس كله يتلخص في أن تتحمل الجماعة مسؤولية تقديم ما يعزز من بناء الثقة مع الأطراف الأخرى "القلقة" منها. الأزمة في فحواها الحقيقي، هي أزمة "ثقة"، ربما تفاقمت بشكل خطير، بعد سلسلة اللقاءات التي عقدها الرئيس مرسي، مع قيادات المعارضة، وما تلاها من قرارات، اعتبرتها الأخيرة مهينة بالنسبة لها. أعرف أن إعادة الثقة مسألة بالغة الصعوبة، لأسباب كثيرة فالخبرة والتجارب الماضية قد تحول دون أن يطمئن شركاء النضال الوطني مع الإخوان إلى "صفاء" نيتها إزاء الذين شاطروها سنوات المحن السياسية على مدى أربعة عقود مضت. غير أن الحلول موجودة.. ولئن كانت الرغبة في الخيال والإبداع معطلة عند الطرفين لأسباب كما قلت تتعلق بمنطق "الرهان" على الوقت الذي يعتمدان عليه .. فإن ثمة اجتهادات سياسية عاقلة ومقبولة تقدم بها حلفاء الجماعة من الإسلاميين (النور والبناء والتنمية).. تدعو الجميع إلى احترام شرعية الرئيس والدستور والصندوق.. هي المطالب التي ترضي "الإخوان".. بالإضافة إلى بنود أخرى ترضي المعارضة والقوى الإسلامية الأخرى التي احتفظت لنفسها بمسافة عن الجماعة، وترضي أيضًا التيارات المدنية المعارضة وكلها سهلة وميسورة. وإذا كان بناء الثقة حلمًا بعيد المنال الآن.. فإن البناء على تلك المبادرات يمكن أن يخرج البلاد من أزمتها الراهنة، والسيناريوهات المقترحة متعددة ولعل أهمها أن يدعو الرئيس مرسي جبهة الإنقاذ وحزب النور وحزب البناء والتنمية والوسط إلى تشكيل حكومة وفاق وطني لإدارة البلاد الفترة القادمة وتشرف على الانتخابات البرلمانية المقررة خلال شهرين من الآن. أعلم أن المسألة لا يمكن اختزالها في تشكيل الحكومة، وإنما تحتاج أيضًا إلى أفكار جديدة، ومبادرات جسورة من الأحزاب السياسية كافة، بشأن إدماج الشباب في الأحزاب وإدراجهم على القوائم الانتخابية، وإسناد مناصب محلية إلى القيادات الشبابية النشطة، والتي اكتسبت خبرات سياسية خلال العامين الماضيين. ولعله من الأهمية هنا الإشارة إلى أن أية اتفاقات بين السلطة وجبهة الإنقاذ، على حساب شباب الثورة، لن ينهي العنف في الشارع، لأن الشباب الذي يمارسه ليس كله بلطجية كما يدعي البعض، بل غالبيتهم من الشباب "المضحوك" عليه من الجميع، إذ صنع الثورة، ليمتطيها غيره، من كل التيارات التي لحقت بها، بعد أن سدد شبابها فاتورتها الحقيقية كاملة. [email protected]