يبدو أن أهل الحكم يراهنون علي الزمن, كما تراهن المعارضة هي أيضا عليه. ولكن لكل له أسبابه الخاصة. فالفريق الأول يري أننا نقترب من زمن الانتخابات البرلمانية, ولحظتها سيتم حسم الأمر. والفريق الثاني يراهن علي أن الغليان وتسخين الشارع والأهم مايراه من فشل في تلبية مطالب الناس سوف يعجل بتسوية الأمر والوصول الي تسوية سياسية تلبي مطالبها, أو يحدث أنقلاب كبير سواء من داخل الصندوق أو خارجه!. إلا ان هؤلاء وأولئك قد فاتهم أن الرهان علي الزمن, أو مايبدو أحيانا لعبة حافة الهاوية خطيرة للغاية بالنظر إلي أن التطورات علي الأرض تسبق القوي السياسية, وربما تفلت اللعبة تماما من أيدي الجميع فلقد رأينا مؤشرات مخيفة: سرقة سيارة محافظ كفر الشيخ وتجريد حارسه من سلاحه, والسؤال هنا ماذا لو جري قتل المحافظ أليس ذلك كان كفيلا بإشعال حرب أهلية بالخطأ وماذا عن الرسالة الأخري من وراء سرقة الحسيني.. ألا تحمل رسالة من قوي لانعرفها تقول نحن يمكننا الوصول إليكم! لقد شاهدنا رسائل كثيرة ملغومة في الأونة الأخيرة: قتل ممنهج لنشطاء سياسيين, وقطع شرايين أحد الصحفيين الذين يهاجمون الإخوان. وفضلا عن ذلك تفجر فتاوي تحرض علي قتل زعماء جبهة الإنقاذ من البرادعي إلي حمدين صباحي كمان أن قتل المعارض اليساري شكري بلعيد المناهض لحركة النهضة التونسية قد دق أجراس الخطر في مصر.. فقد تعودنا أن تسبق تونس مصر بخطوة, فتري هل نحن علي أعتاب الاغتيالات السياسية, وكشف والميلشيات المسلحة عن وجهها صراحة أغلب الظن أننا علي بعد خطوات, وخاصة مع تواتر المعلومات عن وجود فرق من حماس وحزب الله فضلا عن كتائب إخوانية مدربة للتأمين والدفاع عن الرئيس وشرعيته وليس سرا أن الجماعات الإرهابية المسلحة التي ظلت في حالة كمون نسبي, هي موجودة في سيناء وأماكن اخري مما يربك المشهد الأمني ويزيده أشتعالا, تلك الكميات الهائلة من الأسلحة التي تتدفف من كل حدب وصوب علي مصر. إذن مطلوب عود ثقاب فقط لإشعال الحريق الكبير, ودفع مصر إلي السقوط, وتخبطها في الدولة الفاشلة؟!. ولكن هناك أملا في الخروج من ذلك عبر بوابة الحوار, وهناك وصفة عملية من قبل مجموعة الأزمات الدولية في آخر تقرير عن الحالة المصرية منذ أيام فهي تدعو للخروج من الأزمة الخانقة باللجوء الي(1) وضع نهاية لدعوة المعارضة للرئيس بالتنازل عن السلطة(2) في المقابل موافقة مرسي علي تعديل الدستور الذي قوبل بالمعارضة وبمشاركة قليلة في عملية التصويت(3) تعديل قانون الانتخابات البرلمانية الذي يواجه معارضة شديدة فيما يتعلق بحدود الدوائر وتمثيل المرأة(4) وأخيرا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية فإن الاحزاب يجب ان تسعي الي تشكيل تحالفات وطنية موسعة, وهو مايخدم الإخوان المسلمين, وذلك من خلال تحول المعارضة الي لاعب صاحب مصلحة مسئول, كما يخدم المعارضة التي ستكون في موقف أفضل لمواجهة ماتراه من محاولات لفرض حكم الحزب الواحد. ويبقي ان الحل موجود الا أن الارادة السياسية غائبة وإلي أن تدرك النخبة السياسية ان الرهان علي الزمن لن يحل المشكلات, وأن التفاعس عن المواجهة واللجوء إلي حلول ثبت فشلها سواء بالحلول الأمنيةأو التحريض علي العنف وتهييج الشارع كل ذلك لن يسرع الا بالوصول الي الكارثة ومن المثير للدهشة ان يتزامن ذلك مع إطلاق البروفيسور في جامعة هارفارد جايمس روبنسون والبروفيسور دارون اسيموغلو من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا صبيحة تحذير للعالم كله وهو أن المؤسسات السياسية والاقتصادية هي التي تشكل أساس النجاح الاقتصادي أو فشله, أو بمعني أدق لماذا تنجح بعض الدول وتفشل أخري وتكتسب هذه النصحية أهميتها أنهما وصلا الي هذه النتيجة بعد15 عاما من الابحاث, والتي استخلصا خلالها أدلة من الدول المدن الخاصة بحضارة المايا ومن الامبراطورية الرومانية, والبندقية في القرون الوسطي, والاتحاد السوفيتي. وأغلب الظن أن الرؤية التي أثبتتها التجارب التاريخية هي رسالة لكل من يهمه الأمر في مصر, فنحن علي أعتاب إما نهضة أو دولة فاشلة والخيار لنا جميعا! المزيد من مقالات محمد صابرين