قال موقع إلكتروني يهودي ناطق بالفرنسية، ان وزير النفط الهندي اقترح على “إسرائيل” أن تصبح محطة للنفط القادم من أذربيجان وآسيا الوسطى والمتجه إلى آسيا، وذلك من خلال أنبوب يتم بناؤه بين ميناء عسقلان على البحر المتوسط وميناء إيلات “أم الرشراش” على البحر الأحمر. والواقع أن المسؤولين في “إسرائيل” لا يتركون مناسبة إلا ويتحدثون فيها عن أهمية إقامة طريق جديد يمر عبر “إسرائيل” ويربط بين أوروبا وآسيا، ويكون في الوقت نفسه بديلاً لقناة السويس المصرية. وقد اشتدّ الحديث حول هذا الموضوع إبان التحضير لغزو العراق، فقد كان هناك تخوّف أمريكي وغربي من أن تمتنع مصر عن السماح لقطع الأسطول الأمريكي المحمّل بالعساكر والعتاد الحربي بالمرور عبر قناة السويس إلى الخليج لمحاربة الشعب العراقي. وتعزز هذا الخوف إثر المظاهرات الصاخبة التي خرجت في مصر وسواها من الدول العربية والإسلامية وباقي دول العالم، والتي نددت بالعدوان الأمريكي العتيد على العراق. وقد طرحت “إسرائيل” على الفور إقامة سكة حديد تربط ميناءي عسقلان وإيلات “أم الرشراش” لنقل العتاد الحربي الأمريكي في حال اتخذت مصر قراراً يمنع مرور هذا العتاد عبر قناة السويس. لكن الموقف المصري جاء مفاجئاً ل”إسرائيل” وربما لأمريكا والغرب، ذلك أن مصر سمحت بمرور الأسطول الأمريكي عبر قناة السويس. والواقع أن حفر قناة السويس نفسها عام 1869 كان خطأ كبيراً. وما كان لهذا الأمر أن يتم لولا أن مصر كانت واقعة آنذاك تحت الهيمنة الأوروبية “الفرنسية البريطانية”. وقد كان مشروع ربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر حلماً راود الروم منذ القدم، فقد كان هؤلاء يعتقدون أن حفر قناة تربط بين هذين البحرين سيكون وسيلة لهم لتوسيع نفوذهم في الجزيرة العربية وفي الهند والصين. وقد شرع بعض ملوكهم في حفر هذه القناة لكن لم يتأت لهم إكمالها، وعندما فتح العرب المسلمون مصر، وقفوا على آثار الحفر لربط بحر القلزم “الأحمر” ببحر الروم “المتوسط” ولعل هناك من أشار على عمرو بن العاص بإتمام مشروع حفر هذه القناة الذي بدأه الروم، فأرسل إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستشيره في إنجاز هذا المشروع، لكن عمراً نهاه عن ذلك خوفاً من أن ينفتح الطريق أمام الروم فيغيروا على الجزيرة العربية ويخطفوا الناس من مكة والمدينة. وقد رام هارون الرشيد أن يوصل بين هذين البحرين، فنهاه وزيره يحيى بن خالد البرمكي عن ذلك وللأسباب المذكورة أعلاه. وعندما عادت أوروبا من جديد وبدأت الدول الأوروبية الاستعمارية ولاسيما “فرنسا وبريطانيا” تفرض سيطرتها على الشعوب في آسيا وأفريقيا منذ القرن الثامن عشر، عاد مشروع ربط البحرين إلى الواجهة، فقد اقترحت فرنسا على محمد علي باشا الذي حكم مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يوافق على مشروع ربط البحرين، لكن محمد علي رفض هذا المشروع للأسباب التي ذكرها الخليفة عمر بن الخطاب، ويحيى بن خالد. لكن ما لبثت مصر أن وقعت تحت الهيمنة الفرنسية في عهد محمد سعيد حفيد محمد علي، الذي بادر إلى إعطاء الحكومة الفرنسية مشروع تنفيذ قناة السويس عام 1854. وتم البدء بالتنفيذ عام 1859 واستمر العمل عشر سنوات، وفتحت القناة رسمياً للملاحة الدولية عام ،1869 وأصبحت القناة تحت السيطرة الفرنسية، لكن بريطانيا التي كانت سيدة العالم آنذاك، بادرت إلى احتلال مصر عام ،1882 ووضعت يدها على القناة التي أصبحت تحت السيطرة الفرنسية البريطانية. وعندما قام عبد الناصر بوضع يده على القناة، وطرد الشركة الفرنسية البريطانية المشرفة عليها عام ،1956 أعلنت بريطانيا وفرنسا، وانضمّت إليهما “إسرائيل”، الحرب على مصر، فوقع العدوان الثلاثي، وعلى الرغم من فشل هذا العدوان بسبب المعارضة الأمريكية له، إلاّ أنه ترك انطباعاً بأن الدول الكبرى لن تترك لمصر حق ممارسة سيادتها على هذه القناة، على الرغم من أنها تقع في أرض مصرية، كما أن هذا العدوان نبّه أوروبا والولاياتالمتحدة إلى أهمية أن يكون هناك ممر آمن آخر في المنطقة العربية يكون بديلاً لقناة السويس. وكانت “إسرائيل” منذ البداية هي هذا الممر البديل، لكن من المستبعد الآن أن يتم فتح طريق بين ميناء عسقلان وميناء إيلات “أم الرشراش” لنقل البضائع والسلع بين أوروبا وأمريكا وآسيا، لأن النقل عبر هذا الطريق سيكون مكلفاً، لأنه يستوجب إفراغ السفن المحمّلة بالبضائع والسلع والقادمة من أوروبا وأمريكا والمتجهة إلى آسيا في ميناء عسقلان “الإسرائيلي” على البحر المتوسط، ومن ثم نقل هذه البضائع إلى ميناء إيلات “أم الرشراش”، ومن ثم تحميلها من جديد في سفن أخرى، وكذلك الشأن إذا كانت البضائع والسلع قادمة من آسيا نحو أوروبا وأمريكا. لكن مثل هذا الطريق قد يتم فتحه إذا عادت مصر إلى سياستها السابقة تجاه الغرب، والتي كانت تتبعها أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وطالما ظلّت مصر متحالفة مع الولاياتالمتحدة، فإن قناة السويس ستبقى هي الممر الوحيد بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، ولن تفلح “إسرائيل” في خطتها الرامية كي تكون هي الطريق البديل لقناة السويس. ----- صحيفة الخليج الاماراتية في 11 -7 -2005