الفند الزماني شاعر عذب الأسلوب سهل العبارة، مقل في شعره، توفي 92 قبل الهجرة، قال هذه الأبيات حين اضطر إلى الاشتراك في حرب البسوس: صَفَحْنَا عن بني ذُهْلِ وَقُلْنَا القَوْمُ إِخْوَانُ عَسَى الأَيَّامُ أَنْ تُرْجِعَ قَومًا كالذي كانُوا فَلَمَّا صَرَّحَ الشَّرُّ وأَمْسَى وهو عُرْيَانُ ولم يَبْقَ سِوى العُدْوانِ دِنَّاهمْ كما دَانُوا شددنا شدة اللَّيْثِ غَدَا واللَّيثُ غَضْبَانُ بِضَرْبٍ فيه تَوْهينٌ وَتَخْضِيعٍ وَإِقْرَانُ وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ غَذَا والزِّقُّ مَلآنُ وفي الشَرِّ نَجَاةٌ حينَ لا يُنْجِيكَ إِحْسَانُ وبَعْضُ الحِلْمِ عندَ الجَهْلِ لِلذَّلَّةِ إِذْعَانُ عصفت هذه الأبيات بذهني، وأنا أرى الحالة المتردية للعابثين بأمن مصر واستقرارها، فأردت أن أوجه رسالة متواضعة من مواطن مصري بسيط إلى رئيس مصر المنتخب. فحقيقة الأمر في مصر الآن تدعو إلى الحذر الشديد، ولابد من وثبة عمرية يقوم بها الدكتور مرسي لتصحيح مسار مصر سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا واجتماعيًا وإعلاميًا، وإلا فسيتسع الخرق على الراقع. تذكر سيدي الرئيس أن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، وأن مصر تحتاج إلى قوة في لين، ورفق من غير ضعف، وللأسف الشديد أن الكثيرين من المستهترين بمصالح الوطن يظنون الحلم ضعفًا، والرفق عجزًا. فأدرك مصر قبل أن تغرق ونغرق معها جميعًا، واعلم سيدي الرئيس أن التاريخ لن يسامحنا جميعًا، فقد كان الأمر بيديك وأنت المسئول عن هذه البلاد أمام الله ثم التاريخ، ولن يذكر التاريخ صنيع جبهة الإنقاذ، أو بعض من يحاولون هدم مصر، إنما سيذكرك أنت، لأن الله ملّكك، وأعطاك القوة لإقامة العدل، وإشاعة الأمن. فما عذرك في سوء اختيار المعاونين والوزراء؟ هل عقمت مصر عن ولادة الفرسان؟! ما الذي يكبل يديك عن الأخذ بقوة، وإمضاء الحقن، وردع الظلم والباطل؟ نعلم تمامًا أنك تمتلك القوة والشجاعة والحكمة، فلماذا تتأخر في وقت لايتحمل التأخير؟ أنت رئيس كل المصريين فقم بواجبك، وانهض بهموم شعبك، فشعبك ينتظر منك الكثير، ويعول عليكم – برغم حملات التشويش والتضليل – والتي أنتم سبب فيها، لأنكم فرطتم في حقوقكم كرئيس لمصر فتجرأ السفهاء على رئيس مصر، وإن كان من حقك أن تتنازل عن حقوقك الشخصية فليس من حقك أن تتنازل عن هيبة مصر ورئيسها. عذرًا سيدي: أراكم وضعتم اللين في غير موضعه، واستخدمتم الحلم مع من لا يستحق، فأصبح الأمر على المحك، ولابد من قول فصل تحمي به مصر وأمنها، فهم لا يتوقفون عن المكر والتدبير، وكل ذلك في رقبتك سيدي الرئيس. وأذكرك بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: – "اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة". فهيا سيدي أعمل القانون بحزم وبحسم وبعدل، لكن الشعب يئن سيدي الرئيس، لا يأمن على عرضه وماله ونفسه. دع عنك هم النخبة، وانشغل بمن أعطوك ثقتهم، وينتظرون منك الحياة الهادئة الآمنة البسيطة، فآمالهم ليس كآمال النخبة، لا يفكرون في الحكم والكراسي، يحلمون بلقمة عيش طيبة تسد جوعتهم، وكوب ماء نظيف لا يتسبب لهم في كبد ولا سرطان، وأمن يجعلهم يطمئنون على أعراضهم وأنفسهم وأموالهم، وهذا حقهم عليك، وليس هذا بكثير عليهم، فهم شعب مصر الطيب المبارك الذي يستحق كل جهد لإسعاده. سيدي الرئيس هذه زفرات قلب مهموم من هذا البلد، عساك تسمعها، وتنتبه لها قبل فوات الأوان.