عانى الشعب المصري كثيرًا وذاق الأمرّين من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، التي نتج عن عدم تطبيقها مجتمع متصدع الجدران يحتاج إلى مزيد من الوقت لترميمه واستعادة بنائه مرة أخرى، ومنذ استقبال قصر الرئاسة للدكتور محمد مرسي، ومع تسونامي الدموع والفرح التي قابل بها الناس فوزه؛ إلا وشعرت بزوال سكرة الفرح ونشوة النصر؛ لما سيحمل على كاهله من ملفات ساخنة ومشكلات وأزمات تنوء بحملها الجبال، تحتاج إلى كثير من الضغط والمجهود لحلها. لقد كان الشارع يعلم تمامًا أن الرئيس لا يملك عصا سحرية لتغيير الأحوال في طرفة عين، لذا كان ينظر إليه دائمًا خلال الأشهر الماضية بتطلع يحدوه الأمل، وظل ينتظر منه قرارات صارمة تصبُ في صالح الثورة حتى أصيب بالإحباط؛ بل وتحول الكثير من مؤيديه إلى معارضته؛ وإلقاء اللوم الشديد على بطء الرئيس في اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة، كما اتهمه البعض أنه يسير على نهج المخلوع، إلى أن فاجأ الجميع بقراراته الثورية؛ بداية من إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإبعاد الزي العسكري تمامًا عن المشهد السياسي، إلى أن وصل بقراراته الثورية إلى تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية وتعديل قانون السلطة القضائية بشأن النائب العام. ومع الفرحة العارمة التي غمرت قلبي مع صدور تلك القرارات الأخيرة، إلا وحزنت مرة أخرى حينما رأيت تساقط الأقنعة الواضح لبعض الوجوه الصفراء التي خدعتنا كثيرًا بأنها تدافع عن الثورة وتقف بجانبها، وإذ بها تتحالف مع أبناء "مبارك"، وسرعان ما تناست نظامه الفاسد الظالم المستبد!، أليس ما فعله "مرسي" اليوم هو وفاء الأمس؟؛ أليست تلك تعهداته أمام القوى الوطنية والثورية التي كان منها إقالة النائب العام، وإعادة المحاكمات لرموز النظام وقتلة الثوار، وتعويض مصابي وشهداء الثورة، ورد الأموال المنهوبة، فكيف بكم تنكرون هذا الوفاء، وتضعون أيديكم في أيدي ملطخة بدماء الشهداء . أرى أن تلك القرارات كانت موفقة ومهمة لحماية مصر، خاصة أننا نعيش في حالة يشوبها الارتباك السياسي، بالإضافة إلى أن الفساد مازال يتحكم في الدولة، وما قام الرئيس به هو فرض عليه، وتحرك ثوري هدفه المحافظة على مؤسسات الدولة المنتخبة بشرعية، قبل العودة إلى نقطة الصفر، وجر البلاد إلى الفوضى، وعدم الاستقرار، التي يستثمرها الآن ويشجعها بعض الناشطين بغرض إشاعة أن المناخ الأمني لن يسمح بإجراء استكمال الدستور، ومن ثم الاستفتاء عليه. فيا أيها المتباكون على مصر، والحريصون على أمنها واستقرارها, أليس هذا هو العذر الأقبح من ذنب لعرقلة قرارات الرئيس.. إلا إذا كان المقصود بتهيئة الأجواء هو التمهيد لحياة فراغ دستوري كامل هُيئت أجواؤه مسبقًا، ونتج عنه هزيمة دموية أدت إلى اصطلاء شبابنا الأعزل بنارها، أتمنى أن تراجعوا أنفسكم كثيرًا، وأعتقد أن مصير شعب وأمة لا يستحق ذلك منكم. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]