إن المتأمل فيما أصدره الرئيس من قرارات ثورية بموجب الإعلان الدستوري الجديد , يجد – فيما أري - أن التوفيق قد حالفها من جوانب عدة , أذكر منها – عل سبيل المثال - جانبين: ■ من حيث التوقيت : فقد جاءت في وقتها - وإن طالبت بها جموع الثوار من قبل تكرارا ومرارا – وصدرت في أنها , بعد أن قال الكل ما عنده , فظهرت الحقائق , وانكشفت السرائر , واتضحت الاتجاهات المناوئة , والتحالفات المجهضة لمصر الثورة وقائدها , وتبين – جليا – من كان مع الثورة صدقا وبرهانا , ومن ادعي أنه معها كذبا وبهتانا .! وهاهم الذين تغنوْا بالأمس بالقرارات الثورية , والقصاص للشهداء , والقضاء علي الفساد بضربة حاسمة قوية , ونادوا – من أجل ذلك - بالمظاهرات المليونية , وألقوا الخطب النارية , واتهموا الرئيس بالخور والضعف , والتردد , والتحالف مع العسكر , وعدم الانتصار للثورة , والتصالح مع الدولة العميقة مما أشعرها بأنها قوية .. ! فما لنا نراهم اليوم يعارضون – بكل ما أوتوا من قوة – ما نادوا به من قبل.. فهل ضلوا الطريق أم زاغت منهم الأبصار , أم رضوا بأن يكونوا مع الذين يريدون للثورة الانهيار ؟!! لقد أصبحوا في العراء , بعد أن عرّتهم الثورة بقرارات ثورية حاسمة ,غيرآسفة عليهم يوما , ولا نادمة .! ■ ومن حيث المضمون : لقد بدأ الرئيس حكمه بالحب ولقاء جميع فئات المجتمع المؤثرة , وارتضي الحلول الدستورية – دون الثورية – سبيلا .. ومع ذلك كله , تطاول عليه من تطاول بصورة فجّة لم تعرفها مصر من قبل .. وازدادت الأمور سوءًا, وتجاوزت شخص الرئيس إلي إفشاله , وإفشال الثورة , وكل مكتسباتها . وأثبت الواقع , أن عقلية الأزمة التي نشأت وترعرعت في عهد الاستبداد واستعذبته , لا يزيدها الحلم إلا سفاهة , ولا الحرية إلا تمردا .. بدا ذلك واضحا في معظم الإعلاميين الذين ما زادتهم أجواء الحرية – التي لم يشهدوها من قبل – إلا جرأة وافتراء وتضليلا .. وانسحب ذلك علي معظم مؤسسات الدولة التي ما زادت إلا إهمالا وتسيبا وتراجعا .. فكان لابد من قرارات ثورية , تتواءم وروح الثورة , تطهر البلاد من الإهمال والفساد, وتحبط مخططات الهدم , وتقيم للدولة البناء , وتعيد للعقل رشده , وللمجتمع صحوته , وللحق أصحابه , وللثورة أهلها. وهذا ما كتبته من قبل تحت عنوان ( لا بد من حكم جديد ) : إن البراءات المتتالية لقتلة الثوار ابتداء من محاكمة المخلوع وانتهاء بالمحاكمة المعروفة بموقعة ( الجمل ) لتدل علي أزمة كبيرة متفاقمة أصابت الكثير من النفوس , فغابت عن الحق ضمائرها , وعمت عن رؤية الحقيقة عيونها , وخرست عن شهادة الصدق ألسنتها , وماتت عن الحس قلوبها , فأهدرت الدماء , وأضاعت الحقوق , وقلبت الجور عدلا , والزور صدقا , والباطل حقا , والمظلوم ظالما .. ولا علاج .. إلا إذا أعيدت المحاكمات من جديد بنفوس تتقي الله , وتخشي حسابه , يوم الوعيد , فتحق الحق , وتبطل الباطل , ليعود الحق لكل مصاب , ولا يهدر دم لشهيد.. عندها يفرح كل حر , بحكم العدل , والقول السديد . ! أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]