السيد وزير التربية والتعليم.. انطلاقاً من النظرة للحق على أنه سُلطة يقررها القانون لشخص يستطيع بمقتضاها أن يجري عملاً معيناً أو يلزم آخر بأدائه له تحقيقاً لمصلحة مشروعة، وأن القانون يقصد من وراء تلك السلطة إعطاء إرادة ومصلحة الشخص صاحب الحق ميزة السبق والأفضلية على إرادة ومصالح الآخرين، وأن الحق، ليس سوى وسيلة يَهتدي بها الإنسان لمعرفة وضعه القانوني تفادياً للاعتداء على الآخرين، ولمعرفة الطريق الذي يجب أن يسلكه كل فرد دون أن يصطدم بحقوق غيره. وحيث إن أطفال مجتمع ما هم المستقبل، والذي يجب صياغته وفق قيم الحرية والكرامة والمساواة والعدل كقيم كبرى لحقوق الإنسان؛ والتي لا ازدهار للشخصية الإنسانية ومن ثم لا سبيل لصناعة القوة والتقدم بدونها. واعتماداً على أن مدارس مجتمع ما هي مستقبله مصغراً، وأن ما يحدث للمواطنين في المجتمع الكبير من انتهاكات لحقوق الإنسان على يد السلطة السياسية ليس إلا انعكاساً لما تربوا عليه صغاراً داخل المدارس وتآلفهم مع انتهاك حقوقهم الإنسانية على يد السلطة المدرسية.. فيشبون لا يعصون للسلطة الظالمة أمراً ويفعلون ما يؤمرون! وقد أفضى كل ذلك بنا إلى تراجع مخيف على درجات السلم الحضاري كما لا يخفى على أحد. ولما كانت البيئة المدرسية الديمقراطية هي المناخ الملائم لتربية المتعلم على حقوق الإنسان، وأن الحقوق الإنسانية للمتعلم يُخوله أو يجب أن يخوله القانون بموجبها إمكانية القيام بعمل ما أو إلزام آخر بأدائه إليه. فإننا في مسيس الحاجة لدستور مدرسي يُفصل الحقوق والواجبات والعقوبات لكل أطراف التفاعل داخل المدرسة، وعلى الأساتذة الأفاضل والمربيات الفضليات، ألا يعتقدون أن في هذا الدستور المدرسي ما يمس هيبتهم أو سلطتهم، بل هو ضمان لنوع من التربية نتوخاه ونتمنى أن ينشأ في ظله المواطنون الصغار، متمتعين بحقوقهم الإنسانية، ليتسنى لهم ممارستها والدفاع عنها حال الافتئات عليها من أي مصدر آخر للسلطة في المجتمع بعد أن تدربوا وتربوا عليها حيال سلطة المعلمين داخل أسوار المدرسة.. تلك المؤسسة التي لا يجب أن تكون مجرد صورة مصغرة ساذجة من الحياة الاجتماعية، فهي تمتلك هوية وجودها الخاص وقانونية فعلها المميز. كل ذلك بُغية أنسنة الإنسان وصياغته قادراً على صناعة الحضارة.. وتغليباً لقوة المنطق على منطق القوة؛ ومن ثم تفادياً للفوضى.. وفي ذات الوقت تفادياً لإنتاج فرعون جديد. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]