لقد فتحت أزمة كاهن كنيسة العذراء بالجيزة القس "بلوفاتير جميل" ملفا يحرص الجميع على أن يظل معلقا في هذه الظروف ، غير أن طريقة تعاطي بعض الصحافة المصرية المعارضة والمستقلة مع هذه الأزمة من جهة ، و تحول البابا شنودة لأن يكون بوقا من أبواق النظام من جهة أخرى ، لم يترك لي الفرصة لأن أحتفظ بهذا الملف معلقا . عاب بلوفاتير على شنودة أنه أيد الرئيس مبارك بالإنابة عن أقباط مصر ، رغم أن الرئيس مبارك بحسب زعم كاهن كنيسة العذراء بالجيزة ، "اضطهد الأقباط و أهدر حقوقهم !!" ، و أستغرب كيف يضع شنوده يده في يد مبارك ، رغم أن الأخير فعل بالأقباط الأفاعيل بحسب زعمه ؟! و الحال فإن هذا الكلام سخيف و باطل و مماحكات ابتزازية مستفزة ، إذ لم ير الأقباط في مصر عزا و علوا في الأرض إلا في عهد الرئيس مبارك ، و لم ينجح قادة الأقباط و بعض النخبة القبطية في ابتزاز أي رئيس مصري مثلما نجحوا في ابتزاز نظام الرئيس مبارك ، بل إن الأخير في أزمة إسلام زوجة أحد القساوسة و هي السيدة وفاء قسطنطين ، ضغط على مؤسسات الدولة ، لتتنازل عن سلطاتها الشرعية و القانونية و الدستورية للكنيسة ، و قام النظام في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر ، بتسليم سيدة مصرية أسلمت بإرادتها و بدون إكراه للكنيسة ، لتبدو الأخيرة و كأنها دولة داخل الدولة و شنودة الرئيس الموازي للرئيس مبارك . و بات معروفا تخلي الدولة عن حماية الأقباط الذين يتحولون إلى الإسلام خوفا من الكنيسة و جبروت قياداتها الدينية ، و صدرت تعليمات بعدم تغيير ديانة من يتحول إلى الإسلام منهم في الأوراق و السجلات الرسمية للدولة ، ورغم انه اجراء قانوني بالغ الأهمية لأنه يتعلق بالأحوال الشخصية للمواطن المصري مثل الزواج و الطلاق و الميراث و ما شابه ، بل إن الأزهر نفسه بات بتعليمات من أجهزة نظام الرئيس مبارك لايتردد في رد كل من يلوذ به لإشهار إسلامة ، و روى لي مهندس قبطي أشهر إسلامه إنه عندما توجه إلى المشيخة ، ردته اللجنة المختصة و اكتشف كما قال لي أن رئيسها ضابط بمباحث أمن الدولة !!. و لقد شيد في عهد مبارك عدد من الكنائس بشكل لافت لم تشهد الكنيسة المصرية مثيلا له عبر تاريخها الطويل ، فيما يتم البناء و التشييد "عمال على بطال" و بمناسبة و بدون مناسبة ، و بدون ترخيص من الدولة ، و في أماكن و مواقع بارزه في الميادين العامة بالمدن الكبرى ، لتبدو البلد و كانها للنصارى فقط ، بل إني رأيت بنفسي كنائس بنيت خلسة في أماكن لا يوجد بها إنس و لا جان في الصحاري و المناطق المهجورة ، و لا ندري لأي هدف بنيت ، بل إن أجهزة الدولة الرسمية لا تجرؤ على اخضاع ولايتها القانونية و الشرعية على الأديرة و الكنائيس ، و لا يدرى أحد ماذا يحدث داخلها بالضبط ، رغم تواتر الأخبار و الكلام ومن أقباط مصريين عن تفاصيل مروعة تشيب لها رؤوس الولدان ، و تقدم مثقفون مصريون بمذكرات للنائب العام طالبته فيها بتفتيش الأديرة و اخضاعها لرقابة الدولة ، باعتبارها مؤسسات مصرية ، يجري عليها القانون المصري ، بل إن المستشار طارق البشري جاهر في الصحف المصرية بالقول إن الكنيسة يصلها سنويا مليارات الدولارات لا ندري فيما أنفقت و لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات . و لقد بلغ الأمر حد أن يطالب المسلمون المصريون السلطات بأن يعاملونهم بالمثل كما يعامل الأقباط ، بعد أن أغلقت المساجد بعد الصلوات مباشرة بالضبة و المفتاح ، و لا يقرب منها أحد إلا بتصريح من الأمن و صودرت أنشطتها الخيرية ، و حرم الناس من أداء القيام و الاعتكاف في رمضان ، و لا يتحدث على منابرها إلا الجهلاء و المشعوذين و الذين لا يحسنون قراءة أية قرآنية واحدة بشكل صحيح ، فيما أطلق العنان للكنائس لتمارس كل انشطتها العلنية و "السرية" بلا رقيب و بلا مساءلة . كل هذا في عهد مبارك .. ثم يُتهم الرجل ظلما و زورا بأنه "يضطهد الأقباط " !! و يستغرب البعض كيف يؤيده شنودة و لا يعمل بنصيحة بلوفاتير و أقباط المهجر؟! و الحقيقة أنه اتهام و استغراب لا صلة لهما بالواقع و الحقائق على الأرض إذ لن يجد قادة الأقباط الدينيين خاصة المتطرفين و الطائفيين منهم خيرا من نظام مبارك الذي جعل من كهنتهم و و قساوسهم و باباواتهم ملوكا و سلاطين و من الكنيسة دولة تأمر الحكومة المركزية فلا يرد لها أمر.