اهتمت الكثير من الصحف بقضية القس " بلوفاتير جميل "، كاهن كنيسة العذراء بالجيزة ، عندمت عاقبه البابا شنودة بالإيقاف لمدة شهر و نصف بسبب تأييده للمرشح الرئاسي لحزب الغد د. أيمن نور ، و معارضته للرئيس مبارك ! . الجانب الذي أولته الصحف اهتمامها ، هو قرار الإيقاف ، و هاجم بعضها البابا شنودة ، باعتباره رجل دين من المفترض أن ينأى بنفسه عن معترك الخلافات و التجاذبات السياسية ، و لا ينحاز لمرشح دون آخر ، خاصة و أنه أعلن رسميا تأييد أقباط مصر للرئيس حسني مبارك . و بدت الصورة و كأن "بلوفاتير" رجل وطني معارض لنظام حكم الرئيس مبارك ، بسبب سياساته التي أضرت بالمصريين اجمالا ، مسلمين و أقباطا ، ، و بدا البابا شنودة و كأنه مع التجديد و التوريث و مع الحفاظ على نظام أفسد الحياة السياسية و الاقتصادية على مدى ربع قرن . بدا المشهد و كأن الأول "ديمقراطي" عاشق للديمقراطية و ينحاز لها ، و بدا الثاني و كأنه ديكتاتوري انحاز للاستبداد و أيده و يدعمه . الكثير من التفاصيل لم يتوقف عندها لا القراء و لا الكتاب الذين تناولوا هذه القضية و لا الصحف التي تبنت الدفاع عن بلوفاتير الذي اضطهده البابا و استبعده عن أداء عمله لمدة شهر و نصف بسبب موقفه السياسي!. و الحال فإن بلو فاتير ، اتخذ موقفه من مبارك ، ليس بسبب وطني و إنما لأسباب طائفية ، و الرجل جهر بأجندته الطائفية التي بسببها عارض مبارك و نظامه و لا يؤيده ، و الغريب أن صحفا نقلت كلامه تفصيلا ، و لم تعلق عليه ، بل إن بعض المثقفين دافع عنه و انتقد شنودة لأن شنودة لم يتبن ذات المطالب الطائفية ، و يقدمها لمبارك لابتزاز النظام و حمله على النزول عند مطالب الطائفيين من رحال الدين المسيحيين ، حتى لو أدى ذلك إلى استفزاز الأغلبية المسلمة ، و وضع البلد كلها على حافة الحروب الطائفية . و سأنقل للسادة القراء هنا نقلا حرفيا لتصريحات صحيفة "صوت الأمة " التي أجرت مع هذا الكاهن "بلوفاتير" حوارا بشأن أزمته مع البابا شنودة عندما سأله المحاور ماذا فعلت بعد معرفتك بقرار وقفك عن ممارسة مهام وظيفتك ككاهن؟ فقال:ذهبت إلي مقر مطرانية الجيزة، لبدء جلسات محاكمتي كما قيل لي، وهناك وجدت 15 أباً كاهناً من محافظة الجيزة، بالإضافة لأعضاء من المجلس الملي، وتم بيني وبينهم حوار ودي، خرجنا منه باتفاق علي إصدار تأييد كتابي لقداسة البابا شنودة في كل قراراته، مع الإشادة بدور الأمن، وهو ما وافقت عليه، وعندما تطرق الحديث إلي إعلان التأييد للرئيس مبارك رفضت، وكان تعليق أحد الكهنة علي رفضي بأن هذا الاتفاق لن يرضي الأمن، فتأكدت بوجود ضغوط أمنية علي الكنيسة لإيقافي الذي تم دون عقد مجلس إكليركي يشمل المطران وستة كهنة، وذلك كما هو متبع. فإنني أري أن الرئيس مبارك، لم يقدم أي حلول لمشاكل الأقباط في مصر، وأنه وضع ملف الأقباط في أيدي الجهات الأمنية، وكأننا الأقباط مواطنون خطرون علي أمن مصر، وهناك أمثلة كثيرة تدل علي وجهة نظري مثل: استمرار العمل بالخط الهمايوني في بناء الكنائس حتي الآن وعدم صدر قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط بدون سبب وجيه بالإضافة للتجاوزات الإعلامية المستمرة ضد الأقباط، والتي زادت في عهد الرئيس مبارك، وكذلك عدم تعديل المناهج الدراسية، التي تجعل الأقباط يدرسون ما يتعرض لعقائدهم وإيمانهم بشكل مسيء، إضافة إلي التجاهل التام للأقباط في تولي المناصب الكبري في مصر، مثل رئاسة الجامعات، أو التعيين كمحافظين، أو تولي الوزارات المهمة". انتهى كلام بلوفاتير و لو لم يكن الرجل مقيما في مصر لتوقعت على الفور إنه إحدى قيادات أقباط المهجر ، و الغريب أنه لم يعلق على كلامه أحد و الكل بلع لسانه لمجرد أنه هاجم مبارك و جرى تصويره و كأنه بطل وطني تنطلق معارضته للنظام الحالي استنادا إلى أجندة وطنية ، و هي في واقع حال مطالب طائفية مرفوضة و ممجوجة وفي وقت بالغ الحساسية يصبح فيه الابتزاز الطائفي "خيانة" للجماعة الوطنية المصرية بمسلميها وأقباطها . [email protected]