تراجع الحكومة عن قرار إغلاق المحال التجارية مبكرًا (وأنا ضده بالمناسبة) يؤكد غياب الرؤية والشلل الذى يجتاح الدولة حاليًا فى مواجهة رفض تنفيذ سياساتها.. ورغم أننى كنت من مؤيدى اختيار هشام قنديل رئيسًا للوزراء إلا أن حصاده حتى الآن يقدم بعض الدلالات على أنه الرجل غير المناسب. ربما تكون حكومته مظلومة فى جزء صغير من كسلها العقلى بغياب البرلمان الذى يناقش قراراتها قبل الموافقة عليها وتفعيلها، ولكن هذا لا ينفى عنها أنها حكومة موظفين يغيب عنهم الإبداع والحزم ويصبغ أداءهم التردد والضعف والخجل! كان الرئيس فى حاجة إلى حكومة قوية، وإلى نائب له من أهل الخبرة السياسية المشهود لهم بالكفاءة، لكنه لم يفعل مع أنه نفسه رئيس منتخب لم يمارس سلطة سياسية تنفيذية من قبل، وهذا ليس عيبًا فى النظم الديمقراطية، لكن العيب أن تكون كل الأسماء الجالسة أعلى هرم الدولة من غير ذوى الخبرات السياسية. القرارات التى يتم التراجع عنها جعلتنا نفقد الثقة فى الحكومة، وفى الرئيس المنتخب نفسه، ولذلك نخشى من دخول مصر مرحلة صعبة للغاية تجعلها تصحو يومًا على حلول تمثل انتكاسة كبرى لتجربتها الديمقراطية، أهونها الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة قبل أن يتم الرئيس مرسى مدته، وهو ما تسعى إليه قوى كبرى فى المعارضة ومرشحون سابقون للرئاسة، بعضهم جلس معهم مرسى مؤخرًا، كل على انفراد لمناقشة أزمة الدستور.. لكن أبشع الحلول أن نستيقظ على انقلاب عسكرى، فالمؤسسة الحاكمة الضعيفة مغرية للغاية على التغيير الانقلابى.. ثورة 1952 نفسها قامت على ذلك الأساس. لا أتهم مرسى بأنه تعمد تعيين ضعفاء بجانبه سواء الحكومة أو المساعدين والمستشارين وصولاً إلى النائب، لكنه ربما أحسن الظن بهم.. الحكومة ليست مكتبًا للشهر العقارى يمكن لأى موظف من حاملى الشهادات إدارته. لو استعان مرسى بكفاءات حازمة لأصبح بهم خبيرًا حازمًا. شارل ديجول بكل عبقريته العسكرية والسياسية الفذة لم يكن ليصبح ذلك الاسم اللامع فى تاريخ فرنسا بدون كفاءات أجاد اختيارها بجانبه، استبعد منها عقليات الموظفين وسدنة المكاتب. [email protected]