عبد المجيد: سنتخذ موقفًا حاسمًا إذا فرض الدستور بالمغالبة.. وحمزاوى: التشكيل سبب المواد الخلافية.. ونصار: المسودة بها كوارث.. و"مكى": شهدت أوسع حوار فى تاريخ مصر انتقد المستشار أحمد مكي، وزير العدل، من يصفون مسودة الدستور الجديد بأنها لم تنل قدرًا كبيرًا من النقاش، مؤكدًا أنها شهدت أوسع حوار في تاريخ مصر، وعلى مدار 13 أو 14 دستورًا تم وضعها لمصر. وتساءل خلال كلمته لمؤتمر "دستور لكل المصريين" الذي عقد أمس: "كيف نصنع الرئيس ديكتاتورًا ولم يصبح رئيسًا بعد نظرًا لقصر الفترة الزمنية التي مرت على توليه شئون الحكم". فيما أكد الدكتور وحيد عبد المجيد عضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور أن القوى المدنية ستتخذ موقفًا حاسمًا من الجمعية التأسيسية، إذا فرضت دستورًا يعبر عن مغالبة التيار الإسلامي، ويهدم حقوق الأغلبية الساحقة للشعب المصري. وقال: "إن مسودة الدستور لم تعبر عن حقوق العديد من طوائف الشعب، على سبيل المثال وضعت مادة ضعيفة للغاية عن الفلاح، ولم تحمِ حقوق الفلاحين الفقراء، وفشلت محاولات نقيب المحامين عضو اللجنة في إقناع الأغلبية المسيطرة على اللجنة التأسيسية في وضع مواد تضمن حقوق المزارعين، علاوة على أنه لا يوجد ذكر للعمال وحقوقهم إلا من خلال نص هزلي". واعتبر أن الجمعية التأسيسية أضاعت وقتًا طويلاً في مواد خلافية لا قيمة لها، مثل محاولات النص على أن تكون هيئة كبار العلماء في الأزهر المرجعية الأساسية في الدولة، لتكون سلطة فوق الدولة، تحد من عمل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. وأشار إلى أن هناك أمورًا حدثت في اللجنة تثير الدهشة مثل محاولة إقحام "الله" في الدستور عبر النص على أن تكون "السيادة لله وليس للشعب"، مؤكدًا أن المخاطر قائمة وكثيرة ولابد من التوافق من أجل إصدار دستور يضمن الحقوق لجميع طبقات الشعب. فيما أكد الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تشكيل الجمعية التأسيسية الحالي هو سبب المواد الخلافية، بسبب غلبة السياسة على عمل الجمعية، نظرًا للانتماءات الحزبية التي نتج عنها تهميش كل مكونات المجتمع المصري. وأضاف أن السياسة تغلبت على مصالح كل فئات الشعب من العمال والفلاحين وغيرهم، معتبرًا أن النص الدستوري جاء لخدمة فئة واحدة فقط، وأن ما يحدث هو استخفاف شديد بمؤسسات الدولة. وانتقد تهميش الجمعية التأسيسية لمبدعي مصر من العلماء والأدباء والمفكرين، وكانت النتيجة أن وجدنا فقرًا شديدًا في الصياغة ولا تنظر إلى السنوات القادمة، موضحًا أن ذلك ظهر جليًا في باب الحريات والحقوق. وقال الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، إن صناعة الدستور في مصر تمر بأزمة كبيرة تتمثل في أزمة ثقة بين القوى السياسية، وأن بدايات الأزمة كانت مع تشكيل الجمعية الذي جاء على فكرة المغالبة التصويتية وحسمها حزب الحرية والعدالة، وأدى إلى غياب أساتذة القانون الدستوري الذين مثلوا ب4% فقط من الأعضاء ما جعلها تعاني فقرًا شديدًا في الصياغة وركاكة في الأسلوب. وأضاف نصار، أن مشكلة الجمعية التأسيسية أن هناك أزمة في فهم أعضاء التأسيسية لدور الدستور في المجتمع، وأنه هو المنظم للسلطات والحريات والقوانين، وهناك أزمة في إدارة الجمعية لأنها تدار بلا نظام، والدليل على ذلك هو خروج أكثر من 5 مسودات يتم الاختلاف عليها. وأشار نصار إلى أنه حتى الآن لم يطرح على الجمعية النظام السياسي الذي تسير عليه الدولة هل هو برلماني أم مختلط أم رئاسي، والذي على أساسه يتم وضع مواد الدستور. وأكد نصار أنه لا يوجد علاقة بين الدستور وتطبيق الشريعة الإسلامية؛ لأنه المنظم للقوانين والذي بدوره سينظم العمل بالشريعة أو بغيرها". وكشف نصار عن أن مسودة الدستور بها كارثة وهى أن النيابة العامة تتبع وزير العدل، مؤكدًا أن الأجهزة والمؤسسات المستقلة لا تمنح استقلالها إلا من خلال نصوص في الدستور. فيما طالب عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، تحت التأسيس، الجمعية التأسيسية بضرورة أن يحتضن الدستور الجديد الجوانب الاقتصادية، وربط الآليات الاقتصادية بتحقيق الأهداف الاجتماعية وكلاهما حق موجود بالباب الثاني في دستور 71. وتساءل موسى في رسالة وجهها إلى الجمعية التأسيسية من خلال مؤتمر "دستور لكل المصريين" تلاها نيابة عنه الدكتور محمد مدكور: "أين الدستور في مسألة الاقتراض وتداعياتها كما حدث في الدول الأوروبية كاليونان". وقال موسى في رسالته: "لابد أن يحتضن الدستور الجوانب الاقتصادية، ولابد من وضع مواد سياسية للموازنة العامة للدولة، ووضع حدود لتصرفات الحكومات في الاقتصاد كما يحدث الآن مع قرض الصندوق الدولي، متسائلاً كيف لا يتناول الدستور مفهوم الضريبة، ووضع قواعد لمن يدفعونها حتى لا يتحملها الفقراء لصالح الأغنياء، هذا بالإضافة إلى ضرورة وضع ضوابط في الدستور بشأن الصناديق الاجتماعية وتمويلات النشاطات السياسية. واعتبر الدكتور يحيي الجمل، الفقيه الدستوري، أننا في محنة حقيقية لجمعية دستورية تنطبق عليها فكرة المغالبة لا التوافق، مشددًا على أن الدستور بدايته سياسة ونهايته صياغة، فإن لم يوفق في السياسة فكيف يتم صياغته، فالصياغة حرفة غالية كحرفة صناعة الألماس.